الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معاهدة أبتاون مردف

معاهدة أبتاون مردف
17 سبتمبر 2010 20:59
معاهدة أبتاون مردف أجرى قريب لي عملية ربط لمعدته أصبح معها مضطراً إلى التقليل من الأكل، وبعد أسبوع كان قد فقد بضعة كيلوجرامات من وزنه، وبعد أسبوعين أصبح عرّاب العملية، ليس على لسانه سوى: حزام الربط.. حزام الربط. ولأنني وصلت مرحلة اليأس من السيطرة على وزني، فقد تسلل هذا القريب إلى مجاري الدم في جسمي موسوساً لي بإجراء العملية. عرفت كل الكائنات عن الخطوة التي أنوي القيام بها، وشجعني بعض أفراد عائلتي، لكن بعضهم الآخر قال إن وزني زائد قليلاً ويمكنني أن أسيطر عليه بسهولة، وهؤلاء يصحُّ فيهم المثل القائل: الدبُّ في عين أهله غزال. وكان أحد الحاضرين يستمع إليّ باهتمام شديد لكنه لم يسأل ولم يعقّب. في المساء جاءني اتصال هاتفي منه غيّر مجرى حياتي. كانت ليلة شتوية، تسللنا ونحن ملثمون من البرد بغترنا الحمراء إلى مركز أبتاون مردف بدبي، واجتمعنا في كوفي شوب مفتوح، وتعاهدنا نحن الثلاثة على البدء في عملية جديدة قد تغيّر من خريطة الشرق الأوسط. كان الاتصال من أحد أشقائي الذي يعاني مثلي، اجتمع بي وبابن شقيقة لنا يعاني هو أيضاً، وأخذ يسخر من العملية وأنها تجعل المرء عبداً لحزام تافه، هو الذي يتحكم فيه، وأن التقليل من الطعام متى كان بالرغم من أنف المرء أصبح بمنزلة القيد الحديدي حول حياته، سيكون التقليل عذاباً لا يطاق، وأنه بدلاً من أن يتحكم الحزام في طريقة أكلنا، لم لا نتحكم نحن بأنفسنا في أفواهنا؟ وأفضل شيء يمكن أن نفعله هو أن نتناول الطعام ببطء. ولأنني مغرم بالتفاصيل وتشتد حماستي للأشياء الجديدة فقد أخذ أخي يتكلم ساعة ويوضّح كل شيء بدقة، وأنا أشعر بأنني أفقد كيلو جراما واحدا مع كل دقيقة كلام، وبناء عليه كان يفترض أن أخسر 60 كلغم مع نهاية حديثه الذي ذكر فيه أن هناك هرمونا في منطقة البطن مسؤول عن تحفيز الجسم على الشعور بالجوع، وتناول الطعام ببطء يعطي المجال لذلك الهرمون بالعودة إلى مستوياته الطبيعية، ومن ثم ينخفض مستوى الجوع. فنحن نشعر بالشبع بعد فترة وجيزة من تناولنا كمية طعام قليلة، لأن بطوننا بالكاد عرفت أننا أكلنا، وفي الوقت نفسه، إذا أكلنا كمية كبيرة، فإننا نشعر بالشبع بعد المدة نفسها، أي أن الإحساس يأتي في الحالتين بعد المدة نفسها، لكن الفرق يكمن في الكمية. ومن المعروف أن أعلى المعدة هو أذكى أجزائها، وهو الجزء المسؤول عن إرسال الإشارات العصبية لمركز الشبع في المخ يبلغه بالامتلاء. لكن بالأكل البطيء، فإننا سندرك قبل فوات الأوان أننا شبعنا، ومن ثم تقل كمية الطعام التي نتناولها، ومن ثم تذهب الشراهة إلى غير رجعة، ومن ثم تنخفض أوزاننا، ومن ثم نحصل على قوام رشيق. والأمر الآخر الذي يجب أن ننتبه إليه هو أن نأكل بتركيز وأن ندقق فيما نأكله، ولا ننشغل أثناء الأكل إلا بالأكل، ونستشعر حجم وطبيعة وقيمة كل قطعة نضعها في أفواهنا، ونراقبها بأحاسيسنا وهي تدخل وتمر وتستقر في المعدة، وهكذا فإننا نلتقط إشارات الشبع أسرع وبطريقة أوضح. لكنني سألته: وكيف نأكل ببطء أصلاً؟ قال: أولاً يجب أن نمضغ طعامنا جيداً، وهناك في اليابان طريقة يفرض فيها المرء على نفسه بألا يبلع اللقمة إلا بعد أن يمضغها أكثر من 30 مرة، فهذه الطريقة، بالإضافة إلى أنها تطيل مدة الأكل وتبطئ من سرعته، فإنها تساعد على الهضم وراحة المعدة، فالأكل يصلها مهروساً ومقطعاً إلى أجزاء صغيرة. وثانياً أن نتوقف تماماً عن الأكل باليد، ونأكل بواسطة ملعقة صغيرة، أصغر ملعقة موجودة في العالم. الأهم من هذا كله، والكلام لشقيقي، أننا لن نحرم أنفسنا من أي شيء، سنأكل كل ما تشتهيه بطوننا لكن ببطء وبلقمة صغيرة. لن نعاني الحرمان، لن ننظر إلى الطعام اللذيذ ثم يسيل لعابنا ثم نقمع أنفسنا بعدم تناوله ونقنع أنفسنا بأن الرشاقة تستحق بعض العذاب، فالطريقة التي سنلجأ إليها لا تعرف العذاب، كُلْ ما تشاء، وكُلّ المطلوب هو أن تكون اللقمة صغيرة والأكل بطيئاً والمضغ طويلاً. لم يكن بإمكاني بعد أن استطاع أخي إقناعي الامتناع عن التوقيع على «معاهدة أبتاون مردف»، لكنني اشترطت عدم إدخال المعاهدة حيّز التنفيذ إلا بعد إجراء عملية ربط المعدة. أحمد أميري Ahmedamiri74@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©