الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«القراية عند المطوع» من معالم الزمن الجميل

«القراية عند المطوع» من معالم الزمن الجميل
17 سبتمبر 2010 21:09
مع عودة الطلاب إلى صفوفهم الدراسية يبدو من الملائم أن نتذكر كيف درس الاماراتيون الأوائل قبل خمسين عاماً أو أكثر، فبين البيوت السعفية والطينية، كان وجود «المطوع» الذي يؤم المصلين ويقرأ آيات القرآن على مرضاه، جزءاً مهما من منظومة الحياة. لكن الدور الأكبر الذي كان يقوم به المطوع باقتدار كان تعليم القراءة والكتابة للصغار من أبناء «الفريج». لم تكن المدارس بشكلها النظامي معروفة في أغلب أنحاء الامارات، وكان التعليم، في مجمله، جهوداً فردية من الذين أنعم الله عليهم بنعمة القراءة والكتابة، وكان أغلبهم من الرجال، ونادرا جدا أن تجد إحدى النساء تقرأ وتكتب. كان أهل الامارات يسمون تلك الحلقات التعليمية الصغيرة (القراية) وإن شاع اسم الكتاتيب عند ذكرها في المراجع، كان الطلبة يدخلون عند (المطوع) عند بلوغهم السابعة، وبعدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة. كان الفتية والفتيات ممن يستطيع أهلهم دفع (الخميسية) وهي أجرة المطوع التي يحصلها كل خميس هم الذين يمكنهم فقط التمتع بحفظ آيات القرآن وتعلمها، وعادة ما تتكفل الأم بتسجيل الطفل عند المطوع لأن معظم الآباء يغيبون في رحلات الغوص وطلب الرزق. اشتهر معظم المطاوعة بوجود العصي الطويلة التي يستخدمونها لضرب الطلاب وتأديبهم، ولم يكن الأهالي يجدون غضاضة في ذلك، بل على العكس يرحبون بأن يشاركهم أحد تأديب أبنائهم ويقولون للمطوع الكلمة المعروفة (هذا ولدك، سلم لنا العين) بمعنى أنه يمكنك ضربه في كل مكان إلا عيونه لا تؤذيها! كانت المصاحف التي يتعلم بها الأطفال حفظ القرآن هي المصاحف المجزأة التي تحوي جزءا واحدا من القرآن الكريم، وفي الغالب كانت طباعتها باكستانية تجلب من الحج أو الهند أو يجلبها المسافرون من الكويت والعراق، وتعامل بحرص كأنها إرث ثمين، توضع على ( المرفع) وهو لوحان خشبيان أو معدنيان متقاطعان يوضع فوقهما المصحف أمام كل طفل ليقرأ منه. وبعد انتهاء درس الاربعاء ينادي المطوع تلاميذه ليذكرهم بوجوب إحضار (الخميسية) وهي الأجرة الاسبوعية التي قد تكون مبلغا صغيرا من المال (آنة) أو «جيلة عيش» (مكيال من الأرز) أو «سدس طحين» ( مقدار من الطحين )، وفي مواسم الرطب يحضر الطلاب رطبا أو لبنا أو ما يتوافر من فواكه، وبقرب العيد يمكن أن تكون الخميسية قطعة قماش رجالية أو غترة، وللنساء قطعة قماش نسائية أو غطاء للرأس أو عباءة أو غيرها من الأغراض كل بحسب قدرة أهله المادية. وعادة ما ينسحب الطلاب من دروس المطوع بعد أن يتموا حفظ خمسة أجزاء من القرآن، إما لمساعدة أهلهم على متطلبات الحياة الصعبة أو هروبا من ضرب المطوع المبرح، وقلة منهم الذين يتمون ختم القرآن الكريم حفظا، ويستمرون في مرحلة تعلم القراءة والكتابة والتبحر في طلب العلم. بينما كان تعليم النساء لا يتجاوز حفظ آخر ثلاثة أجزاء من القرآن الكريم، لأن الثقافة التي كانت سائدة تنظر لتعليم المرأة بما يشبه «المحرمات»، وأكثر النساء لم يكن يحفظن أكثر من جزء عم وآيات من البقرة، وقلة نادرة منهن التي تعرف القراءة والكتابة، وفي الغالب لم تتعلم القراءة والكتابة إلا اللواتي سافرن إلى دول أخرى مع أهلهن في ذاك الزمن.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©