السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

النجار: الخطاط مثال للصبر والمجالدة والتهذيب والتعديل

النجار: الخطاط مثال للصبر والمجالدة والتهذيب والتعديل
7 يوليو 2014 00:52
جاء البرنامج الثقافي لاحتفالات الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية 2014م حافلاً بالعديد من المحاضرات، والندوات، والملتقيات، إلى جانب ورش العمل حيث ألقى يوم السبت الماضي الدكتور فكري عبد المنعم النجار، الأستاذ المحاضر بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الشارقة، محاضرة بعنوان: «مع الخطاطين في شهر رمضان المبارك» في قاعة ملتقى الكتاب بمركز اكسبو الشارقة. وتناول النجار في محاضرته فضل الخط العربي، حيث أوضح أن الخط في اللغة هو الكتب أو الكتابة بالقلم وغيره، وفي الاصطلاح: ملكة تنضبط بها حركة الأنامل بالقلم على قواعد مخصوصة، وهذه الملكة تتربى بالتعليم، وتقوى بالتمرين والاجتهاد. فالخط مهارة يدوية تحتاج إلى الدقة والتأني والصبر والتقليد والاستعداد النفسي. ورصد النجار في سياق حديثه فضل الخط قائلاً: جاء في الفهرست لابن النديم (ت 385 هـ): الخط رياض العلوم، والخط أصيل في الروح، وإن ظهر بحواس البدن. وجاء في أدب الكاتب لابن قتيبة (ت 276 هـ): القلم صائغ الكلام، ومُفْرِغُ ما يجمعه العلْمُ. وجاء في البصائر والذخائر لأبي حيان التوحيدي (ت 414 هـ): الخط لسان اليد، والخط مركب البيان، والخط سمط الحكمة يفصل شذورها وينظم منثورها، والخط جسم روحه الكلام، ولا ينتفع بجسم لا روح فيه. وجاء في محاضرات الأدباء للراغب الأصفهاني (ت 402 هـ): العلم شجر والخط ثمر. ويتوج كل هذا بالمقولة الجميلة: الخط الحسن يزيد الحق وضوحاً، أو بالمقولة التي يحبها الخطاطون «حسن الخط من مفاتيح الرزق». وأضاف النجار: ليس كل إنسان قابلاً لأن يكون خطاطاً، إذ أن الخط يعتبر من أدق الأشكال الهندسية. والخطاط من وجهة نظري بناء للمجد.. بناء للفن.. غراس للهوية، والقيم العليا، والتقاليد المجتمعية الأصيلة. وتساءل النجار: ماذا عن سلوك الخطاطين في شهر رمضان؟ وحدد الإجابة في النقاط التالية: استشعار الخطاط المسلم محبة الله ورسوله، لأن هذه المحبة تجعل الخطاط يشعر بحلاوة الإيمان وطمأنينة النفس، وسكينة الروح، وهدوء البال فينعكس هذا الجو الإيماني على خطه، فيبدع أجمل اللوحات والخطوط، ويكتبها متذوقا معانيها. واستشعار الخطاط المسلم معنى التقوى: فهي الغاية العظمى من الصيام، فإذا ما استشعر الخطاط معاني التقوى فإنه يترجمها عملياً في أداء واجباته تجاه ربه، ودينه، ووطنه، ومجتمعه، ووالديه، وكل المخلوقات. واستشعار الخطاط المسلم معنى الصبر، فالخط يقوم في أصله على الصبر والمجالدة في الحك والتهذيب، والإكساء، والتنقيح، والتعديل، وصولاً إلى أعلى صيغ في بناء اللوحة الخطية. واستشعار الخطاط المسلم ببركة الزمان في شهر رمضان: ففي شهر رمضان خصوصاً يشعر الخطاط بالرضا وهذا الشعور يضفي عليه أماناً نفسياً وسمواً في التفكير وروعة في الأداء. وأضاف النجار: المطالعة في علوم القرآن والسنة النبوية الشريفة واللغة العربية ضرورية لكل خطاط مسلم، وذلك من أجل التثقيف الديني ومعرفة النصوص المناسبة للكتابة، وتصميم اللوحات الخطية. وفي هذا الجانب يؤكد ابن مقلة المتوفي سنة 328 هـ في رسالته حول الخط والقلم أن يكون الخطاط متفهماً في خطه، عالماً بما جاء في النحو، والإعراب، والمقصور، والمنقوص، والممدود، والموصول، والمذكر والمؤنث، وأن يكون سليم الهجاء. وتابع النجار: أيضاً من سلوك الخطاطين في هذا الشهر توطيد علاقة الخطاط المسلم بالقرآن الكريم، عن طريق التلاوة، والحفظ، والتفسير، والكتابة، والرسم، والتدوين، والتذهيب، انطلاقاً من واقع العلاقة التاريخية بين الخط العربي والآيات القرآنية. وأشار إلى أن المسلمين الأوائل حاولوا جاهدين الإبقاء على صورة المصحف الإمام في الرسم، وهو المصحف الذي دون في عهد سيدنا عثمان، وقد بذلت محاولات لكتابة القرآن برسم مخالف لرسم مصحف عثمان، لكن جمهرة العلماء اعتبروا هذا الرسم التزاماً شرعياً لا يصح العدول عنه، فجلال الخط القرآني من جلال القرآن. وأوضح النجار أن علاقة الخط العربي وشهر رمضان بالهوية ليس فيما يخطه الخطاط فحسب، وليس فيما ينسخه الناسخ فحسب، وليس فما يقرأه القارئ فحسب، وليس فيما تراه عين الرائي فتسر بجماله فحسب بل هي هوية وكيان بهما وخلالهما تواصل الثقافة العربية الإسلامية مسيرتها نحو آفاق أرحب من العطاءات الإنسانية المتجددة على الدوام. مؤكداً أن الخط العربي ديوان يحفظ هويتنا، نبت في بيئة عربية أصيلة تذكرنا بجذورنا، وتذكرنا بعروبتنا وماضينا وتاريخنا. (الشارقة - الاتحاد)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©