السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

محللون يفرطون في الهدم

11 أكتوبر 2017 20:42
أوجاع كرتنا العربية التي تظهر أعراضها في خيبات الرجاء وفي الإقصاءات المتكررة من كبريات التظاهرات الكروية العالمية، وفي عدم استقرار منتخباتنا وثباتها على حال واحد، لا يمكن أن ترد فقط إلى ما يعتري التدبير من اختلالات وما تكون عليه اختيارات الربابنة الفنيين من مزاجية تسفه كل المعايير الرياضية والفنية، وما يواجهه لاعبونا من مصاعب في التطابق مع الأسلوب الاحترافي، ولكن لا بد أن ترد الأوجاع إلى نوبات الهوس التي تصيب أحياناً الإعلام الرياضي فينحرف كلياً عن جادة الصواب، ليتحول إلى معول هدم لا إلى رافعة للبناء. لم يكن رغياً ولا مزايدة أن يقال دائماً إن النجاحات تتحقق بتكامل كل أضلاع المنظومة، كما أن الإخفاقات لا بد أن ترد لكل المكونات بما فيها الإعلام الذي ابتلي في العقدين الأخيرين بمن يصطلح عليهم في العادة، محللون رياضيون يؤتي بهم إلى منصات إعلامية، إما مشاهدة وإما مسموعة وإما مقروءة بنسب عالية، ليطلب منهم في محاكاة لما يحدث عند الآخرين الذين سعينا دائماً لاستنساخ أفكارهم، تحليل الظواهر واستقراء الأحداث ومساعدة المتلقي على فهم ما يجري أمامه، بلغة مبسطة وواضحة وبتجرد كبير وأيضاً بحيادية كاملة تساعد على إنتاج ما نسميه بالنقد الهادف. وقد وجدنا قنواتنا التلفزيونية ومحطاتنا الإذاعية، تتسابق بكثير من الشراهة، بفعل التنافس الشديد في ما بينها لنيل أكبر قاعدة من المشاهدين والمستمعين، لاستقطاب هذا النجم أو ذاك، وأحياناً من دون الاحتكام لمعيار آخر غير معيار النجومية، بينما هو موكول لهؤلاء أن يقوموا بعملية نقد تتطلب إتقانهم لخطاب المقارنة والإقناع، وأن يكونوا على دراية كاملة بالأبعاد العلمية للتدبير التكتيكي للمباريات وبالإكراهات التي تلاحق المدربين في عملهم اليومي، بل أن يتمكنوا من إنجاز المسافات التي يجب أن يأخذوها عن كل الأحداث التي يطلب منهم تقييمها والحكم عليها، لتكون الأحكام مرنة وغير قاطعة ولا جازمة، وليحدثوا التراكم الذي به تتطور الأشياء. في كثير من التحاليل التي تضج بها منصات الإعلام العربي، وهنا بالطبع لا أعمم لأن بالفعل هناك استثناءات، نجد استباحة للعرض الكروي ونجد تطفلاً كبيراً على النقد الرياضي لعدم التمكن من كل أدواته، ونجد شروعاً في إعدام مدربين وناخبين وأندية ومنتخبات، بل من المحللين من يعمد جهاراً وبلا أدنى رقابة ذاتية إلى تصفية الحسابات في مشهد بدء لا يفطن إليه لغاية الأسف أكثر الزملاء الذين يعهد إليهم إدارة استديوهات التحليل. في النهاية يأتي التحليل الرياضي بخروجه عن جادة العقل، بنقيض ما هو منتظر منه، فيسقط البيت على الرؤوس ولا نعرف بمن سنبدأ في عملية التطهير.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©