الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

نساء «جيل البِيت».. ثوريات الشعر الأميركي

نساء «جيل البِيت».. ثوريات الشعر الأميركي
26 أغسطس 2018 01:56

أحمد عثمان (باريس)

لا يعرف الكثيرون من متابعي حركة «جيل البيت» الأميركية توفرها على عدد معتبر من الشاعرات. وذلك لملابسات عدة تتبدى مع قراءة أنطولوجيا «حالة البيت، شاعرات جيل البيت» الصادر مؤخراً عن مطبوعات بروتو دوسي، من إعداد وتحرير سيباستيان غافينييه وآناليزا ماري بيغروم، كمحاولة لرد الاعتبار وتحية لعشر شاعرات أميركيات انتمين إلى حركة متمردة خلال الخمسينيات والستينيات من القرن الفائت، وقبعن في ظل الوجوه الذكورية للحركة.
وهكذا، كانت النساء حاضرات هنا. و«جيل البيت» Beat Generation، ليس حركة ذكورية فقط، كما صنعتها الأسطورة التي التفت كهالة حول وجه جاك كيرواك، وآلن غينسبرغ وويليام بوروز. فقد كان من رموزها أيضاً الشاعرات: دينيس ليفرتوف، لينور كاندل، إليز كوينن، ديان دي بريما، هيتي جونز، جوان كيغر، جانين بومي فيغا، ماري نوربرت كورت، آن فالدمان.
في هذه الأنطولوجيا والمثيرة للاهتمام، جمعت آناليزا ماري بيغروم وسيباستيان غافينييه وترجما إلى الفرنسية عشرات القصائد لشاعرات مجهولات ـ على الأقل بالنسبة لجمهور عريض طالما احتفى بكتابات «جيل البيت» في العالم بأسره ـ شكلن، من قريب ومن بعيد جزءاً من حركة ثوّرت الآداب الأميركية في الستينيات من القرن الفائت.
من يعرف إليز كوين، الشاعرة المتمردة التي انتحرت في سن الثامنة والعشرين؟ أو ماري توربرت كورت، التي غادرت الدير نهائياً بعد أن شاركت في ندوة شعرية لغنسبرغ؟ أو جوان كيغر، التي وسمت كتاباتها بتجارب مستمدة من تعاطي الحبوب المخدرة والاعتقادات البوذية؟َ أو ديان دي بريما، التي اعتقلها (أف. بي. آي.) «لخروجها عن المألوف الأخلاقي» في كتاباتها؟ أو حتى هيتي جونز، تلك الشابة اليهودية التي تزوجت في عام 1958 في معبد بوذي (الفضيحة الأولى) مع فنان أفرو-أميركي (آميري بركة) المعروف باسم «الملك جونز» (الفضيحة الثانية)؟
نكتشف لدى هذه «النساء الشاعرات» المنتميات إلى «جيل البيت» أن القصائد ليست إلا سلوكاً احتجاجياً، أو «حلا» ـ على حد تأكيد هيتي جونز ـ للحياة الخاصة كما الحياة العامة، أمام المأزق الذي يضعه المجتمع المحيط، وبالأخص المكانة المنتقصة للمرأة فيه. ولهذا، كان تمردهن نوعاً من الترويج بالكلمة لحقوقهن.
في الخمسينيات والستينيات من القرن الفائت، قاسمت هذه النساء تجارب رجال «جيل البيت» الذين عرفهم التاريخ الأدبي فقط. مثلهم، كانت نصوصهن موسومة بكل خصائص كتابة «جيل البيت»: لغة مهشمة متأثرة بإيقاع الجاز، قسوة الوصف، الاهتمام بالرحلة والبحث الروحاني. بيد أنهن امتلكن مزية إضافية: نساء متمردات في مجتمع أميركي قائم على الفصل بين الجنسين آنذاك بصورة كبيرة. لقد كتبن بوضوح صادم أحلامهن ورغباتهن إلى حد لم تجرؤ كاتبة أخرى بعد ذاك على الكتابة مثلهن.
هو ذا ما يبين الغياب الكلي لجيل لاحق لهذه النساء، اللاتي نشرن القليل من أعمالهن وقتذاك، وحتى اليوم: «يظل الفن دوماً حكراً على الرجال»، كتبت بيغروم وغافينييه، اللذان اهتما بإضافة بيوغرافيا مختصرة لكل شاعرة: «النساء، قبل أي شيء، حارسات المنزل، محظيات، أو بالأحرى الأيدي الصغيرة القابعة خلف الرجال الكبار. بطريقة واعية أو غير واعية، تحت ثقل وعود المجتمع، تركن أماكنهن». تمردن وكتبن. في بعض الأحيان، تم حظر نصوصهن، سواء من النشر أو من العائلة أو المقربين. مثلاً، بعد وفاة إليز كوين في عام 1962، حرق أقاربها نصوصها. لا يوجد اليوم سوى دفتر صغير نجا من هذه المحرقة، نشر عام 2014. والكتاب يرفع الستار عن مرحلة ثرية في الأدب الأميركي، مرحلة مجهولة، ولكنها بلا شك قامت بدور كبير في الحركة الأدبية الأميركية.

الكتاب:
Sébastien Gavignet et Annalisa Marí Pegrum (dir.) Beat Attitude, femmes poètes de la Beat Generation Editions Bruno Doucey, 208 pp., 20 €.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©