الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

أطباء يطالبون بخطة لبناء الثقة في المستشفيات والكوادر الطبية

23 مايو 2006
دبي - سامي أبو العز:
كثيرون يفضلون السفر إلى دول جنوب شرق آسيا للعلاج والتداوي آملين في الوصول السريع إلى حلول لمعاناتهم ومشكلاتهم المرضية·
والسؤال الذي يفرض نفسه لماذا تحولت هذه الدول إلى قبلة للمرضى تقدم لهم أفضل الخدمات بأقل الأسعار بدرجة كبيرة من الاتقان - ولا تخلو ايضاً من الاخطاء - حتى انها استحدثت سوقاً جديدة لدعم اقتصادياتها تحت مسمى السياحة العلاجية؟ في حين لم تفلح التجهيزات الحديثة التي تتمتع بها مستشفيات الدولة - والتي تعمل على استقطاب الكفاءات الطبية النادرة - في جذب المرضى والاستفادة بما ينفقونه في الخارج·
المرضى هاجموا البيروقراطية والاجراءات الروتينية وطابور الانتظار وقلة الاطباء في المستشفيات الحكومية بالاضافة إلى فقدان الثقة في بعض الأطباء وهروب الكفاءات الطبية إلى القطاع الخاص ، لذا تصبح المقارنة في النهاية لصالح السفر للخارج·
أما الاطباء فيطالبون بوضع خطة استراتيجية لبناء الثقة في المستشفيات الحكومية وكوادرها الطبية·
هناك حكايات كثيرة تفسر سبب مبادرة المرضى الفورية بالذهاب إلى الخارج بحثاً عن العلاج·· نروي إحدها على لسان صاحبها عبدالرسول محمود - مواطن - اصيب بحروق بنسبة 75 بالمئة عندما اشتعلت النيران في جسده في ديسمبر الماضي ،قائلاً: اتصل الجيران بالاسعاف لإنقاذي والتي جاءت بعد ساعتين ونصف حيث اعيش في منطقة القوز وتم نقلي إلى مستشفى راشد حتى تم السيطرة على حالتي وخرجت من الحالة الحرجة وقرر أهلي سفري إلى سنغافورة لتقدمهم في علاج حالتي خصوصاً ان الحريق عندما تزيد نسبته عن 60 بالمئة يدخل مرحلة الخطر وهناك في مستشفى سنغافورة العام وجدت خدمات لا مثيل لها وإن كان العلاج واحدا إلا أن الفارق كبير جداً في خدمات التمريض والعناية وتقديم كافة سبل الراحة للمرضى وبقيت هناك شهرا ونصفا -عن طريق الحكومة -اجريت خلالها 7 عمليات ترقيع والحمد لله الأمور استقرت وعدت سالماً·
معاناة لا تنتهي
وهناك معاناة أخرى عاشها مواطن -رفض ذكر إسمه- هو وولداه مع المرض وبطء العلاج في المستشفيات الحكومية حيث اصيب بجلطة في عام 2001 وتم تحويله إلى مستشفى راشد حيث تم إذابة الجلطة وتم ارساله إلى الخارج لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة وهناك أجروا له قسطرة، أما معاناته مع احد ابنائه فتبدأ بسقوطه من فوق الحصان اثناء تدريب الخيل فتأثرت الفقرة الرابعة والخامسة وأصيب بانزلاق غضروفي بسبب الضغط على اعصابه ، ونقل الى مستشفى راشد ، ووبقي شهرين هناك بدون تحسن حيث كان يعيش على المهدئات فقط فقرر سفره للعلاج في الخارج وحصل على الموافقات اللازمة وتم اجراء العمليات الجراحية المطلوبة حتى شفي وبدأ مرحلة العلاج الطبيعي للفقرات لكن مصروفاته فاقت الميزانية المخصصة بما يزيد عن 20 ألف درهم وطلب من المسؤولين ارسال المبلغ المتبقي حسب النظام المتبع إلا أنهم اتصلوا بالمستشفى فرد عليهم شخص غير معني وأخبرهم أنه يمكن استكمال العلاج في الدولة فقرروا عودتهم·
وذهب إلى نادي الضباط حيث تم اجراء اللازم على أكمل وجه وبعد شهرين عاد ابنه يركض من جديد·
وروى حكايته مع مرض ابنه الثاني قائلاً اصيب ابني الثاني بانزلاق وبقي في مستشفى راشد لمدة شهر ونصف الشهر بدون تحسن واعطوه عكازين وذهبت به إلى نادي ضباط شرطة دبي وأنعم الله عليه بالشفاء·
وأرجع تكالب المرضى على السفر للعلاج في الخارج لعدم وجود الخبرات الكافية وقلة الأطباء المتخصصين وخوف المريض وطالب ببناء الثقة بين المريض والطبيب المواطن ودقة التشخيص فلا يجوز ان يشخص طبيب عام حالات في غير تخصصه·
السياحة العلاجية
بدأ ازدهار العلاج في دول جنوب شرق آسيا منذ ثلاث سنوات وبدأت حركة كبيرة ومنظمة في استقطاب السياحة العلاجية - كما يقول الدكتور حسين آل رحمة رئيس قسم العناية المركزة في مستشفى راشد - ويضيف ان أغلب هذه المستشفيات تقدم خدمات 'خمس نجوم' فهي مستشفيات فندقية، مشيرا إلى ان هذه الدول تمتلك خبرات طبية جيدة وإن كان هذا لا يعفيهم من وجود أخطاء لكنهم يتمتعون بالسمعة الطيبة ورخص الأسعار·
وأضاف أن المستشفيات داخل الدولة تخصصاتها محدودة فمثلاً مستشفى راشد هي الوحيدة التي تستقبل حالات الحوادث الحرجة والصعبة ونظراً للضغوط الشديدة عليها فلا يتوقع أن تكون النتائج النهائية جيدة مما خلق انطباعاً سيئاً عند بعض الناس·
وأوضح أن مستشفى راشد عندما بني عام 1973 كان وقتها تعداد سكان دبي 200 ألف نسمة تقريباً أما الآن فأصبح يقترب من 2 مليون· وزيادة عدد الأسرة خلال هذه السنوات لا يواكب الزيادة السكانية حيث زادت الحوادث المنزلية كما زادت حوادث الطرق والعمل رغم جودة الخدمات الطبية والأجهزة المتطورة·
وكشف عن فقدان ثقة الناس في الأطباء ما يخلق مشكلة كبيرة مطالباً بوضع خطة استراتيجية لبناء جسر من الثقة في المستشفيات الحكومية·
أسباب انعدام الثقة
ويتفق الدكتور يونس كاظم استاذ ورئيس قسم الأوعية الدموية في مستشفى راشد مع الرأي السابق ، قائلاً إن مستشفيات الدولة لا تقل تقنية عن المستشفيات الموجودة بالخارج وتضم عدداً من الخبراء الأجانب الذين يشاركوننا في التشخيص والعلاج وان الأجهزة الموجودة بها حديثة جداً وقادرة على تشخيص الحالات المستعصية·· كما ان اطباءنا قادرون على التشخيص والعلاج بشكل جيد ومستوى العلاج يضاهي المستوى الموجود في أكبر المستشفيات العالمية في أوروبا وأميركا·· وأضاف ان المشكلة تكمن في عدم ثقة المريض في أطباء الدولة وأرجع ذلك لعدة أسباب منها أن أحد أفراد عائلة المريض ربما يكون قد تعرض من قبل لمضاعفات ، اصبحت غير متقبلة لبعض أفراد الأسرة فتولدت عدم الثقة المبنية على بواعث عاطفية وقال: رغم اننا نقوم بتشخيص الحالة إلا أن عدم ثقة المريض تدفعه للسفر واستكمال العلاج في الخارج بالاضافة إلى تقبل المريض للمضاعفات التي تحدث له في الخارج وعدم تقبلها في الدولة فعندنا حالات مثلاً شخصناها بالبتر واعترض اصحابها وتمت معالجتها في الخارج بالبتر ايضاً فالمشكلة تكمن في ثقافة عدم العلاج في الداخل·
وأضاف الدكتور كاظم أنه على الرغم من ضآلة نسبة الاخطاء الطبية عندنا إلا انه يتم تعميمها علماً أن الاخطاء الطبية موجودة في كل دول العالم· وعند وجود حالة طبية معقدة لا يمكن علاجها في الدولة نقوم باستشارة اطباء عالميين لعلاجها حتى نستبعد وجود مضاعفات فالحقيقة تؤكد أن 50 بالمائة من العلاج يتمثل الثقة بين الطبيب والمريض·
هروب الكفاءات
وحول أسباب هروب الكفاءات الطبية من المستشفيات الحكومية إلى الخاصة أجاب الدكتور يونس كاظم ان العمل في القطاع الخاص مغر مما يشجع الطبيب على اللجوء اليه·· لكن أكثر هذه المستشفيات يكون اتجاهها أقرب إلى التجاري منه إلى العلاجي كما ان المستشفيات الخاصة تتميز بسهولة الاجراءات التي تفتقدها الدوائر الحكومية وتعمل بعيداً عن البيروقراطية والاجراءات الروتينية
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©