الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

من ينتظر من في لبنان ؟! (1-2)

23 مايو 2006
بيروت ·· لعبة الرهان على الوقت تفرض سكون المراوحة
بيروت : رفيق نصرالله
ثمة من يراهن على الوقت هنا، وثمة من يضرب كفاً بكف لأن احداً ربما لم يعد يعرف ما يجري في الصالونات السياسية اللبنانية·· يطرح البعض اسئلة صعبة، منها: ماذا يريد الاميركيون فعلاً؟ ولماذا توقفت الوساطة العربية؟ وما هي طبيعة البعد الايراني في الازمة؟ وهل المشكلة فعلاً في مزارع شبعا ام في مكان آخر؟ ولماذا لا تزال طريق دمشق مقفلة امام رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة؟
أسئلة كثيرة تبدو معلقة الاجابات فيما يظل الحوار الذي يجمع بعض القيادات اللبنانية حول طاولة مستديرة مجرد حوار وليس فرصة حقيقية لحسم الخيارات فثمة من يعتقد ان كلمة السر في مكان آخر وليس حول هذه الطاولة بالرغم من انها تجمع من هو مضطر لتبادل الابتسامات وأخذ الصور التذكارية·
انها لعبة الوقت يمارسها الاطراف بكثير من الصبر والتفنن في تجاوز المطبات، فريق يرى ان كل الامور يجب ان تبقى معلقة حتى يتم الكشف عن مضمون التحقيق الذي يقوم به رئيس لجنة التحقيق الدولية سيرج براميرتس وبالتالي واستناداً الى ما سيحمله من حقائق ستشهد الأزمة ككل انعطافة كبيرة بكل أبعادها وصولاً الى الموقف من سوريا فيما اذا كانت متهمة او العكس ولذلك يجب ان يقطع هذا الفريق الوقت كيفما تيسّر وان يظل مشاركاً في الحوار وان يبقى تحت سقف المراوحة دون الانزلاق الى أزمات كبرى·
وليس خافياً ان من يؤيد وجهة النظر هذه هو تيار المستقبل وقوى14 مارس وبعض الاطراف الاخرى التي ترى ان معيار حسم الخيارات لا بد وان ينطلق من حسم ملف التحقيقات حتى ولو تأخرت قليلاً·
عض الاصابع
بالمقابل الفريق الآخر يعتبر انه كلما مر الوقت خسر المشروع الذي بدأ بعد اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري مقوماته وهو ما اكدته التجارب حتى الآن حيث خسر فريق 14 آذار الكثير من الرهانات التي بموجبها تمّ رفع عناوين كثيرة وحقق هذا الفريق بعض الانتصارات بملف الاجهزة الامنية، الى جانب ما جرى من نتائج بعد انسحاب الجيش السوري، ومحاولة حصار رئيس الجمهورية لدفعه الى الاستقالة· لكن ما جرى على الارض فيما بعد ادى الى خسارات متتالية للكثير من العناوين بما في ذلك دفع اميل لحود الى الاستقالة، كذلك في موضوع سحب سلاح المقاومة بعد خوض معركة (لا لبنانية مزارع شبعا) وصولاً الى السلاح الفلسطيني واحداث تغييرات في البنى العسكرية والسياسية في البلاد·
وهذا الفريق يرى ان الوقت هو مقبرة للاندفاعات العاطفية غير المدروسة وان الوقت ليس لصالح الاميركيين والفرنسيين باعتبار أن 'جاك شيراك' في مرحلة الوداع فرنسياً وان الادارة الاميركية كلما خسرت الوقت ، وبدأت تقترب من انتخابات الكونغرس وغيرها فإن اهتماماتها ستتراجع عن لبنان تحديداً فيما هي لا تزال غارقة في الوحل العراقي وهو ما يعني ان واشنطن لا بد وان تصاب بنوع من اليأس نتيجة التعقيدات اللبنانية التي يبدو انها غير قابلة للحسم في هذه المرحلة، وفي ظل هذه المؤثرات الاقليمية سواء ما جرى على مستوى التحالف الايراني - السوري وصولاً الى حزب الله وقوى اخرى في لبنان، او ما جرى في الاراضي المحتلة بعد وصول حماس الى السلطة·
والرهان على الوقت يعني لبنانياً على الارض محاصرة اداء حكومة الرئيس فؤاد السنيورة حيث بدت هذه الحكومة انها غير قادرة على اداء مهامها فعلاً وهي تظهر كما لو انها حكومة تصريف اعمال وانه لا يمكن الاستغناء عنها بالمقابل لان كل الاطراف تعرف صعوبة تشكيل حكومة جديدة بعد حالات الفرز السياسي التي نشأت في البلاد والتي هي ايضاً تساهم في شل اداء الحكومة مما انعكس اوضاعاً صعبة على الصعيد الاقتصادي ودفع بحكومة السنيورة الى عملية تراجع عن خطتها الاقتصادية ومنها الورقة الاصلاحية والتي ادت بعض بنودها الى نزول اكثر من ثلاثمئة ألف لبناني للتظاهر في العاشر من مايو الجاري لتأكيد رفض بعض القوى لهذه الورقة، وهذا يعني بالمحصلة ان جهود الحكومة من اجل عقد مؤتمر بيروت1 وفي ظل هذه الظروف باتت تواجه صعوبات قد تدفع ببعض الدول المعنية بانتقاد هذا المؤتمر الى الطلب بتجميد الخطوة او تأخيرها حتى تتوفر مناخات اخرى هي غير متوفرة الآن·
سكون الحركة
إن نوعاً من سكو الحركة نيفرض نفسه من خلال سياسة المراوحة على الساحة اللبنانية، ويبدو اللعب على مسرح الاحداث انه لعب للكبار كما هو لعب للصغار عبر القوى المحلية·
الأميركيون حاضرون بفعالية في هذه المرحلة ويكاد يصل الى مطار بيروت موفد أميركي ليلتقي موفداً آخر وهو يغادر فيما تنشط الدبلوماسية الفرنسية بلعب دور مميز في هذه الفترة، كذلك بعض الجهات الاوروبية المتناغمة مع الدور الاميركي والفرنسي·
وعلى الخط المواجه تبدو المؤثرات السورية واضحة ومعها قوة دفع ايرانية الى جانب مؤثرات اخرى تريد مواجهة البعد الاميركي في الازمة، بل ان ثمة ما يشبه الصدام المباشر بين القوتين المؤثرتين، وتحت مظلة هذا التصادم يتم فرز القوى المحلية بين من يعمل للتوجه الآخر او التوجه الثاني·
وامام هذا الواقع تبدو (المبادرة العربية) انها تراجعت بعد ان تحركت بفعالية اكبر خلال الاشهر الثلاثة الماضية بل ان ثمة من يطرح علامات استفهام حول الاسباب الحقيقية لتراجع المبادرة العربية والتي كانت تختصر بدور سعودي - مصري مشترك، وهو ما ترجم باتصالات مباشرة مع كل الاطراف وبتبادل الافكار التي من بينها دفع كل الاطراف المعنية الى طاولة الحوار· لكن بدا مؤخراً ان روحية المبادرة قد تراجعت وان ثمة من طلب ذلك·
··إلاّ إذا !
ان واشنطن نفسها ايضاً تبدو كما لو انها تبدل من ادائها على الساحة اللبنانية، فبعد المواقف الصلبة والشديدة التي اتسم بها التحرك الاميركي على الساحة تجاه بعض الاطراف عقب مقتل الحريري بدأت هذه السياسة تتراجع واعادت واشنطن فتح قنوات اتصال مع قوى الثامن من آذار، وسجلت اتصالات علنية وغير علنية على هذا الصعيد، حتى ان بعض التصريحات النارية ضد سوريا قد خفت قليلاً وان لم تغب تماماً·
كما لاحظ مراقبون لبنانيون أن الاتهامات الاميركية السابقة لسوريا حول وضعية الحدود مع العراق وتسلل بعض القوى من سوريا قد غابت تماماً عن المواقف الاميركية، وهنا تطرح بعض القوى اللبنانية التساؤل عما يجري ، وهل أن ثمة ما طرأ دفع بالأميركيين الى احداث بعض التراجعات وهو ما أثر على مواقف قوى الرابع عشر من مارس في لبنان، كما ساعد على عدم حسم خيار اقالة الرئيس اميل لحود، لان نوعاً من كلمة السر بدا انه وصل الى الساحة اللبنانية وادى الى تجاوز عقدة الرئاسة·
وتفسر بعض الاطراف ما جرى بأنه لا يمكن ان يجري الا اذا كان الاميركيون راضين بذلك، اما لو ان الجانب الاميركي ظل على اصراره حول موضوع الرئاسة فان الوضع كان ليختلف عما وصل اليه·
لقد راهن رئيس التيار الوطني الحر ميشيل عون على ان قوى الرابع عشر من آذار ستفشل في موضوع الرئاسة ولعب على الوقت حتى وصل مؤتمر الحوار الى ما وصل اليه، وهنا خرج عون من المؤتمر ليطلق
ابتسامة عريضة هي الاولى من نوعها منذ ان عاد في شهر مايو من العام 2005 الى لبنان، وبدا انه انتصر في رهانه مؤكداً ان احداً لن يصل الى مبتغاه حيال الرئاسة في هذه المرحلة وانه لا يزال اقوى المرشحين للوصول الى بعبدا بعد
انتهاء ولاية الرئيس الحالي اميل لحود الذي يؤكد امام زواره بكثير من الثقة انه باقٍ في القصر الجمهوري حتى الدقائق الاخيرة من انتهاء ولايته وان كان البعض يربط هذه العبارة بعبارة اخرى تقول (الا اذا) وهذه (الا اذا) تعني امكانية وقوع اي مفاجأة محلية او اقليمية او حصول ما لم يكن في الحسبان مما قد يبدل من المعطيات القائمة ومنها ما قد يتضمنه التحقيق الدولي من نتائج وهذا يدل ايضاً على ارتباط ملف الرئاسة بتمرير الوقت ومحاولة انتظار ما يمكن انتظاره·
إن العناوين الساخنة كثيرة على الساحة اللبنانية وهي تبدو كما لو انها عناوين تتجاوز الوقت· فبعد ان شغل عنوان هوية مزارع شبعا بال اللبنانيين ووصل الى مجلس الامن والدوائر الدولية وجرى تبادل المعلومات والخرائط تمهيداً للدخول الى نزع سلاح المقاومة، سرعان ما تراجع هذا العنوان الذي احدث ارباكاً كبيراً ليس للقوى المحلية بل لحكومة السنيورة، فالرجل وجد نفسه بين ابواب كلها تعود الى جهنم، فويل له اذا اعلنها لبنانية بصراحة فهو سيواجه بمن يشكك بلبنانيتها، وويل له اذا لم يصرح بمثل ما صرح في واشنطن· وويل له إذا عاد الى بيروت ليواجه بمثل ما واجه من حملات·
ومع تراجع عنوان هوية مزارع شبعا، برز عنوان الرئاسة وها هو يتراجع من التداول، ليحل محله مرة اخرى السلاح الفلسطيني بعد ان جاءت المفاجأة من منطقة ينطا قرب الحدود السورية حيث وقع الاشتباك بين الجيش اللبناني وعناصر من حركة فتح - الانتفاضة التي يقودها ابو موسى الموجود في دمشق· ولعل حسم السلاح الفلسطيني هو ايضاً برسم الرهان على الوقت بعد ما فشل مؤتمر الحوار في التوصل الى اتفاق واعطى فرصة 6 أشهر لحل هذه العقدة متيحاً الفرصة لاتخاذ خطوات تشكل نوعاً من الضمانات للفلسطينيين منها اعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت، واعطاء حرية الحركة لبعض القيادات اللبنانية على غرار ما قام به أمين سر حركة فتح في لبنان 'سلطان ابو العينين' المحكوم بالاعدام قبل اشهر والمحكوم بالحرية الكاملة الآن بعد الغاء هذا الحكم واسقاطه في سياق الخطوات المتخذة بشأن وضعية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والتي من بينها اتخاذ قرار قريب بحرية التملك للفلسطينيين على غرار ما يملك العرب، وايضاً اتاحة الفرصة للعمل امامهم·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©