الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ثواب الصيام.. اختص الله به نفسه

21 يونيو 2015 22:15
أحمد محمد (القاهرة) الصيام سر بين العبد وربه لا يطلع عليه إلا الله، وهو يجزي به، أبعد الأعمال عن الرياء، أمر خفي، وله مزية خاصة، فجميع العبادات توفى منها مظالم العباد يوم القيامة، إلا الصوم لا يؤخذ منه كفارات للذنوب، وهو العبادة الوحيدة التي لم تنصرف لغير الله، فربما شهد الناس لمخلوق بالألوهية، وربما سجدوا له أو ركعوا، وربما حجوا لغير الله، لكن الصوم هو العبادة الوحيدة التي لم يعبد بها بشرٌ بشراً أبداً، والتي لم يتقرب بها بشر لبشر، ولا يدخله شرك، وحسب الصوم شرفاً أن الله نسبه لذاته. وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إلا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ؛ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي». أضعاف كثيرة قال العلامة عبدالرحمن السعدي، ما أعظم هذا الحديث، فإنه ذكر الأعمال عموماً، ثم الصيام خصوصاً وذكر فضله وخواصه، وثوابه العاجل والآجل، وبيان حكمته، والمقصود منه، وما ينبغي فيه من الآداب الفاضلة. فبيّن هذا الأصل الجامع، وأن جميع الأعمال الصالحة مضاعفة من عشر إلى سبع مئة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، وهذا من أعظم ما يدل على سعة فضل الله، وإحسانه على المؤمنين، واستثنى في هذا الحديث الصيام، وأضافه إليه، وأنه الذي يجزي به بمحض فضله وكرمه، بما لا عين رأت، ولا أُذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. وفي الحديث تنبيه على حكمة التخصيص، وأن الصائم لما ترك محبوبات النفس، فقدم عليها محبة ربه، فتركها لله في حالة لا يطلع عليها إلا هو، وصارت محبته لله مقدمة لكل محبة نفسية، وطلب رضاه وثوابه مقدماً على تحصيل الأغراض، فلهذا اختصه الله لنفسه، وجعل ثواب الصائم عنده، وتكفل بأجره وجزائه. تضعيف الحسنات وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني، إن الأعمال كلها لله وهو الذي يجزي بها، لكن الصوم لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره، وخص الصيام لأنه ليس يظهر من ابن آدم بفعله وإنما هو شيء في القلب، ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلم «ليس في الصيام رياء»، وذلك لأن الأعمال لا تكون إلا بالحركات، إلا الصوم، فإنما بالنية التي تخفى عن الناس، وقال القرطبي، لما كانت الأعمال يدخلها الرياء، والصوم لا يطلع عليه بمجرد فعله إلا الله فأضافه إلى نفسه. وقال ابن الجوزي، جميع العبادات تظهر بفعلها، بخلاف الصوم، وأن أعمال بني آدم يمكن دخول الرياء فيها، وانفرد الله بعلم مقدار ثوابه وتضعيف حسناته، وأما غيره من العبادات فقد اطلع عليها بعض الناس، والأعمال قد كشفت مقادير ثوابها وأنها تضاعف من عشرة إلى سبعمئة إلى ما شاء الله، إلا الصيام، فإن الله يثيب عليه بغير تقدير، وإضافة الله سبحانه الصوم إلى نفسه، تشريف وتعظيم. وقال ابن عبدالبر، إن الصوم لا يظهر من ابن آدم في قول ولا عمل وإنما نية ينطوي عليها لا يعلمها إلا الله وليست مما يظهر فيكتبها الحفظة كما تكتب الذكر والصلاة والصدقة وسائر أعمال الظاهر. وقال البيضاوي، إن الحسنات يضاعف جزاؤها من عشرة أمثالها، إلى سبعمئة ضعف، إلا الصوم فلا يضاعف إلى هذا القدر، بل ثوابه لا يقدر قدره ولا يحصيه إلا الله تعالى، ولذلك يتولى جزاءه بنفسه، ولا يكله إلى غيره.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©