الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

وشم في ذاكرة مباراة

22 يونيو 2011 23:25
عدا غمامات الفرح التي نشرها فوز "أسود الأطلس" على أشقائهم "محاربي الصحراء" برباعية نظيفة في موقعة كروية احتفالية، فإن ما شهدته هوامش هذه المباراة التي باتت مطبوعة في ذاكرة المغاربة بعلامة مميزة، يمثل في واقع الأمر ظواهر أعتبرها فلكلورية في مسرح كروي ينشد الاحتراف، ولا أظنه قد بلغه. فصلت الخسارة، وقد كانت بالفعل موجعة لنتيجتها عبدالحق بن شيخة عن منتخب الجزائر، وهو الذي لم يقده إلا في ثلاث مباريات رسمية، بعد أن حل بديلًا للشيخ رابح سعدان الذي نعت تارة بالتصلب، وأخرى بالليونة الزائدة، وطلع روراوة رئيس الاتحاد الجزائري بتصميم على أن يكون الربان القادم لمحاربي الصحراء أجنبياً، فقد تأكد له بالدليل القاطع والبرهان الدامغ على أنه ما عاد هناك مطرب حي يستطيع أن يطرب أهله. وبينما كان بن شيخة يقذف بنفسه خارج المركب غير مصدق لهذا الإعصار الذي ضربه بمراكش، انتفخت أوداج البلجيكي جيرتس مدرب منتخب المغرب، وسكن لهب عينيه، وهو يستمع لسؤال افتتح المؤتمر الصحفي عقب المباراة، وكان محور السؤال هو اللاعب المغربي عادل تاعرابت مهاجم كوين بارك رنجرز الإنجليزي الذي فجر قنبلة موقوتة، وهو يقرر مغادرة منتخب المغرب قبل موعد المباراة بيومين. لم يصدق جيرتس أن يقصي الصحفي كل أشكال العيد التي صاغها "أسود الأطلس" في مباراة ملحمية، ويختار قضية لاعب هارب من ساحة المعركة لتكون منطلقاً للحوار، فاستشاط غضباً، وأتى بردة فعل غريبة، وما كان جيرتس أن ينتفض مجزوعاً أمام فحوى وتوقيت السؤال عن اللاعب، إلى الحد الذي أخرجه عن النص الاحترافي، إلا لأنه رأى من تاعرابت ما هو من طبيعة الغدر. بالقطع ما كانت كل المبررات التي فكر فيها تاعرابت أن تغفر له زلته، لذلك عندما اختار برنامجاً رياضياً تبثه إحدى القنوات التلفزيونية ليتوجه إلى المغاربة للمرة الأولى، فإنه كرر الاعتذار عشرات المرات، وألقى باللوم كله على نفسه. بدا الأمر وكأنه محاكمة علنية للنفس الأمارة أحياناً بالسوء الذي لا يقدر الشخص فداحته، إلا عندما يراه مجسداً في عيون وقلوب الآخرين، وقال المغاربة بطبعهم السمح أن الفتى وهو في عمر الشباب أخطأ واعترف بخطئه، فما عاد هناك من ذنب عليه، لولا أنه بعد أسبوع واحد من صك الاعتراف، وطلب السماح، صوب لقلوب المغاربة سهماً، عندما اختار صحيفة "ليكيب" الفرنسية ليقول إنه مع اعتذاره على حزن كبير أصاب به قومه، لا يرى في صرامة جيرتس وجديته، ما يفتح أي هامش للأمل في العودة مجدداً لحمل القميص الوطني، وأن ذلك يريحه من تعب السفر للأدغال الإفريقية واللعب فوق أرضيات سيئة. تترك المباريات في العادة وشماً وجرحاً، ويقيناً من أن الاحتراف هو سلوك قبل أن يكون أي شيء آخر. drissi44@yahoo.fr
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©