الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

دبي تواجه حملات من ورق

24 مايو 2006
دبي- علي مرجان:
ملصقات وإعلانات ورقية على جدران البنايات السكنية والحوائط القريبة من محطات 'الباص' والمراكز التجارية وكبائن الاتصالات، موجهة إلى الباحثين عن غرفة للإقامة أو خدمات الشحن البري، أو بيع سياراته، وخدمات أخرى بشروط خاصة وأسعار قالوا عنها بأنها 'لا تقارن'·
تلك الإعلانات المكتوبة بخط اليد أحيانا والتي تتحدث في معظمها باللغة الإنجليزية انتشرت كثيرا في الآونة الأخيرة بشوارع دبي الرئيسية والجانبية وفي أماكن تراها العين بسهولة·
'الاتحاد' رصدت القصة في هذا التحقيق·
بجوار محطة الحافلات وقف الشاب القادم حديثا إلى دبي، وقد أصابته حالة سعادة كأنه كان على شفا هلاك نفسي·· أخرج من جيبه قلمه وبحث عن ورقة هنا أو هناك··أخذ يكتب رقما الهاتف المدون في الإعلان·· أسرع إلى أقرب مكان للاتصال بصاحب الرقم وكأن حلمه قد تحقق أخيرا·
آخر ازداد حزنا بعد انتهى من مكالمة هاتفية أنهت أحلامه في رحلة البحث عن مكان للمبيت·· نظراته حائرة هنا وهناك وفجأة وجد الإعلان ملصقا داخل كبينة الاتصال·· انتفض فرحا لكنه عاد إلى ما كان عليه قبل قليل فالشروط المدونة في الإعلان لا تنطبق عليه·· أخرج من جيبه ما تبقى من أمواله·· أخد يعدها ثم أعادها إلى جيبه بصرخة 'آه' عبرت إلى داخله، وصار هائما على وجهه لا يعرف إلى أين تسير به قدماه·
يقول أحمد سرور ويعمل في شركة خاصة: أرى أن وجود مثل هذه الإعلانات أمر طبيعي، ونجدها في الصحف والمجلات المتخصصة في الإعلان والصادرة في دبي، لكن أن تأتي بهذه الطريقة التي تشوه المظهر العام للمدينة فهذا أمر مرفوض ولابد من إيجاد الرقابة الصارمة لتعقب أصحابها·
سر الانتشار
ويعزو محمد بدوي -يعمل في مطعم عربي- احتلال إعلانات السكن لأعلى نسبة بين ما تقدمه تلك الملصقات إلى ارتفاع أسعار الإيجارات في دبي بصورة كبيرة في السنوات الثلاث الأخيرة·
ويضيف: الإيجارات ارتفعت بنسب كبيرة في الوقت الذي تسير فيه الأجور بخطى حثيثة، وهذا ما دفع الكثير من الشركات الخاصة إلى التهرب من توفير السكن المناسب للعمالة المسجلة لديها خوفا من تحمل أعباء ارتفاع الإيجارات·
ويؤكد محمود عبد السميع -يعمل في أحد مطاعم مطعم دبي - أن العمالة غير الشرعية التي تقيم في البلد بتصاريح الزيارة هم الأكثر إقبالا على تلك النوعية من إعلانات السكن التي تبدو بالنسبة لهم رخيصة وتلبي احتياجاتهم في مكان للنوم، كما أن إعلانات الصحف والمجلات لا تلبي الطلب المتزايد على السكن في دبي على الرغم من كون بعضها يقدم تلك الخدمة بأسعار رمزية·
اقتراح على مكتب مسؤول
الجدران صارت مكانا مناسبا للعديد من الإعلانات التي تغطي مناحي مختلفة في الحياة، بدءا من إعلانات تقديم خدمات الشحن البري الخاصة بما يريد المغتربون إرساله إلى ذويهم في الوطن الأم ومرورا بإعلانات عن إيجار غرف للعائلات ونهاية بأخرى عن بيع السيارات والخصوصية، وأمام ذلك العالم العشوائي الذي يصعب السيطرة عليه اقترح المهتمون تخصيص لوحات إعلانية للإعلانات الورقية في الشوارع بمختلف مناطق دبي، ويتم تحصيل مبالغ مالية مقابل استغلال تلك اللوحات من خلال نظام آلي· محمد النوري رئيس قسم الإعلان في بلدية دبي أبدى ترحيبه بالفكرة مشيرا إلى أنه هناك تحذيرات كثيرة من خطورة تلك الملصقات الإعلانية العشوائية التي تضر بأصحاب البنايات· وأضاف: في حالة تقنينها من خلال هذا الاقتراح ووسط متابعة ورقابة من جانب بلدية دبي فإن الأمر سيصبح أكثر حضارية· وأوضح أنه لم يسبق للبلدية أن فكرت في تخصيص لوحات إعلانية لهذا الأمر، لكن أمام زيادتها قد نبحث هذا الاقتراح·
ظاهرة ليست صحية
في الوقت الذي تحاول دبي الحفاظ على الطابع الجمالي، فإن المتخصصين يؤكدون خطورة تلك الملصقات الإعلانية التي باتت ظاهرة غير صحية لها انعكاساتها على الذوق العام·
ويقول حسين الشبيني مستشار قانوني: من حق كل إنسان ألا يرى ما يؤذي عينيه، وعلى ذلك فإن القانون ينظر إلى تلك الإعلانات باعتبارها تشويها للمنظر العام وعيثا بالذوق العام·
ويؤكد على أن هناك بعض الكتابات الخادشة للحياء العام التي شهدتها جدران المنشآت وهذه جريمة يعاقب عليها القانون موضحا أن هناك إجراءات متبعة في ذلك الشأن من جانب الجهات المختصة·
أما عمر عبد الرحمن المسؤول في قسم التصاريح التجارية بالدائرة الاقتصادية فيقول إن تلك الملصقات ممنوعة ويتم تغريم أصحابها بمبالغ تتراوح بين 1000و2000 درهم·
وأضاف: نحن نراقب الشركات والهيئات التي تسمح بوضع تلك الإعلانات على جدرانها، لكن أن يقوم أشخاص عاديون بوضع الملصقات فهذا يعد أمرا خطيرا قد تصعب السيطرة عليه في المستقبل·
تصريح للإعلانات الورقية
وأوضح أن الشركة تتحمل في بعض الحالات المسؤولية، لأنها سمحت لشخص ما بوضع ملصقات على جدران مبانيها·
وأشار إلى أنه عندما تتقدم أية شركة بطلب للحصول على تصريح من الدائرة الاقتصادية بطبع وتوزيع الإعلانات الورقية يتم تدوين ملاحظة أساسية تصبح التزاما على الشركة وهي: برجاء عدم وضع الإعلانات على جدران المنازل والسيارات·
وأضاف المسؤول في قسم التصاريح التجارية في دائرة التنمية الاقتصادية أن هناك حملات تفتيشية مستمرة لضبط المخالفين من الشركات والأشخاص، حيث يتم التعامل مع المخالفات بإنذار صاحب الإعلان، وفي حالة تكرار المخالفة يتم تغريمه ماديا·
ويطالب عمر بأهمية إيجاد تعاون بين بلدية دبي ودائرة التنمية الاقتصادية فيما يتعلق بتنظيم دورات تدريبية لشريحة معينة من المجتمع لتوعيتهم بالقنوات الشرعية لإعلاناتهم، مقترحا توزيع منشورات ضمن حملة توعية على نطاق واسع تتخذ من أماكن التجمعات وإشارات المرور مكانا لها·
وأبدى ترحيبه باقتراح تخصيص مساحات إعلانية في شوارع دبي مؤكدا على أهمية أن يتم مراجعة لغة الإعلان التي ينبغي أن تكون بالعربية تجنبا للعبارات الخادشة للحياء وهنا يحصل المتقدم على التصريح بوضع إعلانه في تلك اللوحة·
الإعلانات المبوبة مهددة
سؤال مثير يفرض نفسه الآن: هل فشلت الصحف والمجلات التي تقدم خدمات الإعلانات في الوصول إلى شرائح كبيرة من المقيمين في الدولة؟· يجيب كمال سلامة خبير إعلاني، قائلا: وجود مثل هذه الملصقات لا يعني فشل الإعلانات المبوبة التي تقدم خدمات توفير السكن سواء إذا كانت غرفة أو وحدة سكنية كاملة، مشيرا إلى أن أصحاب تلك الملصقات ينتمون لشرائح معينة من مجتمع الوافدين والذين قد يكونون أنفسهم معلنين في الصحف والمجلات الإعلانية، لكنهم ومن خلال تلك الملصقات يحاولون الوصول إلى أكبر عدد من الناس من خلال وضع إعلانهم على حوائط جدران البنايات التي تشهد زحاما من جانب البشر، خصوصا وأن المستفيدين غالبا من الملصقات قد يكونون من نفس المنطقة السكنية التي يقيم صاحب الإعلان بها والتي شهدت أيضا وجود الإعلان على جدران بناياتها·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©