الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

900 زاوية في الجزائر يجتمع حولها ملايين المريدين

900 زاوية في الجزائر يجتمع حولها ملايين المريدين
18 سبتمبر 2010 20:41
ظهرت الزوايا (دور تؤدي وظائف روحية في الجزائر، كتحفيظ القرآن) في أواخر القرن ال15، كرد فعل على تزعزع إيمان الكثير من المسلمين الفارين من الأندلس إلى الجزائر بعد سقوطها فلعبت دوراً مهماً في تأكيد إيمانهم وعونهم على تجاوز محنتهم.. وبذا عاشت الزوايا عصرها الذهبي في العهد العثماني بالجزائر، قبل أن يتم تهميشها زمناً طويلاً، ثم عاد إليها قبل سنوات معدودة نشاطها ودورها. تحظى الزوايا بأهمية بالغة لدى عامة الجزائريين كونها ترتبط في أذهانهم بتحفيظ القرآن الكريم، أما عند المؤرخين والباحثين فهي التي حافظت على هوية الجزائر المسلمة العربية وأنقذتها من الاندثار وأفشلت المخطط الاستعماري الفرنسي الرامي إلى تغريب الشعب الجزائري طوال 132 سنة من الاحتلال، بينما هي عند خصومها من السلفيين و”جمعية العلماء المسلمين الجزائريين” مجرد أوكار لترويج البدع والشرك والتبرك بالأضرحة. عصر ذهبي يقول المؤرخون “إن الزوايا بدأت تظهر في الجزائر حوالى أواخر القرن الخامس عشر، حيث بدأت بالظهور كرد فعل على تزعزع إيمان الكثير من المسلمين الفارين من الأندلس إلى الجزائر فور سقوطها في عام 1492م، ولعبت الزوايا دوراً كبيراً في تثبيت إيمانهم ومساعدتهم على تجاوز محنتهم، وعاشت عصرها الذهبي في العهد العثماني بالجزائر (1516- 1830) وكانت تؤدي وظائف روحية ونشاطات اجتماعية عديدة وفي مقدمتها تحفيظ القرآن الكريم ومساعدة المحتاجين وعابري السبيل، وتُعرف في القرى والأرياف باسم “لجْوامع” وهي مبان بسيطة يجمع فيها “الشيخ” الحافظ لكتاب الله أطفال وشباب القرية الراغبين بحفظ القرآن على يده، وبمجرد أن ينهي أحدهم المهمة ويتخرج، يقوم بدوره بفتح “جامع” آخر، وبهذه الطريقة انتشرت الزوايا حتى بلغ عددها 8900. وغالباً ما يدفن شيوخ هذه الزوايا داخلها بعد وفاتهم ويتحولون في نظر العامة إلى “أولياء صالحين”، ما جعل الكثير منها يتحول بمرور الوقت إلى “زوايا غير نشيطة” بعد أن تخلت عن وظيفة تحفيظ القرآن وأصبحت مجرد ضريح يضم قبر وليّ صالح يزوره عامة الناس للتبرك به، ويبلغ عددها 450 زاوية غير نشيطة”. طرق متعددة تتبع الزوايا تلك نحو 35 طريقة صوفية أشهرها الزاوية الرحمانية بمنطقة القبائل والزاوية التيجانية بالأغواط والوادي بصحراء الجزائر والتي تعدّ الأكبر بإفريقيا حيث يجتمع حولها 5 ملايين مريد أغلبهم من السينغال، وهما زاويتان محليتان، والباقي طرقٌ وافدة من المشرق العربي والمغرب الأقصى وأشهرها الدرقاوية والعلوية والشاذلية والشيخية. بداية الانحراف لعبت الزوايا دوراً فاعلاً في مقاومة الغزو الفرنسي فور سقوط الجزائر العاصمة في 5 يوليو 1830 بيد القوات الفرنسية التي بدأت بالزحف إلى المناطق الداخلية، ولم يجد السكان بعد فرار آخر الحكام العثمانيين للجزائر، إلا اللجوء إليها ليروا ماذا يقرر شيوخها، فجمعوا السكان وأعلنوا ثورات عديدة أشهرها ثورة الأمير عبد القادر (1832- 1847) التي انطلقت من الزاوية القادرية بالغرب الجزائري، وثورة الشيخ المقراني التي قادتها الزاوية الرحمانية بوسط الجزائر وثورة أولاد سيدي الشيخ بالبيَّض وثورة الزعاطشة ببسكرة بالجنوب، وثورات أخرى محدودة قامت بها زوايا صغيرة بجهات متفرقة من الوطن، وانتهت كل هذه الثورات الشعبية بالفشل لتشرذمها وضعف عدتها. فطن الاستعمار الفرنسي إلى الدور الكبير الذي لعبته الزوايا الصوفية في مقاومته عسكرياً ثم إفشال مخططه الخاص بتنصير الجزائريين وفرْنستهم، كما فطن إلى أنها تملك نصف أملاك البلد من خلال كثرة الأوقاف من أراض وبناءات تركها أصحابها وقفاً للزوايا وحدها، فعمل على إضعافها من خلال تشجيع قيام “زوايا فلكلورية” عملت في البداية على تقديم خدمات جليلة للسكان كمساعدة المحتاجين وإيواء الفقراء بغية استدراج الأتباع والمريدين، ثم أصبحت في مرحلة تالية تقوم بتشجيع الخرافات والدجل والشرك كزيارة الأولياء وإقامة مراسيم احتفالية هناك وذبح القرابين وتقديمها لها ودعائها دون الله، ما جعل البدع والخرافات والجهل تستشري على نطاق واسع. وكرد فعل على ذلك، شنت “جمعية العلماء المسلمين الجزائريين” التي قامت في 1930، حربا ضروسا على الزوايا واتهمتها بالانحراف عن وظيفتها التعبدية ونشر الشرك والخرافات والسقوط في فخ الاستعمار الهادف إلى تشويه صورة الإسلام، وبعد قيام ثورة أول نوفمبر 1954، اتّهمت الزوايا بالتحالف أيضاً مع الاستعمار وطعن الثورة الجزائرية في الظهر، وأدى ذلك إلى قيام الدولة الجزائرية فور الاستقلال في 1962 بالتهميش الكلي للزوايا فانحسرت وتراجعت بشكل غير مسبوق لتعيش بذلك أسوأ مرحلة في تاريخها. تهميش الزوايا يشير الدكتور عمر شعلال رئيس اتحاد الزوايا في الجزائر بكثير من المرارة عن مرحلة ما بعد استقلال الجزائر، حيث أرسلت الزوايا إلى دائرة النسيان على الرغم من أن الرئيس الأول للجزائر أحمد بن بله ينتسب إلى الطريقة الصوفية الدرقاوية، ويرجع سبب ذلك إلى “استحواذ عناصر فاعلة من جمعية العلماء على الحكم في الجزائر” فضلاً عن أن الرئيس الأسبق هواري بومدين كان “متأثرا” أيضاً بالجمعية. استمر تهميش الزوايا الصوفية إلى غاية انتخاب عبد العزيز بوتفليقة رئيساً للجزائر في 15 أبريل 1999.. لكن لم تنظر “جمعية العلماء” والتيارات السلفية بارتياح إلى عودة الزوايا إلى النشاط واهتمام التلفزيون بأنشطتها التعبدية الصوفية التي تراها مليئة بالانحرافات عن الملة، ويقوم السلفيون إلى حد الساعة بتنفير الناس منها ويتهمونها بالترويج لزيارة أضرحة الأولياء الصالحين ودعائها من دون الله لتحقيق أمانيهم، وهي المظاهر التي لا تزال مستشرية إلى حد الساعة وتشوّه صورة الزوايا الصوفية وتجعلها محل شبهات واتهامات لا تنقضي. إضاءة استمر تهميش الزوايا الصوفية إلى غاية انتخاب عبد العزيز بوتفليقة رئيساً للجزائر في يوم 15 أبريل عام 1999 (وهو ينتمي إلى الطريقة “الهبرية” في تلمسان)، فقام دون سابق إنذار بإعادة الاعتبار للزوايا، كما ساعد في ترميمها وبعثها إلى الحياة، وتجاهل كل انتقادات السلفيين بشأنها، فبدأت الزوايا تعود إلى نشاطاتها تدريجياً بعد سبات طويل، وأصبح التلفزيون الجزائري يغطي مختلف نشاطاتها من ندوات وأوراد جماعية و”دروس محمدية” وهي ملتقيات فكرية يحضرها أئمة زوايا من بلدان إسلامية عديدة وتبث نشاطاتها الروحية باستمرار.
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©