الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طلب الرزق (1)

18 سبتمبر 2010 20:46
طلب الرزق سمة أساسية في الإنسان وليس هناك ما يمنعه من ذلك، وكل إنسان مأمور بذلك وعليه أن يسعى ويجد في الطلب دون تقاعس، ولكن بالأساليب المسموحة والسليمة وغير الملتوية مع عدم التعدي على حدود الآخرين وحقوقهم. فهناك من يعتقد أن رزقه أخذه فلان أو منعه فلان وهو بهذا يجهل حقيقة جوهرية وهي أن رزق الإنسان مكتوب له ولا حاجة له لتضييق الخناق على غيره أو اتهام الآخرين، فوالله إن كانت لقمة مكتوبة لك فلن يقدر أحد على أخذها وابتلاعها. وإذا كان مستقبلك التجاري قائم على بضعة آلاف توجد في ملك شخص ما فلن يقدر على تحقيق أرباح منها؛ لأنه مكتوب لها أن تكون فاتحة خير لك أنت، وسيحدث الله أمراً حتى تصبح في حوزتك لتؤتي ثمارها، فكم من أناس أصبحوا أغنياء من أموال تدينوها من غيرهم، ولم يغتني بها أصحابها. فما هو مكتوب لك لن يأخذه أحد غيرك حتى وإن رأيته بين يديه، وما هو ليس لك فليس لك ولو قلبت الدنيا رأساً على عقب وطرقت أبواب الدنيا جميعها. فما عليك سوى الأخذ بالأسباب والبحث عن رزقك لتحصل عليه، قال تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) (الملك:15). يحكى أن شخصا يملك أرضاً زراعية وكان هذا الشخص يبحث عما يجعله غنياً، فسمع عن وجود كنز في مكان ما، فباع أرضه الزراعية بمبلغ زهيد وذهب ينفق المال للبحث عن ذلك الكنز. أخذ المالك الجديد يحرث الأرض لزراعتها فوجد بها كنزاً ثميناً، فعلم الرجل الذي باعها بهذا الخبر فمات كمداً. هذه القصة تعلمنا شيئين اثنين: الأول طمع الرجل وذهابه في طلب رزقه مع أنه كان تحت قدميه. الشيء الثاني أن هذا الرزق (أي الكنز) لم يكن مكتوباً للمالك الأول بل كان من نصيب المالك الثاني. إن رزق الإنسان مكفول من الله تبارك وتعالى ومبسوط له بقدر فلا داعي للقلق والخوف فإنهما مهلكان للذهن والجسد ومتعبان للنفس، قال تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)(الروم:40). كما أن مسألة الرزق لا يعلمها أحد؛ لأنها من ضمن الغيبيات، فقد قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (لقمان:34). كما قال تعالى في مسألة بسط الرزق لعباده: (اللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاء وَيَقَدِرُ وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ) (الرعد:26)، وهذه الآية تبين لنا أن الأرزاق تُبسط لمن أراد الله وهذا في علم الغيب عنده، وليس شرطاً حصول الجميع على ما يطلبوا، وليس شرطاً أن يمنعوا جميعهم، ولذا على الإنسان أن يدرك أنه إنْ بُسِطَ لهُ الرزق فإنه له خير وهو امتحان، وإن قُدر عليهِ الرزق فإنه له خير وهو كذلك في امتحان. وللحديث بقية. dralazazi@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©