الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لحظة أفريقيا.. لإنقاذ المناخ

22 يونيو 2015 00:21
تغير المناخ هو أكبر خطر يواجه الإنسانية اليوم. ولتجنب الكارثة، يتعين علينا خفض حجم انبعاثات الكربون التي تتسبب فيها أنظمة الطاقة الحديثة، التي وضعتنا على طريق صدامي مع حدود طاقة كوكبنا. والواقع أن كل المناطق مسؤولة عن معضلة تغير المناخ، إلا أن منطقة أفريقيا جنوب الصحراء تعيش حالياً بعضاً من أشد وأبكر وأضر التأثيرات الناتجة عن هذه الظاهرة. ونتيجة لذلك، فإن لدى الزعماء الأفارقة كل الأسباب لدعم الجهود الدولية الرامية لمعالجة مشكلة تغير المناخ. إلا أنه يتعين على هؤلاء الزعماء التعاطي بشكل مستعجل مع الواقع المزعج الذي يقف خلف ذلك القدر القليل من انبعاثات الكربون الذي تتسبب فيه القارة: النقص الكبير في الطاقة الحديثة. ففجوة الطاقة في أفريقيا كبيرة. فمثلا، يستهلك المواطن الأميركي 10900 كيلوات ساعة من الكهرباء سنوياً، بينما يستهلك مواطن من أفريقيا جنوب الصحراء 500 فقط. لكن خلف هذه الأرقام يوجد واقع أكثر تبايناً؛ إذ إن مواطنَين من أصل ثلاثة من أفريقيا جنوب الصحراء (600 مليون نسمة) ليست لديهم كهرباء. هذه الفجوة الطاقية الكبيرة تتطلب اهتماماً؛ والزعماء الأفارقة ليس لديهم خيار غير العمل. غير أن هؤلاء الزعماء لديهم خيار بخصوص كيفية جسر الهوة الطاقية. والحقيقة أن لديهم فرصة مذهلة ليُظهروا لبقية العالم الطريق إلى مستقبل مستديم. ومثلما يُظهر «التقرير حول تقدم أفريقيا 2015» الصادر مؤخراً عن «لجنة تقدم أفريقيا»، والتي نحن عضوان فيها، فإن أفريقيا تستطيع كسر العلاقة بين الطاقة والانبعاثات من خلال القفز على الممارسات الطاقية الضارة المنتجة للكربون التي أوصلت العالم إلى شفير الهاوية. إن التحديات الطاقية لأفريقيا هائلة. فعراقيل قطاع الطاقة ونقص الكهرباء يكلفان المنطقة نقطتين إلى 4 نقاط من الناتج المحلي الخام سنوياً، مما يُضعف جهود دعم النمو الاقتصادي المستديم، وخلق الوظائف، وتقليص الفقر، وزيادة الاستثمارات. وهذه المشاكل تساهم بدروها في مفاقمة حالة الهشاشة التي يعيشها الفقراء وسكان المناطق الريفية. غير أنه حالما يتم تبني أهداف قوية للتنمية الدولية، مدعومة بتمويل ذكي واتفاق منصف حول المناخ، ستصبح أفريقيا في وضع يسمح لها بقلب الوضع رأساً على عقب. والحقيقة أن الانتقال إلى استراتيجيات الطاقة المنتجة لقدر أقل من انبعاثات الكربون بشكل فوري، ليس ممكناً؛ لأن القيام بذلك يمكن أن يضعف التقدم الاقتصادي. غير أن أفريقيا لديها إمكانيات هائلة في الطاقة النظيفة، المائية والشمسية والريحية والحرارية، إضافة إلى الغاز الطبيعي. واستغلال إمكانيات الطاقة النظيفة التي تزخر بها أفريقيا يمكن أن يكون محركاً للنمو الاقتصادي وخلق الوظائف. لذلك، فإن أفريقيا تستطيع أن تنمو وتُرشد بقية العالم إلى الطريق الذي ينبغي سلوكه عبر العمل بشكل تدريجي على استبدال الوقود الأحفوري بالموارد المتجددة وتبني خليط طاقي دينامي وعقلاني. غير أنه لكي يحدث ذلك، يتعين على الزعماء الأفارقة اغتنام «لحظة المناخ». فلوقت طويل جداً، كان الزعماء الأفارقة يكتفون بالإشراف على أنظمة طاقة مفرطة في المركزية تفيد الأغنياء وتتحاشى الفقراء. واليوم، حان الأوان لتجديد البنية التحتية المتهالكة لأفريقيا وتقويتها، مع العمل في الوقت نفسه على ركوب موجة التجديد المنتجة لكميات أقل من انبعاثات الكربون. وإذا كانت الأعمال التي يقوم بها الزعماء الأفارقة أساسية، فكذلك الحال بالنسبة للتعاون الدولي. لذا، فإننا نحث الحكومات في البلدان الرئيسية المنتجة للانبعاثات على إنهاء مليارات الدولارات التي تنفقها على دعم التنقيب عن الوقود الأحفوري، وهي سياسة تشجع على انبعاثات أكثر للكربون، وليس أقل. وبدلا من ذلك، على الدول المتقدمة أن تفرض سعراً على تلك الانبعاثات من خلال ضرائب الكربون أو وسائل أخرى. والأكيد أن هذان التحولان في السياسات، إضافة إلى أهداف تنموية قوية في البلدان المنتجة لكميات أقل من الانبعاثات في أفريقيا، سيدفعان شوطاً طويلاً نحو تحقيق المساواة والتكافؤ بخصوص الجهود الدولية لمكافحة تغير مناخ العالم. ومما لا شك فيه أن الأجيال المقبلة لن تحكم على هؤلاء الزعماء على أساس المبادئ التي يدبجون بها بياناتهم وإنما على أساس التدابير العملية التي اتخذوها لمحاربة الفقر وتحقيق الرخاء المشترك وحماية أبنائنا وأحفادنا من كارثة مناخية. وخلاصة القول: إن لحظة المناخ العالمي يمكن أن تكون لحظة أفريقيا لقيادة العالم. كوفي عنان* روبرت إي. روبن** *أمين عام الأمم المتحدة (1997- 2006) ورئيس لجنة تقدم أفريقيا *وزير الخزانة الأميركي (1995 -1999) وعضو لجنة تقدم أفريقيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©