معايير «بازل 3»

قطعت البنوك المحلية شوطاً طويلاً في اتخاذ الإجراءات الضرورية لمواجهة المخاطر المحتملة كافة والتعامل مع أية متغيرات اقتصادية في المرحلة المقبلة، ومما لا شك فيه أن الالتزام بمعايير “بازل 3” لن تشكل ضغوطاً على القطاع المصرفي في الدولة. ونجد أنه بخلاف ما سيكون عليه الوضع لدى معظم المصارف الأميركية والأوروبية التي ستضطر لزيادة رأسمالها لتعزيز الملاءة ونسب كفاية رأس المال، فإن البنوك المحلية تجاوزت المتطلبات وعملت على تعزيز احتياطياتها ورؤوس أموالها في وقت مبكر. ويتجاوز معدل كفاية رأس المال حالياً لدى البنوك العاملة في السوق المحلية 20%، وفقاً للبيانات الرسمية الصادرة عن المصرف المركزي، الأمر الذي يؤكد أن المصرف المركزي وصانعي السياسة النقدية، فضلاً عن القرارات الحكومية الخاصة بدعم السيولة لدى البنوك كانوا سباقين في اتخاذ الإجراءات التي أدت إلى رفع كفاية رأس المال بنسب أعلى بكثير، مقارنة مع معايير مواجهة المخاطر التي تفرضها “بازل 3”. وحصنت البنوك العاملة في الدولة قوتها في مواجهة المخاطر عن طريق احتساب المخصصات مقابل الديون المشكوك في تحصيلها منذ الأزمة المالية، حيث زاد الرصيد الإجمالي للمخصصات منذ نهاية شهر ديسمبر 2008 بنسبة 89.3% ليصل إلى 37.3 مليار درهم بنهاية يوليو الماضي. ولابد من تأكيد أهمية متابعة وتطبيق كل ما من شأنه تحسين أداء عمل المؤسسات المالية والمصرفية في الدولة التي تعد شريكاً أساسياً في مجالات التنمية الشاملة، فضلاً عن الدور المحوري الذي تلعبه في توفير التسهيلات الائتمانية لضمان استمرار تنفيذ المشاريع الاستراتيجية في المجالات كافة. لا شك أن ما تم الاتفاق عليه وإقراره في مدينة بازل السويسرية الأسبوع الماضي من معايير جديدة تحت مسمى “بازل 3” ستعمل على تنظيم قواعد الصناعة المصرفية على المستوى العالمي، كما أنها ستنأى بالبنوك عن التعرض لمخاطر وأزمات مالية محتملة. ورغم بروز بعض الأصوات التي رأت في هذه اللوائح متطلبات تحد من حركة البنوك بحيث تضطرها، وفقاً للقواعد الجديدة، إلى زيادة رأسمالها وتجميد سيولة إضافية في خزائنها تعادل 3 أضعاف ما كانت ملزمة بتطبيقه سابقاً، إلا أن ذلك يعد على المدى البعيد حماية لها من المخاطر وقدرة أوسع على تعزيز خطوطها الائتمانية التي نضبت على وقع الأزمة. ونرى أن قواعد اتفاقية “بازل 3” تلزم البنوك بتحصين نفسها ضد الأزمات المالية، بحيث تكون قادرة على التغلب بمفردها على الصعوبات المالية التي من الممكن أن تتعرض لها مستقبلاً دون مساعدة الحكومات، كما يحسب لهذه المعايير أنها تمكن البنوك من الاحتفاظ بقدر أكبر من أموالها الخاصة، مما يجعلها أكثر قدرة على مواجهة الأزمات المستقبلية. وتفرض القواعد الجديدة على البنوك الاحتفاظ باحتياطي إجباري لرأسمال عالي الجودة يعادل ما نسبته 7%، وذلك بدلاً من النسبة الحالية البالغة 2%. إلا أن تلك القواعد أخذت في الاعتبار أن تتم زيادة رأسمال البنوك ضمن نطاق زمني طويل الأجل، بحيث يسمح للمصارف بإعادة ترتيب أوراقها بشكل تدريجي مدروس، دون أن يشكل ذلك عبئاً على حجم السيولة لديها. omar.rabaia@admedia.ae