الخميس 9 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

إيران لاعب سلبي يربك رقعة الشطرنج الأميركية

25 مايو 2006

تتجه منطقة الشرق الأوسط إلى مواجهة حادة في أصعب زواياها الجيوبوليتيكية،بتصاعد التحديات بين إيران والقوة الدولية العظمى ،التي استعادت بعد حربين منهكتين في أفغانستان والعراق ، حلفاءها الأوروبيين إلى جبهة قسمتها حرب العراق·
ولعل من الصعب التكهن بما ستفضي إليه المواجهات على الصعيد السياسي، فمجلس الأمن الذي لم يستطع أن يقف بوجه الإرادة الأميركية عام 2003 وعجز عن منع غزو واحتلال العراق، لم يستطع حتى اللحظة من فرض منطق الدبلوماسية والحوار الحضاري بين القوى التي فقدت حسها الاستراتيجي ،ونجد ان القوة ولغة الحرب ما زالتا تهيمنان على الخطاب الاستراتيجي الأميركي الذي يفرض نفسه بقوة على أي منطق آخر·
وبغض النظر عن نتائج السجالات السياسية التي قد تفضي إلى قرار ما ضد إيران،فإن الواقع الذي خلقته المواجهة مع الولايات المتحدة ، أجج أكثر من نار في منطقة تفور بالبراكين،هذا الواقع الذي رسمته التكتيكات العسكرية والخطط الاستراتيجية لإيران وأميركا على حد سواء،مع فارق الظروف والقدرات الحقيقية وغير الحقيقية فإيران لاعب سلبي يؤثر عكسيا على مصالح أميركا في الساحة الأوراسية التي تعد 'رقعة الشطرنج' للمصالح الأميركية·
المشهد الذي يتشكل في المنطقة المأزومة يفرز أكثر من عنصر للقوة،وأكثر من سيناريو تطرحه أولويات كل منهما، السياسية،الاستراتيجية،الجيوبوليتيكية،
والاقتصادية،ولعل أكبر مفارقة يمكن أن تطفو على سطح المشهد البركاني،مقتربات الحوار الأميركي الإيراني على خلفية المأزق العراقي، ومقتربات التعاون العلمي الإيراني الإسرائيلي،وتسارع وتيرة التصدع في العلاقات الإيرانية مع دول كانت إلى وقت قريب تتأمل في شراكة استراتيجية مع قوة إقليمية تتـنامى وما زالت تتمتع بامتيازات الثروة الإيرانية·
ففي نزوعها للدور الإقليمي الذي لم تكن الولايات المتحدة بعيدة عن توقعه،تخلق إيران إرباكا في علاقاتها الاستراتيجية التي يمكن أن تشكل لها ظهيرا قويا إذا أرادت أن تكون لاعبا رئيسيا،لقد عمل الإيرانيون على تحويل دول الطوق الأميركي التي تمثل دول المصالح الاستراتيجية لأميركا ،وإدخالها في الإطار الأيديولوجي والسياسي الإيراني الذي يعتمد نهج ( الإحياء الإسلامي) لدول آسيا الوسطى،وهي الدول التي لاتشكل أهمية استراتيجية فحسب بل هي القلب الذي تعتمده الولايات المتحدة في إرساء نظامها الجيوبوليتيكي بعد'الثقب الأسود'الذي تركه انهيار الاتحاد السوفييتي السابق·
ثم وبضربة طائشة واحدة ،توشك إيران أن تفقد هذا الظهير:
فعلاقاتها بأوربا تفقد توازنها الاستراتيجي على خلفية الملف النووي· أوروبا التي تنظر للطاقة الإيرانية والتي خلقت علاقات قوية في فترة الإصلاحيين الإيرانيين ، كانت تعول على شريك شرق أوسطي قوي من أجل البقاء في المعادلة الجيواستراتيجية،تجده اليوم مستعصيا عليها ، وهي إذ تقدم له أطباق الحلوى تحاول أن تحافظ على مكاسبها معه ،خاصة وان العالم متجه نحو أزمة طاقة شديدة · كما أن إيران بدأت تستعمل لغة التهديد مع الغربيين ملوحة بإعادة النظر في علاقاتها الاقتصادية معها ·
وعلاقاتها مع الحليفين الإستراتيجيين ( روسيا والصين) على شفرة سيف حادة ·لطالما نبه الخبراء الاستراتيجيون الأميركيون من سيناريو تحالف كبير بين روسيا والصين وإيران ضد الهيمنة الأميركية،تحالف لا توحده الأيديولوجيا بل التذمر من العدو المشترك(أميركا) ·ونجد أن الموقف الروسي مرتبك بعض الشيء في الأزمة الإيرانية ، فهو منخرط في برنامجها النووي ، ولديه التزامات استراتيجية مع حليف لم يكن ممكنا في السابق أن يكون حليفا له ،لكنه لا يستطيع أن يسمح لهذا الحليف أن يسرق دوره الإقليمي أو طموحه في استعادة هذا الدور· روسيا تواجه على صعيد آخر تنافسا إيرانيا حادا معها على ساحة الجمهوريات المستقلات من الاتحاد السوفييتي السابق،وقد تدخله الصين كلاعب أساسي ، فالتنافس الإيراني يمتد إلى: تركمانستان ، أوزبكستان ، طاجيكستان ، أفغانستان ، تركيا ،العراق ، سوريا ، لبنان، وتتجه نحو أذربيجان التي تؤرقها استراتيجيا ، وأفغانستان ،بل وحتى داخل روسيا في لعبة(إحياء الإسلام)·
علاقتها مع الهند التي تعد سوقا مهما للطاقة الإيرانية·والهند كقدرة نووية فصمت سياقات علاقاتها الإستراتيجية مع الحليف القديم الاتحاد السوفييتي السابق ،وتوجهت صوب القوة العظمى(الولايات المتحدة) التي بقيت من انهيارات عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية(انهيارات جدار برلين،الاتحاد السوفييتي ،ومانهاتن)· وتفيد دراسات متعددة ان المعطيات الجيوبوليتيكية للمنطقة المحيطة بإيران تمكننا من الوقوف على الدواعي الموضوعية التي تجعل طهران تهتم بجانب التسلح ومنها على سبيل المثال لا الحصر: '
·1التهديدات الأمريكية المستمرة لإيران التي جعلت الأخيرة في حالة استنفار دائم، خصوصاً بعد وقوعها عملياً في الدائرة المغلقة التي أقامتها الولايات المتحدة لحصارها، فالتقارير الاستراتيجية تشير إلى أن واشنطن قامت بالدوران حول إيران منذ سقوط نظام الشاه في العام 1979م عن طريق :
إلغاء الحضر الأمريكي على تصدير الأسلحة إلى طاجيكستان ·
العمل على مد حلف الناتو إلى آسيا الوسطى بهدف فصل إيران من الشمال والشمال الشرقي عن كل من روسيا والصين ·
الاندفاع نحو أذربيجان وأوزبكستان بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001م لخلق فرص حقيقية للوجود الأمريكي بالمنطقة ·
·2لجوء الولايات المتحدة إلى تدعيم وجودها العسكري في الخليج من خلال أسطولها الخامس والذي يضم تسع قواعد جوية وقاعدتين بحريتين وقواعد برية ،تزيدها القواعد التي تبنى في العراق'،كما في تركيا ·( مركز الدراسات الشرق أوسطية-واشنطن)
ويرى الباحثون الاستراتيجيون أن التعزيز الأميركي لتواجد الأخيرة في جنوب وغرب إيران
'يهدف لإكمال الدوران الجغرافي المحكم حولها ،كما تدخلت الولايات المتحدة بشكل سافر في هندسة العلاقات السياسية والاقتصادية بين الكثير من الدول وإيران فضغطت على روسيا لكي لا تُكمل مشروع محطة بوشهر لتوليد الطاقة الذرية وضغطت على اليابان لعدم تطوير تعاونها الاقتصادي في مجال حقول النفط الإيرانية وعلى الأرجنتين لمنعها من تزويد إيران بتكنولوجيا تصنيع الوقود الذري وعلى أوكرانيا والتشيك أيضاً، وقامت بتغذية خلافات كثيرة لبعض الدول المجاورة أبرزها دعم أذربيجان في خلافها مع طهران حول بحر قزوين ·
الأمن القومي الإيراني إذن وجد نفسه في محيط يتهدده بشكل مستمر ولا يسبره سوى قوة عسكرية تتناسب وحجم التهديدات المُحدقة ·ولذا حاولت إيران أن تحصن نموها الإقليمي ،فاحتفظت بأوراق للعب منها: قدرتها على التأثير في الوضع العراقي، واحتفاظها بأسرى من القاعدة قد تسلمهم مقابل مكاسب سياسية، وتلويحها باستهداف إسرائيل إن هي هاجمت منشآتها النووية، إضافة إلى تمتين علاقاتها مع الخليج العربي ، المنطقة العربية،وروسيا والصين·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©