السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تحولات طهران ...وسياسة واشنطن

21 يونيو 2013 22:56
مايكل سينج مدير معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أثار انتخاب حسن روحاني رئيساً لإيران نوعين من ردود الفعل بين المسؤولين الأميركيين والمحللين الإيرانيين. فالبعض يرون في فوز روحاني صعوداً للإصلاحيين ويحثون إدارة أوباما على مد جسور التواصل معه في مسعى إلى «تقويته»، على غرار ما سعت إدارة كلينتون إلى فعله بعد انتخاب محمد خاتمي في عام 1997. هذا في حين يرى آخرون خدعة ماكرة من قبل إيران هدفها تخفيف ضغط العقوبات من خلال تقديم وجه مبتسم إلى العالم، وكسب مزيد من الوقت من خلال الدبلوماسية مع العمل في الوقت نفسه على توسيع أنشطة إيران النووية في السر. ولكن التحدي بالنسبة لإدارة أوباما يكمن في أنها لا يمكنها أن تعرف أي التفسيرين صحيح. ذلك أنها لا تستطيع أن تنفي إمكانية أن يكون الضغط الدولي على إيران قد أنتج أخيراً تغييراً من النوع الذي كانت تنتظره، ولكنها لا تستطيع أيضاً تخفيف ذلك الضغط المؤلم والمتزايد على إيران بناءً على آمال أو تكهنات فقط. وخلافاً لنجاد، الذي كان شخصاً غير معروف نسبياً في الغرب عندما انتُخب للرئاسة أول مرة، فإن روحاني شخص تعرفه الولايات المتحدة وحلفاؤها جيداً. وانطلاقاً من تصريحاته ومواقفه السابقة، نعرف مثلاً أن روحاني، وبعيداً عن كونه إصلاحياً، قادم من داخل النظام وسبق له أن لعب دوراً مهماً في الدفع ببرنامج إيران النووي، وأنشطتها الإقليمية، وحتى ضغطها الداخلي. أما في المرات التي أظهر فيها روحاني براجماتية وتفضيلاً للدبلوماسية، فقد كان ذلك خدمة لأهداف النظام، وليس في مسعى لتغييرها. وعلى سبيل المثال، فقد تحدث ذات مرة كيف أنه استطاع استعمال الدبلوماسية من أجل كسب وقت حتى تحسِّن إيران برنامجها للطرد المركزي حينما كان على رأس الوفد الإيراني إلى المفاوضات النووية. ومع ذلك، فإننا لا نستطيع أن نستبعد إمكانية أن يكون روحاني قد قيَّم الظروف الاقتصادية المزرية التي تمر بها إيران وخلص إلى أن التغيير بات ضرورياً اليوم. وإذا كان ذلك هو واقع الحال بالفعل، فإن السؤال الذي سيطرح في تلك الحالة هو عما إن كان سيُمنح السلطة لتحقيق التغيير؛ أي بعبارة أخرى، ما إن كان المرشد الأعلى، الذي يتخذ كل القرارات المهمة بشأن برنامج إيران النووي وقضايا أخرى ذات أهمية كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة، قد خلص إلى أن التغيير ضروري، وأوكل صلاحيات تحقيق ذلك لروحاني. في هذه الحالة، قد تكون ثمة مؤشرات مبكرة. فعلى سبيل المثال، إذا سُمح لروحاني بتغيير فريق المفاوضات النووية الإيراني (الذي يرأسه منافسه الرئاسي السابق سعيد جليلي)، وإطلاق سراح زعماء المعارضة من الإقامة الجبرية، واتخاذ قرارات بشأن السياسة الإيرانية تجاه موضوعات استراتيجية مثل سوريا، فإن ذلك قد يكون مؤشراً على أنه قد مُنح سلطة أكبر من أسلافه. أما إذا لم يحدث هذا، فإن روحاني إما سينشغل بصراعات على السلطة مع نخب طهران العديدة والمتداخلة، أو أن انتخابه قد يكون الهدف منه بكل ببساطة هو إلهاء منتقدي النظام في الداخل والخارج. وفي سعيها لتحديد للجواب، من المستبعد أن يكون لدى إدارة أوباما ترف الانتظار لرؤية كيفية تطور الأمور داخل النظام الإيراني. إذ سيتعين عليها أن تحسم بشأن سياسة اليوم -سياسة لا تجنح إلى الاحتضان بشكل مبكر ولا إلى الرفض. وفي هذا الصدد، يتعين على الإدارة أن تركز على الأفعال الإيرانية، وليس الشخصيات الإيرانية. فإلى أن تكون إيران مستعدة لتحقيق المطالب الدولية بخصوص برنامجها النووي ودعمها للإرهاب وأنشطة أخرى، فإن السياسة الأميركية الأساسية يفترض ألا تتغير، حتى في وقت تمد فيه الولايات المتحدة يدها لروحاني وتبحث فيه عن فرص دبلوماسية جديدة. وبالفعل، فإلى أن تلين إيران، ينبغي أن تستمر السياسة الأميركية في صرامتها وحزمها، ولاسيما رداً على تدخل إيران المتزايد في سوريا، الذي لم تقم واشنطن بالكثير لتحديه. وإذا كان الرئيس المنتخَب روحاني يعتقد بالفعل أن السياسات الإيرانية يجب أن تتغير، فإن حجته القوية تكمن في أن تلك السياسات فرضت وستستمر في فرض تكلفة لا تطاق على إيران، وهو ما يهدد استقرارها. ولعل أفضل طريقة لتقوية الأشخاص الذين يأملون داخل إيران في رؤية تحول في استراتيجية النظام تتمثل في توضيح ثمن تلك الاستراتيجية. أما تخفيف الضغط على النظام رداً على انتخابات، فسيؤدي إلى العكس من خلال البعث برسالة إليه مؤداها أنه يمكن الحصول على بعض الراحة بثمن رخيص، وبدون تحول استراتيجي حقيقي. لقد أوضح الناخبون الإيرانيون من خلال انتخابهم لروحاني أنهم يرغبون في رؤية تغيير في البلاد. وبهذا المعنى، فإن ذلك يضعهم على الصفحة نفسها مع الولايات المتحدة وحلفائنا. فنحن أيضاً نأمل في رؤية تغيير في إيران على شكل سياسات إيرانية أقل عدائية، وأقل صِدامية. ولكن الفرق هو أنه بعد يوم الانتخابات لا يستطيع الإيرانيون محاسبة نظامهم؛ لأن «الديمقراطية التشاركية» في إيران تقتصر على الإدلاء بالصوت مرة كل أربع سنوات، وحتى في تلك الحالة فإنها تظل مقيدة جداً. وبالمقابل، فإن واشنطن تستطيع محاسبة النظام الإيراني عبر المطالبة بتغييرات ليس في الخطاب فحسب، وإنما في الأفعال الإيرانية أيضاً. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©