الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا والصين.. الشراكة الصعبة

8 يوليو 2014 00:43
ميشيلا فلورنوي ووايلي راتنر مديرة وباحث بمركز الأمن الأميركي الجديد تشارك الصين هذا الشهر لأول مرة في مناورات «ريمباك» البحرية. وتبحر أربع سفن بحرية صينية من بينها مدمرة إلى جزر هاواي لتنضم إلى المناورات التي تستقطب ما يقارب 50 سفينة من أكثر من 20 بلداً، فضلاً على 25 ألف بحار و200 طائرة. وقرار إدارة أوباما ضم الصين إلى أكبر مناورة بحرية في العالم، هو أحدث إجراء أميركي يهدف إلى تشجيع بكين على لعب دور أكثر فعالية على المسرح الدولي. وتعد مثل هذه المساعي من المعالم البارزة لسياسة واشنطن تجاه بكين منذ تطبيع العلاقات بين الجانبين في سبعينيات القرن الماضي. وبفضل الاقتناع بضرورة التعاون مع الشركاء الآخرين لتحقيق المصلحة الذاتية، ستجني الصين ثمار المشاركة في دعم الاستقرار الدولي والتمسك بالقواعد والأعراف القائمة في العلاقات الدولية مثل ضمان حرية الإبحار، وتحفيز الشراكات التجارية، وحل المنازعات سلمياً، واعتبر ذلك مبدأ حاكماً لكل الدول، القوية أو غير القوية، على حد سواء. وهذا يقود الصين في نهاية المطاف إلى الانفتاح على العالم باعتبارها «حاملة أسهم مسؤولة»، كما وصفها روبرت زوليك نائب وزير الخارجية الأميركي السابق. وبعد عقود من نمو اقتصادي يزيد على 10 في المئة شهد سلوك الصين تحولاً ملحوظاً مع نشوب الأزمة المالية العالمية الأخيرة. وتوقع كثيرون في بكين تراجعاً أميركياً سريعاً، واختلطت نشوة النصر بتصاعد الحس القومي وزيادة الثروة ليخلق هذا كله سياسة صينية خارجية أكثر جرأة. وخاصة منذ تولي الرئيس «شي جين بينج» السلطة في عام 2013، حيث دخلت الصين بقوة على خط المطالبة بأراضٍ في بحري الصين الشرقي والجنوبي ليخرج العهد الجديد بذلك عن نصيحة «دينج شياو بينج» التي تم التمسك بها لفترة طويلة وهي مبدأ «إرجاء البت في النزاعات». ويعلم زعماء الصين جيداً أن النمو الاقتصادي المستمر، وهو المصدر الرئيسي لمشروعية الحزب الشيوعي، يعتمد بالضرورة على وجود بيئة إقليمية مستقرة. ونتيجة لهذا، فإن الصين تبدو كما لو أنها تقطع خطوات محددة ومحسوبة بعناية مثل الاستيلاء على جزر صغيرة بسفن حرس الحدود، والتأكيد على حقوق إدارية أكبر من جانب واحد على أراض متنازع عليها، وبناء امتداد صغير في منشآت عسكرية، والتنقيب عن النفط في مياه متنازع عليها. ويقصد بكل هذا تغيير واقع الحال للأراضي من دون استثارة رد فعل ذي زخم كبير من جيرانها أو من الولايات المتحدة. وفي حال استمر التغير التدريجي في مقاربة الصين لعلاقاتها الخارجية، والسعي لفرض مصالحها، فهذا يستدعي من واشنطن مراقبة ما يحدث، لأنه قد يغير من الأساس ترتيبات النظام الإقليمي في آسيا، وخاصة في حال استخدام وسائل قد تضر بالاستقرار والمصالح الحيوية للولايات المتحدة وحلفائها وشركائها. وتزيد أفعال الصين الأكثر جرأة من مخاطر الخطأ في الحسابات الذي قد يقع ليولد أزمة أو حتى صراعا عارماً لا أحد يريده. والسؤال الآن: كيف يجب أن تستجيب الولايات المتحدة؟ يجب أن تبقى ملتزمة ببناء شراكة قادرة على الصمود مع بكين. ولكن لابد أيضاً من وقف أية أعمال صينية قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار. وهذا يتطلب من الولايات المتحدة أن تأخذ خطوات أكثر دقة وواقعية. وتستطيع أميركا مساعدة بعض الدول الحليفة ودعم قدراتها الدفاعية لكي تصبح قادرة على الصمود في وجه صعود استعراض القوة الصيني. وأشكال الدعم العسكري يجب أن تكملها جهود دبلوماسية بناءة. وبخاصة أن الولايات المتحدة سيتعين عليها أن تتبع الآليات البديلة لإدارة الأزمات إذا ظلت بكين تجرجر أقدامها متثاقلة عن التوصل إلى ميثاق شرف ملزم في بحر الصين الجنوبي. وسيتعين على واشنطن أن تفكر بشكل مبتكر في كيفية تحسين كفاءة التحكيم الدولي الذي تستخدمه الفلبين مثلاً لتتصدى لادعاءات الصين في المناطق المتنازع عليها. وعلى رغم من أن هذه الهيئات تفتقر إلى آليات التنفيذ فإن الولايات المتحدة وشركاءها ما زال بوسعهم أن يضغطوا على الصين من خلال التمسك بأحكامها باعتبار ذلك مطلباً أولياً للمشاركة في مناسبات كالمناورات العسكرية «ريمباك»، أو في بعض المنظمات متعددة الأطراف مثل المجلس القطبي. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©