الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إعلان النفير الفلسطيني

إعلان النفير الفلسطيني
21 يونيو 2012
يتحدث عمل أدبي جديد للروائي جمال ناجي بعنوان “غريب النهر” في بيروت عّما أسماه ناجي النفير الفلسطيني منذ الحرب العالمية الأولى وحتى نهاية القرن العشرين. وتدور الأحداث في فلسطين والأردن وتركيا ولبنان وسورية وبعض بلدان آسيا وأفريقيا لكن الأحداث الرئيسة تتمحور بالقرب من نهر الأردن والساحل الفلسطيني. ووفق ملخص عن رواية “غريب النهر” ـ 220 صفحة ـ فهي عمل فني إبداعي يحاور المراحل ولا يغطيها، ولكن تم توظيف التاريخ في خدمة الأحداث الرئيسة وبناءات الشخوص وصولا إلى النتائج التي أرستها مسارات الصراع العربي الصهيوني بما في ذلك اتفاقيتي أوسلو ووادي عربة بين الأردن وإسرائيل. نفير ويطرح ناجي مصطلحا جديدا برؤية جديدة باستخدامه النفير الفلسطيني وليس الشتات الفلسطيني كما يردد البعض وقراءة مبتكرة للواقع الفلسطيني والعربي في سياق أحداث روائية لا تتقصد القراءة أو تقديم الرؤية إنما يمكن ملاحظتها بعد القراءة. وعقب تحليل بعض الإيحاءات الواردة على لسان بعض شخصياته تلميحا أو ترميزا، يمكن القول إنه ربما المقصود بالنفير الفلسطيني هو نزوح طاقات وكفاءات علمية ومالية لدول عربية ومشاركتها في بناء مجتمعات عربية جديدة دون التفريط بالحق الفلسطيني في العودة. كما يستشف من بعض التلميحات غير المباشرة الإشارة لما أسماه التقصير الفلسطيني، والدخول في حقب الإذعان والتسليم، وامتهان القضية الفلسطينية إلى حد التطوع بالنطق باسم جموع الفلسطينيين في كل مكان حسب رأيه. وهناك ايحاءات مباشرة فما المقصود بالزائر الغريب الذي يلج باب البيت نحو غرفة الضيوف ويتحدث بلكنة خالطها شيء من لغة غير عربية غير المهاجر اليهودي لفلسطين الذي احتل صدر البيت وعادة ما تكون غرفة الضيوف وطرد أهل البيت بالقوة. ووفق ما قاله ناجي لـ”الاتحاد الثقافي” فإنه استخدم تقنية جديدة تستثمر الزمن بأسلوب تناقلي بعد ما اسماه تحطيم المسارات التقليدية، لذا ففي الرواية شكل جديد من الزمن الروائي الذي يختلف عن التراتبية الزمنية المعروفة. شخصيات والرواية ـ والحديث لناجي ـ هي واقع فني جديد ينتمي لمرحلة او مراحل، ومن دون شك هناك الكثير من الرسائل والإيحاءات التي تظهر من خلال تسلسل الأحداث دون ان تكون هدفا في حد ذاته، أي انها ظهرت بعد الانتهاء من كتابة الرواية كنتاج لمسارات الأحداث وليس بناء على تخطيط مسبق. وفيما يتعلق بشخوص “غريب النهر” أوضح ناجي أنها ليست حقيقية ولكنها في البناء الفني تتخذ سمات مستمدة من مجمل ما أطلقنا عليه الواقع الفني الجديد. وقال: قد يكتشف القارئ ان بعض الشخصيات حقيقية، وإذا حدث هذا فهو في صالح الرواية لأنه متعلق بقدرتها على الإقناع. وتحدث ناجي عن وجود رؤية جديدة في روايته لمسألة النفير الفلسطيني وليس الشتات الفلسطيني من حيث مزاوجته بين حالة اللجوء والنزوح وبين بناء الحياة الجديدة في أماكن اللجوء وارتباط ذلك باستمرار الحق الفلسطيني فالنفير ليس مجرد شتات حسب رأيه. وحول المقصود بالزمن التناقلي قال انه أشبه بحركة لولبية داخل العمل الروائي، والسبب في استخدامه هو التعبير عن الحالة الفلسطينية التي لا تخضع للحسابات الزمنية التقليدية إنما لانفجارات المراحل وارتباطها بالمراحل السابقة واللاحقة بهدف تقديم إضاءة جديدة للزمن الفلسطيني. تثقيف وفي معرض رده على سؤال “الاتحاد الثقافي” حول قيامه بتأريخ قضية فلسطين برؤية مغايرة لما سبق إصداره قال ناجي: لا أؤرخ ولا أوافق على تعبير التأريخ في الرواية، فهي عمل فني يسخر التاريخ ويوظفه من أجل خدمة الأحداث الروائية وليس من أجل إدراجه بشكل وقائعي، لذا فلا وجود لجسم التاريخ داخل الرواية انما تجده مدمجا ومضمرا في سياق أحداثها. وما دامت الرواية تصدر في ذروة الربيع العربي فما هو المطلوب من الروائيين أجاب ناجي: ان المطلوب أن يكتبوا رواية انطلاقا من أحساسهم بالمشاركة وأهمية الربيع دون أن تكون الكتابة نتيجة قرار مسبق فالحدث الروائي يشق طريقه عبر الكاتب حينما يكون شريكا ومعايشا ومحاثيا وليس شرطا ان تكون المشاركة مادية بل تفاعلية. ويرى انه لو تم تثقيف الحالة الثورية في الوطن العربي فربما كانت النتائج أفضل ممّا رأينا وفي تقديري انه لو تم توفر البعد الثقافي لثورات الميادين لما تمكن طرف سياسي متكرر من قطف ثمار هذا الربيع . وقال: ربما يتساءل المرء في هذه الأيام كيف ان الشعب المصري بعظمته وعراقته أعاد انتخاب احد رموز الحقبة التي ثار عليها مؤكدا أنه لو تم تثقيف الحالة لكانت نتائج الربيع العربي مزهرة وليست خضراء مجردة. وقال ناجي انه لم يكن عرابا في الخلوات الثقافية التي عقدتها وزارة الثقافة الأردنية مؤخرا بل أبدى وجهة نظر في قضايا مؤتمر “نحو استراتيجية ثقافية وطنية” وطالب وعدد من المثقفين باستبدال عنوانه ليكون مرتبطا بما يجري في عالمنا العربي واقترحنا أن يبحث المؤتمر مسألة “الثقافة والإصلاح” بدلا من كلاسيكيات الثقافة واستراتيجيتها. واعتبر ناجي أن المثقف العربي لم يقل كلمته فيما يجري في عالمنا العربي ويبدو كما لو أنه معزول حتى الآن وهذا ما يدعو بالحاح لعقد مؤتمر ثقافي على مستوى عربي كي يقول المثقفون كلمتهم في الزمن الجديد. ويمكن الإشارة إلى أن من يقرأ تجربة جمال ناجي الروائية يتوصل بسهولة إلى أنه لم يكرر فكره في كل ما كتب وكل رواية من رواياته تتناول قضية مختلفة عن سواها وبأسلوب وتقنية مختلفة ولذا لا ينطبق عليه ما يردده بعض النقاد بأن الروائي يكتب في حياته رواية واحدة مهما بلغ عدد إصداراته” فأزهار البستان متنوعة بألوانها ورائحتها. رواية “غريب النهر” صدرت عن الدار العربية للعلوم ـ ناشرون.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©