الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاستثمار الإيجابي لوقت الفراغ مهارة ذاتية

الاستثمار الإيجابي لوقت الفراغ مهارة ذاتية
22 يونيو 2013 21:28
أبوظبي (الاتحاد) - تطرح العطلة الصيفية الطويلة إشكالية كبيرة بالنسبة للأهل الذين قرروا عدم السفر، وقضاء إجازتهم السنوية في البلاد، وتثير مشكلة أكبر بالنسبة للأولاد الذين سيقضون العطلة في المنزل، بينما نجد ذويهم يعملون خلال هذه العطلة، مما يزيد من تعقيد هذه المسألة، بحيث يقضي هؤلاء معظم أوقاتهم في البيت، ويتنقلون بين مشاهدة التلفاز والألعاب الإلكترونية أو الشغب فيما بينهم، بعيداً عن مراقبة الأهل، فكيف يمكن احتواء الأطفال وتوجيه عطلتهم بما يعود عليهم بالنفع، خاصة أنه يجب صرف طاقتهم العالية وتعويدهم على الحركة، وتأسيسهم التأسيس الصحيح، وتنمية إحساسهم بالمسؤولية، وإعلاء تقديرهم لذواتهم، من خلال دمجهم في أعمال البيت، والتدريب على اتخاذ القرار بأنفسهم، لخلق جيل قادر على تحمل مسؤوليته مستقبلاً. أفكار خاطئة تنتشر بعض الأفكار الخاطئة في إدارة العطلة الصيفية في جانبها المتعلق بالأطفال والمراهقين، بحيث يعتبر الآباء أن العطلة فرصة للنوم والراحة، وتعويض ما فات، مما يجعل الكل يغرق في سبات عميق إلى ساعات متأخرة من الصباح، بينما يستغرق الأطفال في مشاهدة التلفاز واستنفاد وقت طويل في التسوق، إلى ذلك تقول ليلى على «أم»: «إنها لا ترغب في الضغط على أبنائها، وأنها ضد فكرة انخراط الأطفال في أي نشاط من النشاطات بحجة أنهم يجب أن يعوضوا ما فاتهم خلال أيام الدراسة من الاستيقاظ المبكر وضغط المذاكرة». بينما تؤكد خديجة أحمد «أم »، أنها تحب أن يستمتع أطفالها بعيداً عن الدراسة والحفظ ، وتفضل انخراطهم في نشاط رياضي ترفيهي، في حين ترغب وبشدة سماح القاضي في إلحاق أولادها، خاصة صغار السن، في معاهد لتدريس اللغات، وتراها فرصة جيدة لسد النقص الحاصل في هذا الجانب، مؤكدة أن اللغات باتت ضرورة قصوى في عالم مصغر، كما تلفت أنها تساعد على فتح قنوات التواصل. ومن جانبها تقول سوسن السعدي « أم »: «أنها قررت خلال العطلة الصيفية أن تعلم بناتها خاصة كيفية تحمل المسؤولية في البيت على الرغم من صغر سنهن، لافتة أن أعمال البيت تنمي الشخصية، وتعلي تقدير الذات، خاصة عندما يتبع إنجاز العمل الثناء والرضى من طرف الأهل، مما يجعل الفتاة تبدل قصارى جهدها في ترتيب وتنظيم مكانها، وذلك ينعكس مستقبلا على حياتها برمتها». وتدافع السعدي عن فكرة استثمار العطلة بما يعود على الصغار بالنفع، وتأسيسهم التأسيس الصحيح، وفي سياق آخر تقول السعدي أن وجود الخادمة في البيت يشكل عائقاً كبيراً أمام نمو وتطور مهارات الصغار الذين يتكلون عليها بنسبة عالية جدا، مشددة على ضرورة التخلي عنها ولو جزئيا في بعض الأعمال أو ترك جزء من هذه المسؤولية للطفلة أو الطفل، مما يجعله يكتشف مهاراته، يجرب، ينجح ويفشل لاختبار قدراته على العطاء. وتضيف السعدي: « لقد لاحظت من خلال علاقتي بكثير من الأسر أن الفتاة أو الفتى يأكل ويترك مكانه في انتظار قدوم من يرفع ذلك، كما لفت انتباهي، ومن خلال رحلة عوائل من دون خادمات مع بعض الصديقات، أن البنات المراهقات، لا يتكفلن بأي مسؤولية، وتنقصهن مهارات وتفاصيل دقيقة في الحياة، وهذا حتما سينعكس على حياتهن الاجتماعية مستقبلا». استثمار مثمر لتحليل هذا الوضع ولاستثمار العطلة الصيفية أفضل استثمار، تقول علياء إبراهيم، استشارات أسرية، إنه يسهل توجيه الأطفال واحتواء وقت فراغهم بانخراطهم في المراكز الصيفية سواء الخاصة أو العامة، لتنمية مهاراتهم واكتشاف مواهبهم، ولكن الفئة الأكثر صعوبة في توجيهها هي فئة المراهقين، الذين يلزمهم طرق مختلفة في التعامل والتوجيه لمحاصرة وقت فراغهم واستثماره فيما هو مفيد لهم، ويعود عليهم بالنفع مستقبلاً، بدلا من انعزالهم أمام شاشات صماء تحول الابن إلى متلقٍ مشحون بالطاقة السلبية التي تبثها تلك الشاشات، والتي نجحت في عزل أفراد الأسرة الواحدة داخل نطاق البيت الواحد عن بعضهم بعضاً، وتضيف: «يجب أن تجتهد الأسرة في توجيه أطفالها لاستغلال أوقات الفراغ استغلالاً مثمراً يعود عليهم بالنفع، وإن مهمة توجيه الطفل إلى استثمار وقته في الإجازة أمر وإن كان صعباً فإنه ممكن، ولكن العقبة التي تواجه الأسرة هي قضية توجيه الأبناء من المراهقين الذين يتسمون في تلك المرحلة غالبا بالعناد والتمرد ومحاولة إثبات الذات أو بالرغبة في الاستقلالية عن الأسرة والارتباط القوي بالأصدقاء، بحيث يفهمون أي توجيه بأنه فرض أوامر، وهذا ما يدفعهم للتعنت، كما أن البعض منهم يرى الأمور بغير أعين الأهل الذين يصفهم بالتخلف عن ركب ما يريده وما يطمح إليه وما يفرضه واقعه الآني من تطور، وترى علياء إبراهيم أن هناك خطورة كبيرة في تعامل المراهقين مع الإجازة الصيفية، بحيث تتبعثر أوقاتهم، وتعرف حياتهم عشوائية كبيرة، أما التخطيط فيظل أمراً نادراً، ورؤيتهم للموضوع أنهم يريدون التخلص من قيود الدراسة وروتين المدارس، ورتابة الحياة، ويسمحون لأنفسهم بتجاوز كل هذه الحواجز، ويتخطونها نحو السهر، وتعويض ذلك في ساعات النهار». مسؤولية الآباء والأمهات تؤكد علياء إبراهيم أن مشاهدة التلفزيون ليل-نهار تخلق إنساناً مستهلكاً لمادة بها حمولة كبيرة من العنف، وتعمل على إنتاج أنواع من المرض النفسي، وأن المسؤولية تقع على عاتق الآباء والأمهات، لأنهم عادة لا يتحلون بالصبر في تربية أبنائهم، ويجدون راحة في جلوس أبنائهم أمام التلفاز للتخلص من شغبهم، وأن هذا سلوك يساعد على تدمير النفس، ويهدر الطاقات، بحيث يوضح أن الطفل يتلقى كماً هائلاً من المواد العنيفة وغير الموجهة، ليعيد إنتاجها في المجتمع على شكل عنف وسلوكيات غير سوية، ومن ثم ننبه إلى ضرورة تحمل الأسرة لمسؤولياتها من طرف الآباء، وبذل مجهود في تربية الأطفال، وتعويدهم على استثمار أوقات فراغم، بما يعود عليهم بالنفع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©