السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يوسف شاهين «موسيقار » ضل طريقه للإخراج !

يوسف شاهين «موسيقار » ضل طريقه للإخراج !
19 سبتمبر 2010 21:42
برع المخرج الراحل يوسف شاهين في تقديم كل ألوان الفيلم السينمائي عبر أكثر من نصف قرن، فمنها السياسي، ومنها الميلودرامي، والكوميدي، والفانتازي، والغنائي. وبفضل اهتمامه الدقيق بعناصر الأغنية في أفلامه أصبح «حدوتة» مصرية في فن السينما الغنائية، فالأغنية عنده لا بد أن تكون تجسيداً حياً لذروة الحدث الدرامي، وبنهايتها نصل لشيء جديد دفين نحسه، وهو ما يفسر اعتقاده الراسخ بأن الأغنية تدخل في صميم البناء الكلي لدراما الشريط السينمائي، هكذا تحدث عنه أصدقاؤه. ضل طريقه للإخراج وعن حسه الموسيقي الرفيع، يقول الناقد السينمائي طارق الشناوي: يوسف شاهين موسيقار ضل طريقه إلى الإخراج السينمائي فبداخله موسيقار كبير أحال الإيقاعات والأنغام إلى أفلام، ورغم أنه يعاني مشكلة السمع، لكن عندما يستمع إلى الموسيقى التصويرية في أفلامه يستطيع أن يحدد على وجه الدقة دور كل آله وإذا حدث نشاز في أي آله يكتشف موضع الخلل، ويحدد مكان الخطأ، وفي فيلمه «اسكندرية نيوريوك» أثبتت الموسيقى التي اختارها ليرقص عليها أحمد يحيى ويسرا اللوزي أنه موسيقار كبير. ويقول الموزع الموسيقي يحيى الموجي الذي تعاون مع شاهين في أكثر من فيلم منها «المصير والآخر»: قبل معرفتي به كنت فقط أرى أفلامه التي لم أكن أفهمها لكنني كنت ألمس فيها حساً موسيقياً عالياً بالنسبة للأفلام الأخرى، وشعرت بأنه يعشق الموسيقى بسبب غنائه في بعض الأفلام ووضعه أغنيات يؤديها الأبطال في أفلام أخرى حتى وإن لم يكونوا مطربين في الأصل، فهو متذوق موسيقى ولديه قدرة هائلة على استيعاب الأنغام ولديه أسطوانات لكل أنواع الموسيقى ولديه أيضاً من الثقافة الموسيقية ما يدفعه لأن يتدخل في اختيار آلات موسيقية معينة بأماكن محددة وإذا لم تعجبه أي قطعة موسيقية أقوم بتأليفها أو توزيعها يقول لي «بدني لم يقشعر ولم أبك بعد وأريد أن أبكي» وعندما نجلس معاً لسماع أي موسيقى أجده يبكي بالفعل فأساله لماذا؟ فيقول لي «لا أدري». حس موسيقي ويقول الموسيقار فاروق الشرنوبي: تجربتي مع يوسف شاهين ثرية ومتميزة وخاصة، وأهم ما يميز هذه التجربة عشقه للموسيقى والغناء، وقدرته الشديدة على توظيف العمل الموسيقى داخل الدراما وكانت بداية التعاون بيننا أثناء تصوير فيلم «الآخر»، حيث رشحني له مجموعة من المقربين منه لوضع الموسيقى التصويرية وأغنية «آدم وحنان» التي غنتها ماجدة الرومي بعد خلافه مع الموسيقار الراحل كمال الطويل، وبعد استئذاني للموسيقار الطويل بدأت وضع الموسيقى للفيلم وأثناء ذلك وبالتحديد في الأيام الأولى للعمل كنت مرعوباً منه، لكنه بعد أيام قليلة استطاع أن يزيل حاجز الخوف والرهبة، وأثناء المناقشة وجدته يتمتع بحس موسيقي عال، ولديه فكر موسيقي ضخم، ويجيد العزف على البيانو وأصبحنا صديقين وهذه الصداقة جعلتني أستفيد كثيراً من تجربته، وبعد حوالي عامين من فيلم «الآخر» تعاونا في فيلمه قبل الأخير «اسكندرية نيوريوك»، وفي هذا الفيلم الذي وضعت فيه الموسيقى التصويرية والأغاني أصر على أن أغني أغنيات الفيلم رغم أن المطرب علي الحجار غناها، لكنه اكتفى بأغنية «ولد وبنت» التي غناها الحجار «دويتو» مع المطربة هدى عمار، وحتى الآن لا أدري لماذا اكتفى بصوتي ولم يضع صوت علي الحجار على مشاهد الفيلم. عاشقة لمدرسته المطربة لطيفة ارتبطت بعلاقة شديدة الخصوصية مع يوسف شاهين، فلم يكن فيلم «سكوت هنصور» مجرد تجربة سينمائية جمعتهما، لكنها تركت مشاعر وأفكاراً ورؤى لم تفارق عقلها ووجدانها حتى اليوم. وتقول: يصعب أن أتكلم عن يوسف شاهين، فالحديث عنه يطول، فقد كان فيلم «سكوت هنصور» بداية أخرى لي في الفن، ويوسف شاهين جعلني اكتشف نفسي كفنانة واكتشف حضوري الداخلي ومع أهم تجاربي في الفن، انتقلت من حالة إلى حالة بصدق شديد، تفتح عقلي ووجداني على يديه نحو فن التمثيل والتجسيد الدرامي، وهذه التجربة جعلتني أقدم المسرح الغنائي ببراعة وإتقان مع الرحابنة، بثقة أكبر، لأن شاهين شجعني على التمثيل لذا أحرص على استحضار أرائه ودائماً كان يشجعني قائلا: استمري وستنجحين. ومنه تعلمت أشياء كثيرة أهمها الجرأة والإقدام والإرادة والأمل والحب والانتماء والذوبان في الفن وعلمني أن أنسى نفسي أمام الكاميرا وأذوب في المشهد الذي أقدمه، وفي هذا الفيلم قدم لي أغنية «المصري» التي أعتبرها أهم بصمة وأجمل هدية تلقيتها عبر شاهين. وعن ظروف اشتراكها في فيلم «سكوت هنصور»، تقول لطيفة: اتصل بي جو وتقابلنا وجلسنا معاً وصورني حوالي مئة صورة بنفسه، وظل يحكي معي عن أحوالي الشخصية وعن أهلي وإخوتي وعن كل عائلتي حتى أدق التفاصيل واندهشت ثم أعطاني السيناريو وطلب مني قراءته وذهبت إلى البيت وبداخلي تساؤلات عديدة ومشاعر لا أستطيع أن أصفها وقرأت السيناريو ثلاث مرات ثم أخبرته بموافقتي على الشخصية خاصة أن «ملك» كنت أشعر بها جيداً. وأضافت: لا أنكر أن كثيرين زرعوا الرعب في قلبي من تجربة العمل مع يوسف شاهين وقالوا إنه عصبي، فوجدت رجلاً حنوناً كأنني أعرفه من سنين طويلة عبر ما يبديه من خوف على الممثل وكان يريدني أن أبدو في أفضل صورة، وخلال التصوير أجده يسأل عني ويأكل معي ويبادلني الحديث عن أحوالي، وقال لي أمام الجميع عندما كنا نصور في العجمي: «بقالنا سنين لم أصادف أحداً يمثل بأسلوبك» ويومها وجدت هذه الكلمات أكبر دافع وطاقة هائلة زرعها بداخلي وشعرت بأنني ممثلة حقيقية، ورغم أنني مثلت في المسرح وعمري عشر سنوات إلى جانب الغناء، لكن شاهين فجر المخزون الصادق بداخلي لأصبح عاشقة لمدرسته. وتقول لطيفة: كنت أزور الأستاذ وعندما أنظر في عينيه وينظر في عيني لا نحتاج لأي كلام وحين كنا في الأوبرا نسجل أغنية «المصري» شعرت بأنها لحظة مهمة في حياتي وإذا كنت قد حلمت أو تمنيت أن أغني أغنية وطنية فإن تلك هي «المصري» فقد تربيت على ثقافة نجيب محفوظ وعبدالوهاب والسنباطي وعبدالحليم ود. أحمد زويل. مكتبة موسيقية ويقول الموسيقار عمر خيرت إن العمل مع يوسف شاهين ممتع للغاية، ويختلف عن العمل مع أي مخرج آخر نظراً لعشقه للموسيقى والغناء، فالموسيقى التصويرية عنده تساوي الفيلم، لهذا يتعب طويلاً حتى يجد المؤلف الموسيقي الذي يتناسب مع حالة الفيلم الذي يخرجه، وعندما يجده سرعان ما تنشأ معه صداقة تحفزه على أن يخرج منه أفضل ما لديه، وأثناء عملي معه في فيلم «سكوت هنصور» طلب مني أن نشتغل على الموسيقى والاستعراضات والأغاني قبل التصوير، وفي أحد الأيام، كنت في الاستديو مع لطيفة وفؤجئت به وبصحبته عازف على «الكيبورد» ويقول لي ضاحكاً إنه لحن أغنية للفيلم فأعتقدت أن هذا على سبيل الدعابة، لكنه فاجأني بعدما أخرج الكيبورد وعزف عليه الأغنية فأعجبتني فطلب مني أن أقوم بتوزيعها ووضع اسمي عليها فرفضت ذلك وقلت له ضاحكاً «لا شأن لي.. ضع اسمك عليها» فقال لي ضاحكاً: أنت الخسران! وأضاف: يوسف شاهين كانت لديه مكتبة موسيقية ضخمة وكنا نجلس معاً ونستمع لبعض مما تحتويه، فهو المخرج الوحيد الذي أسمح له بالتدخل في عملي بشرط أن أقتنع بوجهة نظره. وعن بداية التعاون بينهما، قال عمر خيرت كان ذلك عام 1986 في فيلم «اليوم السادس»، وبعد تقديمي لمجموعة من الأعمال الفنية المهمة كان في مقدمتها فيلم «ليلة القبض على فاطمة»، واتصل بي مهنئاً على عملي الفني وطلب مني أن نتعاون معاً في فيلمه الجديد بعد اعتذار صديقه الموسيقار الراحل كمال الطويل عن عدم العمل معه في هذا الفيلم نظراً لظروف خاصة به، وسعدت بهذا الفيلم ووضعت الموسيقى التصويرية، فضلاً عن رائعة «بعد الطوفان» التي كتبها الشاعر الراحل صلاح جاهين وغناها محمد منير.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©