الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الجمعيات المالية» بين الموظفين للهروب من زوبعات البنوك

«الجمعيات المالية» بين الموظفين للهروب من زوبعات البنوك
19 سبتمبر 2010 21:43
يلجأ عدد كبير من الموظفين في المؤسسات الحكومية والخاصة بها إلى تنظيم الجمعيات المالية فيما بينهم، والتي تعود إلى عشرات السنين، وقد تزايدت مؤخرا عدد هذه الجمعيات نتيجة للأعباء المالية التي تواجه العاملين في رمضان وعيد الفطر، فضلا عن حاجتهم لدفع الأقساط المدرسية لأبنائهم، وقد يرتبط الموظفون بربع الراتب في الجمعيات التي تستمر لسنة أو سنتين بحسب عدد الأفراد فيها والتي تتميز بخلو أقساطها من الأرباح الشهرية إلا أن العديد صادف تهرب بعض أعضائها من السداد بالسفر محملا بالأموال دون عودة، كما تعتبر الجمعيات المالية حلا مثاليا للكثير من الموظفين في الهروب من القروض البنكية، بل يمكن القول إنها باتت تنافس البنوك التي يراها البعض تغالي في فرض الفوائد على عملائها، في حين تخلو الجمعية التي يتم تنظيمها بين الزملاء من الفوائد ولا تعرف طريقها.. التزامات مالية وأكد عدد من الموظفين في إمارة الشارقة أن الراتب الذي يتقاضونه لا يلبث أن يتلاشى في الأسبوع الأول من استلامه نظرا للمتطلبات الكثيرة التي لابد من تلبيتها حيث يقول فيصل محمد موظف في إحدى الدوائر الحكومية وأب لثلاثة أبناء، بأن الالتزامات المالية تشكل عبئا كبيرا على كاهل رب الأسرة خاصة إذا تزامنت عدد من المناسبات في التوقيت نفسه فمتطلبات الشهر الكريم والعيد كثيرة والراتب لا يلبي جميع احتياجات الأسرة مما يضطرني إلى الاشتراك في جمعية مع الموظفين أو مع أفراد العائلة لتلبية تلك المتطلبات خاصة وأن المدارس على الأبواب ولابد من تسديد القسط المدرسي الأول في بداية العام الدراسي. وأشار إلى أنه يحرص على اختيار الأعضاء المشاركين في الجمعيات المالية، فقد تعرض في إحدى المرات لهروب أحد الأعضاء من الجنسية الآسيوية لخارج الدولة محملا بالأموال، إذ تم اكتشاف مشاركته بأكثر من جمعية واستلامها جميعا في وقت واحد مما تركنا في زوبعة مالية كبيرة. الراتب وحده لا يكفي ومن جهتها قالت مريم العبدولي، وهي موظفة في دائرة حكومية إن الراتب وحده لا يكفي ولا يسد كل الالتزامات المالية بشكل عام، لذلك فانا أشارك في الجمعيات المالية مع الموظفين في العمل أو حتى مع أفراد من خارج العمل بمبلغ يصل إلى 2000 درهم شهريا وتمتد حتى 12 شهرا، أي عاما كاملا خاصة أنني أحتاج المبلغ خلال فترات معينة تجتمع فيها أكثر من مناسبة مثل متطلبات رمضان والعيد أوالعودة إلى المدارس، وغيرها من الأعباء التي تقصم الظهر. في حين قال خالد عبد الله موظف إن التخطيط السليم في توزيع الراتب ضروري جدا حتى يتمكن الإنسان من العيش حتى آخر الشهر دون اللجوء إلى بنوك التسليف، إلا أن تزامن المناسبات مع بعضها يجعل من هذه العملية صعبة جدا، لذلك لابد من اللجوء إلى الجمعيات المالية التي تدار بين الموظفين لتدارك الأزمات المالية، خاصة وأنه لا يتم من خلالها احتساب أي فوائد مالية، وأنا شخصيا مرتبط بجمعيتين بألفي درهم في الشهر لمدة 10 شهور، لكي أتمكن من تلبية احتياجات أسرتي المكونة من 3 أفراد في الأوقات الحرجة في مثل هذه الأيام. زوبعات البنوك وبدوره أشار المستشار الاقتصادي الدكتور إبراهيم عمر إلى أن أكثر الأسباب التي أدت إلى توجه الموظفين للدخول في مثل هذه الجمعيات المالية هي زيادة المصروفات والرواتب البسيطة فضلا عن توالي المناسبات أو تزامنها في نفس الأوقات مما يترتب عليه التزامات مالية جمة. وأكد المستشار الاقتصادي أن دخول الموظفين في جمعيات مالية يعتبر من أحد المخارج لحل الأزمات المالية، وتجنبا للوقوع في زوبعات البنوك والمصارف المالية التي لها عدد كبير من الشروط فضلا عن الأرباح التي تحتسب على السلفيات. وقال: “تعتبر الجمعيات المالية بين الموظفين طريقة مثلى لحل المشكلات المالية التي يتعرضون إليها، بحيث تكون العلاقة بين الموظفين علاقة ودية وأخوية، خالية من الاشتراطات المالية التي تلجأ إليها البنوك، ويتوجه العديد من الموظفين إلى الاشتراك فيها حتى خلال أيام السنة العادية فهي أصبحت أسلوب حياة”. رأي الدين: فيها مصلحة للجميع من غير ضرر أما عن رأي الدين في التقارض بين جماعة من الموظفين، فقد نظر مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية في إحدى دوراته في الاستفتاءات المقدمة من بعض الموظفين، مدرسين وغيرهم، إلى الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد والمحالة إلى المجلس عن حكم ما يسمى بجمعيات الموظفين وصورتها: “أن يتفق عدد من الموظفين يعملون في الغالب في جهة واحدة مدرسة أو دائرة أو غيرهما على أن يدفع كل واحد منهم مبلغا من المال مساويا في العدد لما يدفعه الآخرون وذلك عند نهاية كل شهر ثم يدفع المبلغ كله لواحد منهم وفي الشهر الثاني يدفع لآخر وهكذا حتى يتسلم كل واحد منهم مثل ما تسلمه من قبله سواء بسواء دون زيادة أو نقص” . فقد جرت مداولات ومناقشات لم يظهر للمجلس بعدها بالأكثرية ما يمنع هذا النوع من التعامل لأن المنفعة التي تحصل للمقرض لا تنقص المقترض شيئا من ماله وإنما يحصل المقترض على منفعة مساوية لها ولأن فيه مصلحة لهم جميعا من غير ضرر على واحد منهم أو زيادة نفع لآخر. والشرع المطهر لا يرد بتحريم المصالح التي لا مضرة فيها على أحد بل ورد بمشروعيتها. والله أعلم. كما قال أحد علماء الدين إنها جرت عادة بعض الموظفين أن يدفع كل واحد منهم مبلغًا محددًا من المال‏،‏ ثم مجموع المبالغ يأخذه واحد منهم بالدور على شكل قرض‏، وبعضهم يشترط أن من مات بعد أخذ هذه المبالغ، فإنها تسقط عنه،‏ ولا يطالب ورثته بشيء منها‏.‏ ولكن هذه المعاملة تجتمع فيها عدة محاذير،‏ كل واحد منها يقتضي تحريمها، وهي، أن كل واحد يدفع ما يدفع بصفة قرض مشروط فيه قرض من الطرف الآخر فهو قرض جر نفعًا‏.‏ وأنه شرط عقد‏،‏ فهو بيعتان في بيعة المنهي عنه في الحديث‏.‏ كما أن في ذلك مخاطرة‏،‏ بحيث لو مات المدين لزملائه، أو نقل من العمل في الجهة التي تعامل مع زملائه فيها تلك المعاملة إلى العمل في جهة أخرى، أو فُصل من الوظيفة، أو تقاعد، لضاع على زملائه حقهم الذي لديه‏،‏ أو صعبت مطالبته به‏.‏ وننقل بعض أقوال العلماء في هذه المعاملة‏:‏ أما الشبهة التي احتج بها من أجاز هذه المعاملة وهي أن المنفعة مشتركة بين الأطراف المتقارضين،‏ والمنفعة إنما تحرم إذا كانت مختصة بالمقرض‏،‏ فالجواب عنها من وجوه‏:‏ الوجه الأول‏:‏ أن الحديث والقاعدة المجمع عليها في أن ‏”‏كل قرض جر نفعًا؛ فهو ربًا‏”‏ لم يخصصا التحريم بما إذا كان النفع من طرف واحد‏.‏ الوجه الثاني‏:‏ أن الذين خصصوا هذا التخصيص إنما ذكروه في مسألة السفتجة‏،‏ والسفتجة ليس فيها تقارض من الطرفين، وإنما فيها قرض من طرف واحد،‏ وذلك بأن يُقرضه دراهم‏،‏ على أن يرد عليه بدلها من بلد آخر، ليسلم من خطر الطريق‏،‏ هذا ينتفع بالدراهم‏،‏ وهذا ينتفع بالأمن من خطر الطريق،‏ والقرض من طرف واحد‏.‏ وقولهم‏:‏ ‏”‏إن هذا من باب التسديد وليس من باب التقارض‏”‏‏.‏ نقول‏:‏ هذا إنما يُتصور لو كان هذا العمل ينتهي عندما يتكامل عدد الجماعة‏،‏ لكنه يبدأ مرة ثانية من جديد‏،‏ فيكون تقارضًا‏.‏
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©