الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اكتئاب الشتاء.. قتامة النفس مع عتمة الأجواء

اكتئاب الشتاء.. قتامة النفس مع عتمة الأجواء
17 يناير 2011 19:59
تلعب العوامل الجوية المختلفة وتعاقب الفصول الأربعة دورا كبيرا في التأثير على نفسية الإنسان ونشاطه وإنتاجه. ومع حلول فصل الشتاء بما يحمله من برودة وأمطار، وغيوم تحجب أشعة الشمس، فضلا عن قصر فترة النهار وطول مدة الليل، يصاب البعض بالحزن والتعب مع عدم القدرة على التركيز والعمل، وقد شخص الأطباء والمختصون ذلك بما يسمى “كآبة الشتاء”، وهي حالة نفسية تتكرر في كل عام بنفس الوقت. يعاني المصابون بمرض اكتئاب الشتاء من عدة عوارض، مثل الكسل الزائد وفرط النوم، وتجنب الأصدقاء وعدم الميل إلى أداء الواجبات الاجتماعية، وقد يبدأ البعض باستقبال فصل الشتاء “بكآبة” أخرى ناتجة عن التفكير “بكآبة” هذا الفصل، فيما تدفع الكآبة البعض إلى التفكير والإقدام على الانتحار، وهو ما أثبتته الدراسات والأبحاث العلمية في هذا الصدد والتي أفادت بأن معدّل الانتحار في دول شمال أوروبا يزداد كثيرا في شهري ديسمبر ويناير من كل عام بسبب الاضطراب العاطفي الموسمي أو ما يعرف بالكآبة الشتوية. النساء أكثر عرضة وفي الوقت الذي رجح فيه بعض الأطباء أن يكون هذا المرض وراثيا، أشار علماء النفس إلى أن المزاج الاكتئابي مرتبط بأكثر من عامل فالجوّ البارد ونقص عدد ساعات النهار والضغوط المتزايدة سواء في المنزل أو في العمل تزيد الشعور بالكآبة، وخاصة بالنسبة للنساء حيث تنحسر قدرتهن على الحركة ما يضعف مستوى التفاعل الاجتماعي لديهن، ويشعرهن بالهبوط العام والخمول وتسيطر عليهن الأفكار السلبية. وقد أوضحت الدراسات العلمية أن واحدة من كل خمس سيدات تقريبا تعاني من الاكتئاب. وتفيد بعض النساء أن “كآبة الشتاء” تسيطر عليهن عند أول هبة من هبات الرياح الباردة، لتصل إلى ذروتها مع تغيير التوقيت من الصيفي إلى الشتوي.‏ تقول أمل حسين: “بمجرد دخول فصل الشتاء يعتريني شعور بالحزن غير مبرر، وأظل مكتئبة طوال الفصل، حيث أميل للبكاء لأتفه الأسباب، كما أنني لا أتحمس للقاء الأصدقاء أو حتى للحديث بالهاتف”. تواصل بالقول: “لم أكن أعلم شيئا عن كآبة الشتاء من قبل، لكنني عندما سألت أحد الاستشاريين النفسيين، وشرحت له حالتي، أخبرني بأن هذه الأعراض تشير إلى إصابتي بالمرض، ثم طلب إليّ أداء التمارين الرياضية ولو لمدة عشر دقائق في اليوم، وقد أشعرتني بتحسن كبير”. استقرار الهرمونات بدوره فقد عزا الدكتور جمال ربيع، استشاري الطب النفسي، سبب كراهية النساء لفصل الشتاء وشعورهن بالاكتئاب لعدة أسباب من أهمها قصر وقت النهار حيث أنهن لا يقدرون على القيام بواجباتهن اليومية، بالإضافة إلى أنهن يعانين من حالة الصمت التي تسيطر على الأسرة بعد العاشرة مساء. مضيفا إن المعاناة لا تقتصر على النساء وحدهن، فبعض الرجال يميلون إلى الشعور بالكآبة في الشتاء، تعود أسبابها للعادات والطقوس التي تصاحب الفصل، وأهمها عدم الخروج من المنزل خاصة في حالات المطر الشديد والرعود وحدوث الانزلاقات. وأوضح الدكتور ربيع أسباب الإصابة بالكآبة الشتوية، بقوله إن تأثير طقس الشتاء على استقرار الهرمونات في جسم الإنسان وبالتالي على الحالة النفسية واضح حيث تلعب البرودة دورا في شعور الإنسان بالخمول والكسل، في حين أن طقس الصيف الذي يتميّز بالحر يؤثر في مركز الانفعال في المخ فيستثار الإنسان من أبسط الأشياء وتتوتر أعصابه. وأضاف ربيع إن أحدث الأبحاث الطبية راحت إلى أن حجب الشمس عن الأرض بفعل تلبد الغيوم يؤدي إلى إطالة أمد “الميلاتونين”، والذي يفرز من الغدة الصنوبرية التي تقع في وسط المخ وأماكن أخرى بالجسم أثناء الليل، ثبت أنه وراء حالة البيات الشتوي في الحيوانات إذ يجعلها ساكنة خاملة طوال فصل الشتاء. كما ينتج عن طول ساعات ليل الشتاء وقصر نهاره أحيانا انعدام فاعلية هرمون “السيروتونين” الداعم للمزاج والمخفف لأعراض الاكتئاب والذي يحدّ من اشتهاء الطعام. ممارسة الرياضة ونصح الدكتور ربيع مصابي الاكتئاب الشتوي بالمتابعة المباشرة مع الطبيب خاصة مع توفر العلاجات المناسبة لذلك وهي “منظمات المزاج”، لكنه لم يغفل أهمية ممارسة التمارين الرياضية يوميا، وأهمها المشي لا سيما بالنسبة لموظفي الأعمال المكتبية، وذلك من أجل تحسين نفسياتهم، حيث أفادت الدراسات بأن موظفي المكاتب هم أكثر الأشخاص عرضة للكآبة والاضطراب العاطفي الموسمي خلال فصلي الخريف والشتاء لشعورهم بالكسل والخمول، وفقدان النشاط وعدم الرغبة في الحركة، مشيرين إلى أن شهر كانون ثاني (يناير) هو الأسوأ، حيث يعاني أربعة من كل خمسة أشخاص من الكآبة بسبب غياب الشمس وضوء النهار. من جانبها أفادت مجد عزام، أخصائية تغذية إلى أهمية ممارسة الرياضة في فصل الشتاء، وذلك للحدّ من زيادة الوزن التي تصيب بعض النساء نتيجة إصابتهن بالكآبة الفصلية والتي تؤدي إلى التهامهن المزيد من الطعام، لافتة إلى وجود العديد من التمارين المهمة في هذا الصدد، وفي مقدمتها الرقص الشرقي، فهو لا يساعدها على تنحيف الخصر وحسب، بل إنه يشكل حلا لعلاج العديد من المشاكل الصحية والاكتئاب. بالإضافة إلى أهمية التعرّض لأشعة الشمس بمجرد طلوعها، مع عمل نزهة على القدمين، المشي، إذا أمكن، والسماح للشمس والضوء بالدخول إلى المنزل. إلى ذلك نصحت الأخصائية مجد بتناول الأسماك، والذي يحتوي على “أوميغا3” والذي يمدّ جسم الإنسان بالعديد من الفوائد الصحية، أهمها التقليل من نسبة الاكتئاب وعلاج المشاكل النفسية التي قد يعانيها. ونوهت الأخصائية مجد إلى أهمية نوعية الغذاء في علاج الكآبة الشتوية وزيادة الوزن الموسمية، لافتة إلى أن مقاومة الكآبة وزيادة الوزن الناتجة عنها في فصل الشتاء يكون بتناول النشويات، ويجب الاستعاضة عن النشويات والسكريات عالية الدسم باختيار بعض أنواع من الأطعمة منخفض الدسم. شتاء أميركا تصل نسبة المصابين بأعراض الاكتئاب الشتوي في الولايات المتحدة إلى 10-20? من أفراد المجتمع الأميركي، والنساء أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض حيث تتضاعف نسبة إصابتهن عن الرجال بأكثر من أربع مرّات، كما وتزيد أعراض المرض في أيام الدورة الشهرية (الطمث). التغيرات المناخية حتى وقت قريب لم يكن يصدق الأطباء أن الإنسان يتأثر بالتغيرات المناخية، ولكن الدراسات الحديثة تشير إلى أن الإنسان يتأثر بطول النهار أو قصره كما هو الحال مع بقية الثدييات، وقد لاحظ فريق علمي بالمعهد الدولي للصحة العقلية بولاية “ميريلاند” الأميركية أن فسيولوجيا الإنسان ووظائف أعضاءه تتأثر بالضوء، وأن شدته تؤثر على إفراز هرمون “الميلاتونين” من الغدة الصنوبرية التي تقع في وسط المخ. وتهتم الدول الاسكندنافية والأوروبية والولايات المتحدة الأميركية بطرق ووسائل مكافحة الاضطراب العاطفي الموسمي، حيث يعرض المريض لصندوق ضوئي يجلس أمامه لمدة 30 دقيقة في الصباح يوميا وعادة ما يستمر العلاج حتى تتوافر كمية من أشعة الشمس مع بداية فصل الربيع. وقد يستخدم المريض “قبعة ضوئية” يضعها فوق الرأس، ويمكن أن تضبط هذه الأجهزة على ميعاد الاستيقاظ المطلوب وذلك لتثبيط إفراز هرمون “الميلاتونين” فيشعر الإنسان بالنشاط. هذا وينصح الأطباء بعدم ارتداء النظارات الشمسية في فصل الشتاء لانها تزيد الظلمة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©