الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طه حسين ينسج من جماليات الخط العربي عوالم من الإبهار

8 يوليو 2014 21:29
مجدي عثمان (القاهرة) ولد وتربى الفنان محمد طه حسين مستظلاً بحضارة إسلامية عربية، تنسم رحيقها منذ ولادته وتحسس آثارها بعينيه قبل يديه، في حي الجمالية، وعاش في حي الأزهر الشريف، وحي سيدنا الحسين، حتى انتهى من دراسته بالتعليم العالي، وهو ابن لتاجر نزح مع أسرته من دمياط إلى القاهرة وأم من مدينة سمنود بمحافظة الغربية، عملت بالتدريس وهي التي علمت أولادها القراءة والكتابة، وأيضاً هي التي شجعته على الالتحاق بالمجال الذي يحبه، وكذلك احتفظت فيما بعد بتراثه الفني لحين عودته من دراسته بالخارج وكانت المتذوقة الأولى لفنه. الفن الإسلامي ارتبط الفنان طه حسين بتراث الفن الإسلامي من خارج حدود وطنه، عندما بدأ بحثه للحصول على درجة الدكتوراه في الفلسفة تخصص تاريخ فن مقارن في موضوع «تأثير الفنون الإسلامية على فنون الغرب في الفترة ما بين القرنين 13 و15»، وكانت أول دكتوراه في فلسفة تاريخ الفن تُمنح لمصري بالخارج، ويظهر ذلك في لوحة نُشرت مع البحث ترجع لعصر النهضة من أعمال الفنان الإيطالي «بيزانللو». وتوضح دراسة لخط النسخ المملوكي، وأثناء دراسته بالخارج، أنه قام في عام 1958 بتجارب عدة في الطباعة الحجرية الملونة أو الليثوغراف، مستمداً أشكاله من عناصر شرقية وكتابات عربية في تركيبات وتكوينات جديدة لم يشملها القانون الرياضي الصارم الذي يميز فنوننا الإسلامية، وكانت تلك التجارب بداية اقتحامه لموضوع الكتابات العربية وتحريك الخط العربي وتوظيفه في الفن متأثراً بأعمال الفنان السويسري بول كليه، وبعض التجريديين التعبيريين الألمان مثل «هارتونج، فولز» رغم أنه كان يعلم أن الفن لم يصنعه الغرب، ولكنه ولد على أرضه، كما قدم عام 1959 أولى المحاولات والتجارب الإبداعية للكتابات العربية في الفن مع زميله الفنان ماهر رائف بأكاديمية دوسلدورف، حتى أن متحف برلين الغربية للفن الإسلامي افتتح أبوابه فترة السبعينيات بمحاضرة له عن الفن المصري المعاصر بدعوة من مديره وقتها «د. برش». المسام الحريرية ويقول إنه استفاد منذ عام 1969 من رحلته مرة أخرى إلى ألمانيا حين تعامل مع الطباعة بالمسام الحريرية، فمنحته فرصة الدخول في مرحلة جديدة من التجريد البحت، مستلهماً من التكرار والانتشار على المسطح في التراث العربي الإسلامي الذي يعتبر إحدى سمات الفن الإسلامي الذي استفاد منه الغرب في أوروبا وأميركا، حيث وجد بالبحث في تراثه الإسلامي ما يتلاءم مع احتياج وفلسفة مجتمعه، باعتبار أن الفنان المسلم يرى الجمال عن طريق التصور الذهني للأشياء ووضعها في قالب بنائي هندسي، وبذلك نجح في إخضاع إبداعاته الفنية للتنفيذ في خامات مختلفة مثل السجاد والكليم والخزف والجرافيك، تطبيقاً لنظريته الهادفة إلى أن الفن لا بد من انتشاره بين الجماهير، موضحاً أن هذا الدور لعبته الحضارات الشرقية والعربية الإسلامية ممثلة في عمائرها وأدوات الحياة فيها. ويؤكد حسين كلام الناقد ديتر هونش مدير القاعة الوطنية ببرلين، حين قال: «هذه الاستعارات الفنية نجدها ممثلة في الفنون الإسلامية التي حاصرت استخدام التشخيص وساعدت على تطوير الفنون في أوروبا على أرضية من المفاهيم الجديدة، وحركة «الزيرو»، والفن المحدد الجديد، والأوب أرت، وكذلك مبادئ حركة الانتشار الكلي والتصوير العشوائي لـ «بولوك وستيلا»، لا يمكن أن يكون موضوع التقييم والنقد لها في العصر الحديث دون معرفة الفنون الإسلامية التي يرجع الفضل إليها للاعتراف بتلك الحركات الفنية، كما يقول عنه المؤرخ الألماني د. يكمان: إن فن طه لن يتقادم، فما زالت المشربية تعيش حتى اليوم، فالفنان هنا يجمع ما بين المفهوم المعاصر للفن الأوروبي، وقيمه وتقاليده العربية إننا نعيش في عالم التجريد الفني الذي كان الفضل فيه للفنون الشرقية». الواحد هو أصل العدد إذا كان الفيثاغوريون يرون في الأعداد أصول الأشياء، وأن لكل عدد من الأعداد وجوداً ذاتياً ذا صفات، فالواحد هو أصل العدد ومنشأه منه يصد وإليه ينحل، وتنشأ الأعداد من وجود الواحد، وأن الإثنين عدد غير كامل وهو أول الكثرة، أما الثلاثة فعدد كامل لكونه ذا بداية ونهاية ووسط، وما زال الرياضي في العصر الحاضر هو الفيثاغوري نصفه للعلم ونصفه للتصوف، فقد وعي طه حسين ذلك وأقام عدة لوحات من الأرقام مفردة، فهو كما يقول مهتم بالإيقاع عن طريق التنوع في الانتظام، مشيراً إلى أن أجمل تشخيص تجريدي كان في ظل الحضارة الإسلامية، وإننا في حاجة ماسة لأن تجلس الهيئات مع بعضها لإفراز نموذج جديد وتعليم وتثقيف مختلف عما هو سائد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©