الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«شاسينا»... ثأر الشرطة البرازيلية!

27 نوفمبر 2016 22:33
في حي «مدينة الرب» بمدينة ريو دي جانيرو، تحطمت في الأيام القليلة الماضية طائرة هليكوبتر تابعة للشرطة وقتل فيها أربعة ضباط. وبعد ذلك بقليل ظهرت أنباء عن العثور على سبع جثث في غابة قريبة. وبالنسبة لشخص من خارج المجتمع البرازيلي، قد يبدو أن الحادثين لا رابط بينهما، ولكن بالنسبة للبرازيليين فعند تتابع حدثين مثل هذين تتردد على ألسنتهم كلمة «شاسينا» التي تعني مذبحة بصفة عامة. وقد ذكرت «جوليتا ليمجروبر»، المديرة السابقة لنظام السجون في ولاية ريو دو جانيرو، أن الكلمة تشير إلى مقتل عدد من المدنيين في عنف للشرطة. وفي التاريخ الحديث للبرازيل تعني كلمة «شاسينا» بالضبط مقتل مدنيين بعد مقتل ضابط شرطة. وإذن فالكلمة تعني انتقاماً بالقتل واسع النطاق تنفذه الشرطة. ولكن الأنباء لم تصف مقتل الأشخاص السبعة في حي «مدينة الرب» بأنه «شاسينا»، بل أشارت إلى أن سقوط طائرة الشرطة سببه مشكلة فنية وليس إطلاق نار من تجار المخدرات. وذكرت الشرطة أن بعض الجثث السبع ظهر عليها ما يدل على أن النيران قد أطلقت عليها عن بعد، وهذه ليست هي الطريقة المعتادة في هذا النوع من المذابح المذكورة. ولكن وصف السكان لما حدث بأنه «شاسينا» يوحي بعمق جذور الممارسة في المجتمع البرازيلي. وقائمة المذابح من نوع «شاسينا» في البرازيل على مدار العقدين الماضيين طويلة للغاية. وفي نوفمبر 2014، قتل ضابط شرطة في مدينة «بيليم» عاصمة ولاية «بارا» شمال البلاد وفي الصباح التالي تم العثور على 11 جثة. وفي نوفمبر عام 2015، قُتل ضابط شرطة في مدينة «فورتالا» شمال شرق البلاد وفي الصباح التالي عُثر أيضاً على 11 جثة. وفي مايو من هذا العام، قُتل ضابط شرطة في مدينة «لوندرينا» في جنوب شرق البلاد وفي اليومين التاليين تم العثور على 12 جثة. وفي حالات كثيرة، يوصف القتلى من المدنيين بأنهم مجرمون. ولكن غالباً ما يكون هناك أشخاص من ضحايا هذه المذابح بلا علاقة واضحة بالعصابات الإجرامية. وقد وقع أشهر هذه الحوادث عام 1993 في حي «فيجاريو جيرال» في مدينة ريو. فبعد وفاة أربعة ضباط من الشرطة قُتل 21 فرداً من السكان من بينهم أسرة من المسيحيين الإنجيليين اشتهرت بأن منزلها كان محل إقامة لتجار مخدرات. وكان هذا الحادث هو أول مذبحة «شاسينا» تثير انتقادات واسعة في البلاد. واتُّهم ما يقرب من 50 ضابط شرطة بالتورط في هذه المذبحة. وفي نهاية المطاف، أدين ستة منهم ولم يتبق منهم إلا شخص واحد في السجن. وبعد عمليات قتل مثل هذه يتحرك القضاء ببطء بصفة عامة، هذا إن تحرك أصلًا. وقد اعترفت «فيفيان جونكالفز» زوجة أحد القتلى السبعة في المذبحة الأخيرة بأن زوجها اعتقل مرتين قبل مقتله. وأضافت وهي تبكي «غير أن هذا لا يسوغ قتله... اعتقلوه أو اسجنوه ولكن لا تعدموه... كيف يكون هذا عدلًا ». وترى «ليمجروبر»، المديرة السابقة لنظام السجون، أنه «من المهم أن نشير إلى أن من يقتلون في هذه الحالات بصفة عامة هم شبان فقراء سود... هذا مجتمع عنصري، ولذا هناك اهتمام قليل للغاية بذكر أسباب هذا القتل. كما لو أن حياة هؤلاء الشبان بلا قيمة، وكما لو أن اعتقالهم مرة من قبل يسوغ قتلهم». لكن باولو ستورياني، القائد السابق لفرقة التدخل السريع في شرطة ريو، يرى أن «هؤلاء الشبان مهربون وكان بوسعهم الدراسة أو العمل، ولكنهم بدلاً من هذا اختاروا أن يكون لهم سجل جنائي». ويؤكد ستورياني أن مذابح «شاسينا» في هذه الحالات «انتهاك واضح للقانون». ولكنه يعتقد أيضاً أن الظاهرة ناتجة عن الضغط الشديد الذي تعاني منه الشرطة والافتقار إلى نظام قضائي متين يتعين أن يتضمن عقوبة الإعدام، في اعتقاده. وقارن ستورياني بين عمل الشرطة في أحياء تستشري فيها تجارة المخدرات مثل حي «مدينة الرب» وبين قتال الجنود الأميركيين في أفغانستان، قائلاً إن أفراد الشرطة يتعين عليهم الانتقال من منزل إلى آخر وهم يعرفون أن من يبحثون عنهم لديهم أسلحة نارية. ويرى أن هذا الضغط على أفراد الشرطة بالإضافة إلى انقطاع أمل الشرطة من نظام قضائي ضعيف «يخلق رغبة في البحث عن حل نهائي ونهاية أخيرة للشر الذي يواجهونه كل يوم». وفي مواقع التواصل الاجتماعي في البرازيل تتم الإشادة عادة بالشرطة في مذابح «شاسينا». وترى «ليمجروبر» أن هذا المنطق هو ما يسمح باستمرار هذا المذابح. وفي هذا السياق أشارت إلى عنوان صحفي جاء فيه أن الرجال السبعة الذين قتلوا في «مدينة الرب» لهم سوابق جنائية. وأضافت «هذه وسيلة لإضفاء مشروعية على قتلهم.. وبهذا النمط من المنطق والثقافة لا أعتقد أن مذابح شاسينا ستتوقف». * صحفية متخصصة في الشؤون البرازيلية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©