الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انتخاب روحاني... دواعي التفاؤل الغربي

22 يونيو 2013 22:27
سكوت بيترسون إسطنبول رغم أصالة انتسابه إلى الثورة الإسلامية في إيران، يعلق الغرب وإسرائيل آمالا على روحاني وخبرته الممتدة على مدى ربع قرن في الملف النووي الإيراني لزحزحة العقبات والتوصل إلى حل. فعندما تولى «روحاني» منصب كبير المفاوضين في الملف النووي بين عامي 2003 و2005، أشرف على الاتفاق الذي توصلت إليه طهران مع العواصم الغربية والذي بموجبه، وافقت إيران على تعليق تخصيب اليورانيوم، وهو ما جعله جديراً بوصف «الشيخ الدبلوماسي»، مخلفاً انطباعاً جيداً لدى المفاوضين الأوروبيين باعتباره دبلوماسياً محنكاً وذكياً. وعن هذا الأمر صرح وزير الخارجية البريطاني السابق، جاك سترو، في حديث إلى صحيفة «ديلي تلجراف»، قائلاً: كان روحاني «نموذجاً للباقة والاحترام، وهو أيضاً مباشر وبراجماتي، ومنشغل بالدفاع المستميت عن قيم ومصالح الشعب الإيراني». ويتذكر «سترو» اللحظات الصعبة في أكتوبر 2003 عندما زار وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا طهران للتوصل إلى اتفاق، لكنهم كانوا على وشك المغادرة دون بلوغ أي تفاهم بشأن البرنامج النووي وإعلان فشل المباحثات «عندها تحرك روحاني سريعاً وأجرى سلسلة من المكالمات مع خاتمي والمرشد الأعلى، للحصول على هامش أكبر للمناورة، وقد أبدى مرونة كبيرة. وبعد جولة من المفاوضات العسيرة والشاقة حصلنا على اتفاق عرف وقتها بإعلان طهران». وللوقوف على تعهدات روحاني بالاعتدال وإعادة التوازن للعلاقات المختلة مع الغرب لا بد من الرجوع إلى تاريخ المفاوضات النووية، لا سيما في ظل التشكك المتجذر لدى المسؤولين الأميركيين والأوروبيين من قدرة روحاني على إحداث اختراق في الملف النووي وتكرار إنجازه السابق. فقد تعهد روحاني بأن أيران ستكون «أكثر دينامية» في مباحثاتها مع الدول 5+1، مؤكداً استعداده «للمزيد من الشفافية» لتهدئة المخاوف الغربية، لكنه أيضاً أوضح بأن المطالب الأساسية لإيران والمتمثلة في الاعتراف بحقها في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية ورفع العقوبات المفروضة على الاقتصاد لا نقاش فيها. وفي هذا السياق قال حسين موساويان، العضو السابق في فريق المفاوضات الذي قاده روحاني «هناك فرصة اليوم للانتقال من مرحلة المواجهة إلى أخرى تتسم بالتعاون». ومع أن الرؤساء في إيران لا يتجاوزون سلطة المرشد الأعلى، ولا يراجعون قراراته في الملف النووي، إلا أنهم مع ذلك يحددون النبرة العامة للخطاب. فقد استفز الرئيس المنتهية ولايته، أحمدي نجاد، بخطابه المتشدد، العواصم الغربية، ما دفعهم لفرض عقوبات متزايدة على بلده، هذا فضلا عن غياب المرونة في مفاوضات سعيد جليلي. ويوضح موساويان هذا الأمر قائلا «تعتمد استراتيجية روحاني على التعاون وعلى الانخراط والمصالح المشتركة وإزالة العقبات والعداوات، وهو أيضاً من أنصار تسوية الخلافات سلمياً». وعن الطريقة التي يتخذ بها روحاني قراراته، قال موساويان إنه مفكر استراتيجي «يتشاور مع الجميع ويناقش كل الموضوعات ومختلف السيناريوهات» قبل البت في القضايا المهمة، لكن المتشددين في النظام الإيراني لم يتورعوا عن انتقاد روحاني لمقاربته التصالحية، متهمين إياه بتعليق التخصيب في اتفاق 2004 دون أن تحصل إيران على شيء، ليدفعوا إيران إلى استئناف التخصيب في 2005، وقتها حتى خامنئي اعتبر الاتفاق خطأ وشكك في نية الأوروبيين الوفاء بتعهداتهم. والمشكلة كما يوضحها محمد البرادعي الذي كان مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية تكمن في تدخل الأميركيين للضغط على الأوروبيين والتنصل مما جاء في الاتفاق، ويضيف البرادعي في مذكراته المنشورة في 2011 أن «إيران تحركت بسرعة» ومضت قدماً في تعليق تخصيب اليورانيوم في غضون أسبوع واحد، لكن الاتفاق سرعان ما انهار بعد بضعة أشهر «لأن العرض المهيأ من قبل الأوروبيين لم يتضمن إلا القليل من الفوائد التي نوقشت قبل ذلك في اتفاق باريس...ولم يكن العرض ضعيفاً فحسب بل صيغ بنبرة استعلائية تقترب من العجرفة». لكن في خطاب ألقاه روحاني أمام المجلس الأعلى للثورة الثقافية في 2004 تطرق إلى كيف أن إيران كان توسع، بالتزامن مع مفاوضاتها مع الغرب، تخصيبها لليورانيوم، حيث قال «في الوقت الذي كنا فيه نتحدث إلى الأوروبيين في طهران، كنا نركب معدات في منشأة أصفهان، ومن خلال خلق أجواء هادئة تمكنا من إنهاء العمل في المنشأة»، كما تحدث روحاني أيضاً عن انعدام الثقة المتبادلة «فهم يعتقدون أننا نخدعهم ونحن نظن بأنهم يقومون بالأمر نفسه، لذا علينا أولًا وقبل كل شيء بناء الثقة بخطوات تدريجية وعملية». والمثير للاهتمام أن روحاني يعترف بأنه في النهاية «سيكون علينا جميعاً، الأوروبيين والإيرانيين، القبول بصفقة أقل من مائة في المئة التي يريد كل طرف»، هذه اللهجة المغايرة تختلف جذرياً عن اللغة التي تحدث بها المتشددون في السنوات الأخيرة، لذا يمثل انتخابه منذ الجولة الأولى في الانتخابات الإيرانية فرصة لتحقيق بعض التقدم في المفاوضات. ولعله من المهام الأولى التي سيسارع روحاني إلى إنجازها هي تغيير كبير المفاوضين الحالي، سعيد جليلي، المعروف بمواقفه المتصلبة واستبداله ربما المدير السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، الذي يحمل شهادة الدكتوراه في الهندسة النووية من معهد مساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©