محطات

أحاسيس مقطع مع زخات المطر، وجمال فصل الشتاء، والجميع يلتف حول الحساء، ذلك المنظر الرائع الذي يجمع أفراد أسر، ونحن في أمكنة أخرى، كلنا حنين للوطن، مذكرات أخيلة بين جبين أم وأب، فقدان ضحكات إخوان. عند رؤية المقطع تسافر الأرواح وتبقى الأجساد. الندى كرات تتلألأ تعكس ضياء وصفاء، تداعب الوجدان، تملأ الحنايا شوقاً وهذياناً، تحرك أسراراً دفينةً، تحكي أملاً، تعاهد الأوفياء فقط بأن النهايات جميلة. الأماكن نحمل أشخاصاً أينما نكون، هناك من يستحق أن يسكن وطناً، وهناك من يستحق أن يسكن منفي، لكننا نعشق ذلك الرصاص الذي اغتالنا فجأة بعدما لملم الشتات، وعاهد الدموع بالسكون، إلا أنه دفننا في مقبرة منسيّة لا يسكنها سوى الأرواح. الشوارع حكاية رصيف، وضوء شارد، صوت أغنية وموال، تلك القلوب مدائن، وتلك العيون تعبر الأضواء، فالليل سفر للوجد، وللهوى ميعاد. السفر رزم مشاعر، السفر مع الذات والبحث عنها في الأجواء والبقاع، قد لا نعرف الوجهات ولكن نحمل حقائب الذكريات، فلا نملك سوى تلك الأجنحة والأشرعة وأغاني الجراح، بين هروب أو استسلام، بين كلمة وداع وجمرات صمت. لحظات الشرود في العيون سر دعاء، في البسمة ماضٍ دفين، هناك من يغرس وداً وهناك من يسقي أنيناً بأنهار العذاب، بين القرب والبعد تساوي أحوال، النتيجة واحدة احتراق ولوعات، سنوات مضت لا وجود للإجابات. الروابي معانقة سحب، منظر زهر وشجر ومطر، رقص أغصان، وأداء طبيعة، عجز قلم، وخرس ألسنة، لحظة شرود، فرحة عيون بجمال منظر. مع الذكريات عتاب طيف، مراجعة دفاتر، الجرح أجمل تذكار، ترقب ليال، وتعليق أمل وأمنية على باب مهجور، إلغاء كلمة النسيان واستبدالها بكلمة صعب، العيش مع الذكريات كي تستمر الحياة بالمسير فهناك محطات مهمة لابد أن نقف عندها. عزيزة ناصر - أبوظبي