الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أين هي المجلات الثقافية السعودية الآن؟

أين هي المجلات الثقافية السعودية الآن؟
7 فبراير 2008 00:48
في عام 1936 صدرت في السعودية (المدينة المنورة) مجلة ''المنهل'' والتي كان يديرها أديب وكاتب هو عبدالقدوس الأنصاري· واعتبرت المجلة في ذلك الوقت بداية حقيقية لمجلة مختصة بشؤون الأدب والثقافة بل وكانت تعد أقدم مجلة أدبية مع وجود مجلات أخرى تهتم بالشأن الأدبي جزئياً في ذلك الوقت، بعدئذ صدرت ''المجلة العربية'' 1975 و''الفيصل'' 1976 و''الجيل'' ،1977 ومن ثم كان هنالك مجلات وملاحق دورية وشهرية تصدرها الأندية الأدبية، منها ما توقف ومنها ما استمر إلى الآن لعل أكثرها شهرة ''علامات'' في النقد، و''نوافذ'' وبعض الملاحق الأسبوعية الجادة والتي تقدمها الصحف بين فترة وأخرى·· بيد أن تلك المجلات والملاحق بقيت زمناً طويلاً إما في حالة ثبات من حيث عدم تطورها ومواكبتها وإما توقفها لأنها بالتالي لم تقدم جديداً· الخبر - في هذا التحقيق والذي طرحناه على مجموعة من المهتمين من الكُتاب والنقاد استعرضنا المجلات الثقافية والأدبية السعودية في الماضي والحاضر: دورها التثقيفي والتنويري، مدى تأثيرها وانتشارها بين صفوف المثقفين والقراء العاديين، هل تسجل حضوراً خارج السعودية؟ هل تطرح قضايا سجالية؟ أي المجلات سجل حضوراً في ذاكرة المثقف؟ طموح المثقف ومايراه من مستوى في تلك الصحف والمجلات الثقافية· تباينت الآراء واختلفت بين من يرى أنها حققت الكثير ونجحت في استقطاب المثقف وبين من يرى أنه لا أثر البتة لها وأن وجودها لايعدو كونها مجلات وصحفاً لم تقدم شيئاً· تتشبه بالثقافة في البدء يقول الناقد محمد العباس إنه شخصياً لايحتفظ في ذاكرته بأي مجلة ثقافية أو أدبية أو فنية سعودية ذات قيمة، ويضيف محمد العباس: لم أتتلمذ على أي منها، ولم أحرص على اقتنائها، نتيجة عدم اقتناعي بما ينشر فيها من كلاسيكيات باردة فهي تتشبه بالثقافة ولكنها تخلو من الجوهر، وهي منابر دعائية، وغير جدلية، ولا تنتمي لروح العصر بقدر ما تؤكد على الماضوية، حتى المجلات التي أسست لاحقاً واستقطبت نخباً فكرية عربية لم تقدم إلا مادة أقرب ما تكون إلى الشكل الأرشيفي منها إلى الجدل والسجال وبناء مدارك معرفية مغايرة، وهي موضوعات مدرسية مستهلكة ومنشورة أصلاً يعاد نشرها أو يتم تعديلها لتتوافق مع السقف المسموح به· وأظن أن الأمر في صورته الكلية ناتج عن بنية مرتبكة إزاء المعرفة، ومسكونة بالرهاب قبالة الجماليات والفنون، وبالتالي يصعب استيلاد مجلة ذات طابع ثوري تغييري تنويري ضمن هذه البنية المحافظة التي تستهلك الكثير من المال والوقت والجهد، كما تمارس التطويع والتدجين والاستدماج لطابور طويل من المثقفين والرموز لتصد الحداثة بكل أشكالها· أزمة عامة ويحدد الروائي فهد العتيق أزمة المجلات والملاحق والصحف الثقافية بأنها جزء من أزمة عامة في الثقافة وأن المؤسسات والدوائر الثقافية تعاني من عدم الجدية وهذا يجعل الكاتب والمثقف الواعي لا يستطيع أن يدير مجلة ثقافية أو صحيفة وأن وراء كل هذا أشخاص تشغلهم المنفعة الشخصية ويبدي فهد العتيق تشاؤمه رداً على سؤالنا: هل تتوقع أن تصدر مجلة ثقافية تعيدك لمتابعتها من جديد؟، ويجيب: لا أتوقع أن يصدر ملحق حقيقي ولو صدر سيورطه الهم الحقيقي الثقافي في متاعب كثيرة· هبوط سريع ويتحدث الشاعر زكي الصدير ذاهباً إلى تحليل مستويات تلك الصحف والملاحق الثقافية، فيقول إن هناك مستويين هشين: مستوى قوامه الخطاب النخبوي العالي جداً ومستوى كفر بأبجديات اللغة فصدرها هكذا من دون تقنين رغبة منه في شعبيتها وهو يتفق مع فهد العتيق في وجود أشخاص تشغلهم المنفعة الشخصية·· ويصف الصدير هؤلاء بقوله: بقيت المنجزات الثقافية تراوح مكانها مستظلة بقول المتبسطين والنافذين، ومن بيدهم تشكيل ثقافة (أجاد ولم يُجد)، الأمر الذي ضمن للمرحلة القادمة هبوطاً سريعا في الاشتغال بسبب رغبة المثقف في الحضور المبهر في عالم لم يتقن قراءة ظله بعد!؟ زكي الصدير يرى أن الإصدارات السعودية لا تسجل حضوراً مختلفاً في ذاكرة جيل كامل إلا ما ندر، ويرى أن مجلة ''النص الجديد'' شبت عن الطوق وكانت مميزة، فقد كونها مجموعة من الأصدقاء ربطت قلوبهم بهجة الأرض وعشق التراب وفتنة اللغة· محمد العامر الناقد والأكاديمي السعودي يقول إن مشكلة الصحف والملاحق الثقافية في السعودية، هي في الأغلب تتمثل في كم الممنوع والمحذور ومقص الرقيب وينقصها الاستمرار·· ويستثني العامر مجلات مثل ''علامات'' في النقد و''النص الجديد'' ويتساءل مع زكي الصدير أين هي الآن؟ رأي آخر بينما يختلف فوزي المطرفي ـ مسؤول بإحدى المجلات الثقافية الجديدة وشاعر ـ عمن سبقه ويقول: إن الصحف والمجلات الثقافية لعبت دورًا قياديًا في نشر الوعي الثقافي، بحيث سخّرت طاقات كثيرة في سبيل تنوير المجتمع وزرع ثمار النضج في بطن بواديه وقراه· ولعل في الحديث عن مجلة ''العرب'' العريقة، والتي أسسها الأستاذ الراحل حمد الجاسر، خير برهانٍ على فعل الحراك الثقافي النهضويّ الذي قامت به، ممّا حدا بالنقّاد على جعلها علامةً فارقة في مناخ البيئة السعودية·· ولو أردنا الإسهاب وعرض الشواهد، لما اتسع الحيز· وعند القياس البيانيّ لدور المجلات الثقافية في الماضي والحاضر، نجد أن المؤشر لا يكاد يثبت على حالٍ من المتغيرات التي تظهر وتستجدّ بشكلٍ أو بآخر· ويتبع ذلك نظرة التطلّع المفتوحة ـ التي نهجت إليها هذه المجلات ـ بحيث رفعت سقف الكتابات الإبداعية المختلفة، وساعدت على تعدّد منابر الرأي والرأي الآخر، مابين التنوير والتأصيل والتغيير، الذي نراه ونلمسه في وقتنا الحاضر! القراء أولاً وينظر الدكتور عبدالرحمن المحسني وهو شاعر وناقد أدبي بإيجابية إلى مجلتي ''الفيصل'' و''العربية'' بعمق الأولى وشعبية الثانية ثقافياً· فإذا عدنا للإطلالة على المجلات الثقافية للأندية الأدبية رأينا أن العطاء الثقافي والإبداعي في الطرح لمجلات الأندية يتراوح بين عدد وآخر· ولعل الأميز هنا هو مجلة ''بيادر'' عن نادي أبها ومجلة ''دارين''· أما المتابعة القرائية فيقول المحسني إنها تتباين، فحين تجتذب ''المجلة العربية'' مثلاً القراء من كافة المستويات الثقافية، نجد أن مجلة ''علامات'' و''الفيصل'' مثلاً و''دارين'' تجتذب النخب المثقفة، لكن هذه المجلات عموماً لها قراؤها، ومجلة كـ ''المنهل'' تجاوز عمرها نصف قرن لا يمكن أن تحيا إلا بقرائها· ويختم الدكتور عبدالرحمن المحسني حديثه بالقول: الأمر فعلاً يحتاج إلى عمل مضنٍ وطويل ومؤسسي لتعميق الأبعاد الثقافية للمجلات المتخصصة وقدرتها على التفاعل مع المعطيات العربية المحيطة، لكننا نقول مطمئنين إنها ساهمت منذ منتصف القرن الرابع عشر الهجري قي قيادة العمل الثقافي في المملكة، وكانت منفذاً مهماً للتواصل مع الثقافة العربية والإنسانية عموماً·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©