السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الكويت.. الانتخابات القادمة ومقولات السياسة

28 مايو 2006
د· ناصر الجيلاني
شغلت أحداث الشارع الكويتي الرأي العام العربي خلال الأسابيع الماضية كونها عكست صورة تقليدية للصراع بين أنصار الحكومة ومعارضيها، ذلك الصراع الذي يظهر بين حين وآخر في بعض البلدان العربية ليعيد ترتيب العلاقة بين الطرفين·
والواقع أنه لم يحدث إلا نادراً أن خسرت السلطة، وتراجعت عن مواقفها في واحدة من هذه الجولات، مما يطرح باستمرار السؤال حول جدوى المعارضة، وهل هي فعلاً راغبة في الإصلاح؟ أم أنها فقط تدافع عن مواقعها، وبالتالي مصالحها الضيقة؟ بالإضافة إلى سؤال آخر لا يقل أهمية حول ما إذا كان الإصلاح دائماً في قائمة مطالبات المعارضة، أم أنه أحياناً ما يكون في أولويات الحكومات حيث تقوم المعارضة نفسها بإعاقته؟
والكويت هي أول دولة خليجية تشهد برلماناً منتخباً، ورغم المصاعب استطاعت تجربتها الديمقراطية البقاء والاستمرار، حيث كثيراً ما جرى الاحتكام إلى الدستور، ولم يتم المساس ببنوده بالتغيير، على خلاف ما جرى في بلدان خليجية وعربية أخرى، ويتشكل البرلمان الكويتي من خمسين عضواً، ينضم إليهم جميع الوزراء بعد أدائهم القسم القانونية، وتختار كل دائرة من الدوائر الخمس وعشرين عضوين لتمثيلها·
حسم أميري
ومع الحديث عن شراء الأصوات والتزوير في الانتخابات أعلنت الحكومة أن النظام الانتخابي الحالي فاسد ويحتاج إلى تغيير، وكلفت لجنة وزارية بدراسته منذ أكتوبر الماضي، واستقر رأي اللجنة على نظام الخمس دوائر، وأصدر تسعة وعشرون نائباً بيان تأييد لقرار اللجنة، وهم الأغلبية الإسلامية في البرلمان مدعومين بعدد من الإصلاحيين والمستقلين والليبراليين والناشطين ومن هيئات المجتمع المدني، لكن تغيرت التوجهات فجأة، وتم الإعلان عن نظام العشر دوائر، فأيدتها مجموعة التسعة وعشرين، لكن الحكومة عادت لتطلب إحالة مشروع القانون إلى المحكمة الدستورية، مما أثار ثائرة النواب الذين اتهموها بإعاقة الإصلاح، وانسحبوا من مجلس لأمة وأعلنوا تشكيل كتلة جديدة اسموها كتلة التغيير قامت بطلب استجواب لرئيس الوزراء، في أول سابقة من نوعها في تاريخ البلاد·
وإزاء عدم التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية أقدم الأمير على حل مجلس الأمة داعياً إلى انتخابات مبكرة، وهو ما وصفه أمين عام المنبر الديمقراطي عبدالله النيباري بأنه انتكاسة للديمقراطية، وإصرار من السلطة على استبعاد المشاركة الشعبية في صنع القرار·
وعلق كل طرف آماله على الانتخابات القادمة لحسم الموقف، فقال عضو التكتل الشعبي مسلم البراك: إن الأمير قد فصل بصلاحياته الدستورية في الخلاف بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، لكن الشعب الكويتي لم يفصل بعد في هذا الخلاف، وستثبت الانتخابات أننا سنقتلع رؤوس الفساد، رد النائب جمال العمر بقوله: لقد أردنا التهدئة لكن كتلة التسعة وعشرين أرادت هذا الوضع وعطلت مجلس الأمة عن مزاولة صلاحياته، وأرادوا الزعم بأنهم مجموعة من الإصلاحيين، أما نحن ففاسدون، لكن الشعب سيفصل بيننا·
ويتهم مراقبون أوروبيون العالم العربي بأنه أقل المناطق ديمقراطية في العالم، من منظور تداول المواقع العليا في هرم السلطة، وليس هناك ما يشير إلى أن الحكام يريدون أن يعطوا الفرصة للشعوب العربية لأن تختار بديلاً لهم، أما المعارضة، فهي إما شريك للسلطة في رسم الصورة الديمقراطية التي تحتاجها السلطات في القرن الحادي والعشرين، يحصلون على بعض المكاسب لقاء دورهم هذا، أو أنهم طامعون في السلطة لكنهم يدركون ضعف فرصهم، فيكتفون بتحسين المواقع ليس إلا، ويبقى الصراع الخاص بالعالم الإسلامي، وهو الصراع حول مدى الالتزام بالتقاليد إلى جانب المعايير الدينية في الحياة العامة، فيما اصطلح على تسميته بالصراع بين المحافظين والإصلاحيين·
الثروة·· والإصلاح
لكن ما الذي يجعل هذا الاختيار أو ذاك إصلاحاً؟ وكيف يمكن وصف معارضة البرلمان لمرسوم الشيخ جابر الأحمد الصباح عام تسعة وتسعين بمنح كافة الحقوق السياسية للنساء الأمر الذي لم يحسم حتى عام ألفين وخمسة؟ وهل تندرج جهود المحافظين في فرض قوانين فصل الرجال عن النساء في الاماكن العامة، ومنع الكحول في الامارة لعدم تماشيه مع الدين الاسلامي، ومؤخراً منع الحفلات الغنائية التي يحييها مطربون، وما تبعه من ضغوط على وزير الاعلام الكويتي دعته للاستقالة بسبب سماحه بإحدى الحفلات الموسيقية، هل تندرج تلك الجهود ضمن محاولات تحسين المواقع، والتمكين للأتباع، أم أنها محاولات إصلاحية؟
وإذا صدقنا التحليل الغربي للواقع الديمقراطي العربي القائم على اعتبار أن العرب يعيشون نظاماً اجتماعياً أبوياً لذا فهم قد قبلوا بأن يرعى الحكام مصالحهم في مقابل ألا يتوقعوا نظاماً ديمقراطياً، ولكن حين لا يتمكن الحكام من توفير متطلبات الناس فإنهم عندها يتحدثون عن المطالبة بنصيبهم من المشاركة في السلطة، ولاحظنا أن الكويت البالغ تعداد سكانها مليونين وسبعمائة ألف نسمة بثروة نفطية تبلغ عشر الاحتياطي العالمي، وبمتوسط دخل للفرد يفوق ثمانية عشر ألف دولار سنوياً، أي في غياب لأية مشكلات اقتصادية مؤثرة، يفرض السؤال نفسه حول ما إذا كانت مقولات الإصلاح ستنحصر في دائرة صرع التقاليد والدين مقابل الانفتاح؟ أم أنها قد تتسع لتشمل جوانب أخرى، خاصة وأن كل طرف يعتقد أن فرض وجهة نظره هو الإصلاح بعينه·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©