الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصداقة بين الجنسين مخاوف وضبابية و «وجع رأس»

الصداقة بين الجنسين مخاوف وضبابية و «وجع رأس»
31 يناير 2010 21:02
الميل نحو الاستقلالية عن الأهل ومحاولة الاندماج في مجموعات شبابية من أبناء الجيل، والاهتمام بالجنس الآخر، من أهم مظاهر النضج التي تتسم بالتغير والسرعة والوضوح لتسبب أهم المشاكل السلوكية في حياة المراهق أو المراهقة. وما من شك في أن هذه المشكلة هي نتاج لموروثات ثقافية ومجتمعية بالغة التعقيد، ولا يمكن القول الفصل فيها، أو يمكن إطلاق التعميمات الفاصلة بشأنها ما بين القبول والرفض، ولا يمكن وصف أبعادها، ولا تحديد معاييرها وضوابطها على وجه الدقة. ويبقى التساؤل الأزلي الحائر حول حقيقة الصداقة بين الجنسين، وما يرادفه من تساؤلات فرعية! فهل هناك ما يسمى بالصداقة بين الجنسين حقاً؟ وهل هناك صداقة "العلاقة" بريئة بالفعل؟ يقولون إنه مجرد صديق أو أنها مجرد صديقة، فما هي حدود هذا المفهوم؟ والى أي حد يتقبل المجتمع بقيمه وتقاليده وثقافته هذا النوع من العلاقات؟ العلاقة البريئة وغير البريئة تقول خديجة المرزوقي "طالبة 20 سنة": "غالباً ما تأخذ العلاقة بين الجنسين في مجتمعاتنا شكلاً يتصف بعدم وجود موانع أو عوائق لرغبات كلا الطرفين، وقد تكون بدايتها بريئة تحت مسمى الصداقة أو الزمالة، وتنتهي بهما إلى الخطأ أو التجاوزات غير الأخلاقية، أو الفاحشة أو في أفضل الحالات يضطر الطرفان الى الزواج العرفي. فهذه العلاقة محرمة ومرفوضة، أما العلاقة البريئة فتحدّها حدود وضوابط ذاتية، وتعتمد على المصارحة والصدق والألفة والالتزام الأخلاقي والثقة بين الطرفين، ولا بأس بمعرفة الأهل بهذه العلاقة إلى حد ما. وقد تتعدى الصداقة إلى الأخوية، فكلا الطرفين يحرص على مصلحة الآخر، وذلك دون الوصول إلى ما حرمه الله، وأصحاب هذه العلاقة على قناعة بصحتها، وبراءتها ما دامت في العلن ولا تصل إلى ما حرمه الله". سُم .. ونقائص ترى أمل الهرمودي "طالبة- 19 سنة" أن المصارحة والصدق والثقة في هذه العلاقة كالسم في العسل، إذ أن هذا الصدق ما هو إلا قناع لعملية تمثيلية، يصوّر كلّ واحد فيها نفسه في أحسن صورة، ويزّين مظهره ويتزيّن في كلامه، ولا يقبل أن يتعرّف الطرف الآخر على عيوبه، فهو لا يذكر عيباً من نفسه حتى يكون صريحاً، إن أبرز ما في هذه العلاقة الكذب والخداع، ومن يعلم أن أي من الطرفين لم يطوّر هذه العَلاقة من طرف واحد؟ وتضيف أمل: "إن الشاب يجد في هذه العلاقة الراحة والتسلية، إذ ينشرح صدره وينسى همومه ويأنس بهذه المحادثات والمناقشات، فهو لا يبحث عن حل، إنما يريد أن يفرغ همّه، وهي كفتاة تحقق غايتها من تسلية النفس وانشراح الصدر مباشرة أو هاتفياً، ويقابل ذلك عند المرأة تحقيق الشعور بالذات والأهمية وزيادة الثقة بالنفس نتيجة لطلب الفتى أو الرجل إياها، كلّ هذا في إطار من المظاهر الخادعة والتمثيل، فهي تحكمه بدلالها وهو يحكمها بدهائه وخبرته، وإذا كانت هذه العَلاقة لا تدعو إلى الفاحشة، فهذا ليس دليلاً على صحتها وشرعيتها، فهي مخالفة للشرع والعقل". ويتساءل صالح الكعبي "طالب- 22 سنة" قائلا: "منذ متى واعتراف المجتمع بمعايير الصداقة بين الجنسين؟. إن معايير المجتمع معايير ناقصة، ويقول الله تعالى: "قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون". إن السائد أنّ كلا الطرفين يرى الآخر في أحسن صورة، حتى لو كان عكس ذلك، بمعنى أنّ الشاب قد يكون سطحياً، والفتاة التي معه قد لا تقبله زوجاً، لكن مع ذلك، فهي تراه في صورة محببة إلى نفسها، بدليل استمرار هذه العلاقة بينهما. وكذلك الفتاة قد تكون لها من التفاهة نصيب كبير، وأفكارها ساذجة وليس لها هم في عمل شيء مفيد، ولا يقبلها الشاب زوجة له، ومع كل هذا يشعر تجاهها بارتياح وقبول، وقد يتفقّدها ويسأل عنها إذا غابت، بل قد يغار عليها! إذن ما سر هذا الترابط واستمرار هذه العلاقة على الرغم من علم كلا الطرفين بنقائص الآخر؟ والجواب أنه من فعل الشيطان، إذ يزين كلَّ طرف للآخر، والدليل على ذلك أن صاحب هذه العلاقة لا يقيمها مع أخته أو زوجته، بل إنه لا يقبل من أخته ما يقبله منها، وكذلك الفتاة". وتشير آمنة اللمكي "موظفة" الى أن الصداقة بين الجنسين من جيل الشباب التي بدأت تظهر في المجتمع الإماراتي، غريبة كثيراً عن العادات والتقاليد، وإذا كانت بعض الأسر تتفاوت في تمسكها ببعض التقاليد التي تجعل نشوء هذه العلاقة صعباً جداً تبعاً لدرجة الوعي، فإن هذه العلاقات تظل في التجمع الذي نشأت فيه كالجامعات المختلطة، وتندثر مع خروج أي من طرفي الصداقة من إطار هذا التجمع أو بارتباط أحد الطرفين بعلاقة زواج، وتشكل الجامعة أرضاً واسعة للتعارف والزمالة، لتبرز قضية الاختلاط الدراسي وتتسع مساحة العلاقات الجامعية تدريجياً وتتشكل نظرة جديدة للعلاقات بين الطلاب، وقد تتطور إلى أبعد من حدود الزمالة". وتؤيدها علا هاشم "طالبة جامعية 21 سنة" وتقول: "اختلاطي بزملاء لي من أماكن مختلفة جعلني ارتاح لبعضهم وتطورت علاقتنا من حدود الزمالة إلى الصداقة، الأمر الذي جعلني أوطد علاقتي بهم إلى حد الاعتماد عليهم في حل مشكلاتي أو المساعدة في الدراسة على رغم أنني مخطوبة منذ سنتين"، وحاولت أن أعرف أهلي على أصدقائي إلا أن أهلي رفضوا رغم أن بعضهم مثل إخوتي تماماً ولا يتأخرون في تقديم أي مساعدة لي أو أي مشورة". الثقافة.. والغيرة تلعب الغيرة دوراً كبيراً في إفساد هذا النوع من الصداقة كما يقول خالد سالم عمر "موظف، 30 سنة، حيث تكونت علاقة صداقة بيني وبين إحدى الزميلات في العمل في حدود الاحترام المتبادل، إلا أن زوجتي "وهى لا تعمل" رفضت بشكل قاطع هذه العلاقة، أو أن أدعو صديقتي إلى المنزل، لأنها من النوع الغيور، مع أنها تحاول أن تخفي ذلك، وعندما أحدثها عن مشكلات صديقتي تبدي عدم اهتمامها بذلك أو تحاول تغيير الحديث، ولا تعترف بهذا النوع من العلاقات، وفي أحد المرات غضبت وسألتني: هل تقبل "إذا عملت في مكان ما أن أقيم علاقة صداقة مع أى شاب زميل؟ وصدمني السؤال، ولم أستطع الإجابة، وأدركت صعوبة الأمر، ربما لأنني لا أضمن أخلاق ذلك الشاب المجهول، ورغم ثقتي الكبيرة في زوجتي، ومن نفس اللحظة قررت ألا أتحدث معها عن صديقتي وكأنها علاقة في الخفاء رغم صدقها". من جانب آخر يرى سالم خلدون "مدير شركة خاصة- 38 سنة" يرى أن المستوى التعليمي والثقافي يلعب دوراً مهماً في استمرار الصداقة بين الجنسين، فقد تعرفت إلى إحدى زميلاتي خلال عملي في أحد مشاريع الشركة وتوطدت علاقتي بها بحكم عملنا المشترك وعرفتني بزوجها، ومن ثم تبادلنا الزيارات الأسرية، حتى أنها صارت صديقة لزوجتي، فعاملا الثقة والثقافة بين أطراف الصداقة لهما الأثر الإيجابي في توطيدها واستمرارها، فلا أنكر أنني كنت معجباً بشخصيتها في البداية، لكن تحددت علاقتنا فيما بعد ضمن إطار الصداقة، ونحن لا نستطيع أن نتخيل أنفسنا أكثر من ذلك. ولا يزال كثير من الناس ترفض هذا النوع من الصداقة". بينما يؤكد حامد الزعابي "محاسب -30 سنة" رفضه لمفهوم الصداقة بين الجنسين ويقول: "إن كان المفروض أن الذي يربط أي رجل بامرأة هو الزواج فلا أعتقد وجود صداقة بين الرجل والمرأة. ولا أسمح لأختي أن يكون لها صديق، وإن تعرفت على أحدهم فإما أن يتقدم لخطبتها ويتزوجها، وإما أن تنتهي هذه العلاقة التي لا تجلب الا العار ووجع الرأس". محاذير اجتماعية تذهب الأخصائية الاجتماعية منى الحسائي الى قناعتها التامة بأن كلا الجنسين ولا سيما في مرحلة المراهقة والشباب في حاجة ماسة الى التعرف على الآخر، وما من شك في أن طبيعة العادات والتقاليد تفرض قيماً ملزمة وضوابط شرعية تحكم العلاقة بين الجنسين، ومن ثم يكون هناك نوع من الضبابية والغموض لدى البعض في فهم الآخر، ومن ثم فإن مع مرحلة المراهقة نجد صوراً عديدة للانحراف الناتج عن سوء الفهم المتبادل، وكثيرون يعبرون عن رغباتهم واتجاهاتهم ودوافعهم بشكل غير سوي، وكثيرون لا يدركون حدود هذه العلاقات، ومعاييرها، ومن ثم فان الثقافة والتربية والتنشئة الاجتماعية السليمة تساهم في بلورة اتجاهات الأبناء وسلوكياتهم وعلاقاتهم، فهناك حدود يفترض عدم تجاوزها لمفاهيم الزمالة والصداقة، وإن تجاوزت فمن المؤكد أنها ستأخذ شكلاً آخر، قد يبدأ بالإعجاب ويمتد الى تطورات أخرى لا يقرها الدين والمجتمع إلا في حدود الشرع والقيم السائدة". «لا ضرر.. ولا ضرار» الداعية الإسلامي الدكتور أحمد الكبيسي يفند مشروعية العلاقة بين الجنسين بقوله: "أفاض أبو الحسن البصري في كتابه "أدب الدنيا والدين" فقال: "إن جوانب الألفة خمسة، هي الدين والنسب والمصاهرة والمودة والبر، والاختيار أساسه العقل الموفور عند الصديق، ودين يدعو إلى الخير، وأخلاق حسنة، ولابد أن يكون بين الصديقين الرغبة والمودة. فإن الصداقة بين الجنسين لها مجالات وحدود وآداب فمجالها الصداقة بين الأب وبناته والأخ وأخوته، والرجل وعماته، وخالاته، وهي المعروفة بصلة الرحم والقيام بحق القرابة، وكذلك بين الزوج وزوجته، وفي كل ذلك حب أن ضعفت قوته فهي صداقة ورابطة مشروعة، أما في غير هذه المجالات كصداقة الزميل لزميلته في العمل أو الدراسة، أو الشريك لشريكته في نشاط استثماري مثلا، أو صداقة الجيران أو الصداقة في الرحلات وغير ذلك، فلابد لهذه الصداقة من التزام كل الآداب بين الجنسين، بمعنى ستر العورات والتزام الأدب في الحديث، وعدم المصافحة المكشوفة، والقبل عند التحية، وما إلى ذلك مما يرتكب من أمور لا يوافق عليها دين ولا عرف شريف، والنصوص في ذلك كثيرة في القرآن والسنة. إن الصداقة بين الجنسين في غير المجالات المشروعة تكون أخطر ما تكون في سن الشباب، حيث العاطفة القوية التي تغطي على العقل، فإذا ضعف العقل أمام العاطفة القوية كانت الأخطار جسيمة، وبخاصة ما يمس منها الشرف الذي هو أغلى ما يحرص عليه كل عاقل، فالصداقة بين الجنسين في سن الشباب ممنوعة، فالقاعدة الفقهية تقول "لا ضرر.. ولا ضرار"، ومن ثم يجب الابتعاد عن مواطن الشبهة التي تكثر فيها الظنون السيئة، والقيل والقال، ورحم الله إمراً بعد الغيبة عن نفسه. فلا يجوز أن ننسى أبدا شهادة الواقع لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء". "رواه البخاري ومسلم
المصدر: الاتحاد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©