الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليمن وأميركا... والدرس الباكستاني

اليمن وأميركا... والدرس الباكستاني
3 يناير 2010 23:06
جوردون لوبولد واشنطن بالنسبة للأميركيين الذين يضعون نصب أعينهم أفغانستان وباكستان نظراً لأهميتهما في جهود محاربة الإرهاب، يعد الهجومان اللذان وقعا أواخر العام الماضي بقاعدة "فورت هود" العسكرية بتكساس وفي طائرة فوق مدينة ديترويت الأميركية، تحذيراً مهماً يشير إلى تشكل جبهة جديدة في اليمن؛ حيث اعترف النيجيري الذي حاول تفجير طائرة للمسافرين أثناء استعدادها الهبوط في ديترويت يوم عيد الميلاد بأنه تلقى تدريبات في اليمن؛ كما وجد المسؤولون الأميركيون عدداً من العلاقات بين مطلق النار المفترض في قاعدة "فورت هود" الرائد نضال مالك حسن ورجل دين يمني معروف بتشدده. غير أن البيت الأبيض بادر بالتعاطي مع التخوفات الأمنية هناك، كما يقول بعض الخبراء. ففي صمت ومن دون ضجة إعلامية، قامت إدارة أوباما بزيادة مساعداتها العسكرية لليمن، وقدمت له دعماً فعالاً في جهود محاربة الإرهاب، لاسيما بعد أن أعلن فرع "القاعدة" في اليمن أن هجوم عيد الميلاد هو رد على ضربتين جويتين نُفذتا بدعم أميركي. وفي هذه الأثناء، يقول خبراء إن اليمن يشكل فرصة بالنسبة للولايات المتحدة لتصحيح وتصويب ما حاولت القيام به في باكستان وأفغانستان، ولكنها أحرزت فيه نتائج متفاوتة ومتذبذبة: اتخاذ تدابير عاجلة ومبكرة لمساعدة بلد متعثر على تجنب تحوله إلى ملاذ للإرهابيين، حيث تمثل تجربة أميركا في هذين البلدين نبراسا دليلا لها في التعاطي مع اليمن – بهدوء وحذر حتى لا ينظر إليها على أنها تستغل اليمن ليقوم بعملها القذر. والواقع أن التهديدات التي تواجه استقرار اليمن في ازدياد؛ ذلك أن هذا البلد، الذي كان في يوم من الأيام غنياً ثقافياً ومنفتحاً لآلاف السنين على التأثيرات الأفريقية والعربية، أصبح اليوم فقيرا اقتصادياً. كما أن سكانه البالغ عددهم 22 مليون نسمة من المتوقع أن يتضاعف عددهم في غضون العشرين سنة المقبلة، علما بأن حوالي 40 في المئة من السكان عاطلون عن العمل. وفي ظل التوقعات بأن ينفد النفط، الذي يمثل المورد الرئيسي للبلاد، في غضون سبع سنوات، وفق مؤشر "بريتيش بيتروليوم"، فإن مبعث القلق هو أن ينال الإحباط والاستياء من الشباب اليمني ويصبحوا فريسة سهلة لعمليات الردكلة، حسب تقرير لريتشارد فونتين، وهو محلل بمركز الأمن الأميركي الجديد في واشنطن. هذا الوضع هو الذي تريده "القاعدة" وتسعى لتحويله لصالحها. ومعلوم أن صيت "القاعدة" في اليمن ذاع في عام 2000 مع قصف السفينة الأميركية "يو. إس. إس. كول" في ميناء عدن اليمني والذي أسفر عن مقتل 17 بحارا أميركيا. ولكن "القاعدة" في اليمن، والتي تم تجاهلها إلى حد كبير منذ ذلك الحادث، باتت تتوفر اليوم على نحو 1000 عميل، كما يقول مسؤولون يمنيون، حيث شهدت السنوات الأخيرة ظهور مجموعة تطلق على نفسها اسم "القاعدة في جزيرة العرب"، والتي يُعتقد أن ناصر الوحيشي، مساعد أسامة بن لادن السابق، هو رئيسها. صحيح أن محاولتها الفاشلة لاستعمال انتحاري لاغتيال رئيس جهاز محاربة الإرهاب في السعودية في أغسطس 2009، إضافة إلى فشل محاولة تفجير رحلة نورث-ويست 253 يوم عيد الميلاد، يشيران إلى أن المنظمة غير فعالة؛ غير أن "القاعدة في جزيرة العرب" تمثل تهديداً ناشئاً وصاعداً، حيث تسعى لإحداث تأثير خارج المنطقة. ويذكر هنا أن حوالي نصف المعتقلين المتبقين في جوانتانامو هم من اليمن؛ كما تشير بعض التقارير إلى أن يمنيين أُفرج عنهم من قبل يقفون وراء محاولة التفجير يوم عيد الميلاد. ولهذا السبب، يُتوقع أن يواجه أوباما مشكلة في محاولة إغلاق معتقل جوانتانامو. وفي رد فعلها، أعدت الولايات المتحدة برنامجاً أمنياً مع اليمن، برنامج صغير ولكنه توسع بشكل مهم منذ العام الماضي؛ حيث منح البنتاجون اليمن 70 مليون دولار من المساعدات العسكرية -عبارة عن تدريبات ومعدات-كخطوة أولى وبهدف تأكيد حسن النية؛ كما يعمل حرس السواحل الأميركية على مساعدة الحكومة اليمنية على تأمين ممر خليج عدن والمحافظة عليه، وهو أمر في مصلحة الملاحة الغربية. غير أن الولايات المتحدة مطالَبة بتبني مقاربة تتصف بالتوازن تجاه اليمن، حيث يقول خبراء إنها ستضطر للسير وسط تضاريس معقدة سياسياً محذرين من انتهاج نهج متشدد وقمعي. وهنا في الواقع يمكن للولايات المتحدة أن تستخلص الدروس من علاقتها مع باكستان، كما يقول خبراء أمنيون وفي الكونجرس. فالولايات المتحدة حريصة على دفع اليمن إلى محاربة خلية "القاعدة" داخل حدوده، والحال أن "القاعدة" ليست هي أكبر تهديد بالنسبة للاستقرار اليمني، وإنما الحركة الحوثية الانفصالية في الشمال، وهي حركة أهدافها غير واضحة، ولكنها تريد على ما يبدو الإطاحة بالحكومة اليمنية أو على الأقل التحريض على عصيان مدني تستطيع أن تستمد منه قوتها. بيد أن الولايات المتحدة تعلمت بثمن باهظ أنها إذا لم تركز على القوى المؤثرة الداخلية لبلد تريد منه خدمات، فإن النتائج يمكن أن تكون عكسية. ولعل باكستان مثال جيد في هذا الصدد. فعلى غرار اليمن، فإن أكبر تهديد يواجه باكستان ليس هو "القاعدة"، وإنما خطر داخلي؛ حيث يركز الجيش الباكستاني على "طالبان باكستان"، ولكن الولايات المتحدة تريد من باكستان أن تواجه "طالبان أفغانستان"، التي توجد في باكستان ولكنها تهاجم القوات الأميركية والمتحالفة في أفغانستان. وفي هذا السياق، يرى مسؤول في الكونجرس سافر إلى اليمن هذا العام ووافق على التحدث شريطة عدم ذكر اسمه أن جزءاً كبيراً مما تعلمته الولايات المتحدة من علاقتها مع باكستان ينبغي أن يطبق على اليمن تلافياً لنفس الأخطاء. ويقول هذا المسؤول: "إن كثيراً من تلك الأسئلة ينبغي أن تكون دليلنا ومرشدنا في ما ينبغي أن نقوم به في اليمن"، مضيفاً أن على الولايات المتحدة أن تركز على علاقة طويلة المدى لا تقتصر على محاربة الإرهاب فقط، وذلك تجنبا لتكرار ما يحدث مع الباكستانيين الذين يتهمونها باستغلال باكستان حين يكون ذلك مفيدا للمصالح الأميركية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©