الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سِقْط اللِّوَى···العربية والمغرب

سِقْط اللِّوَى···العربية والمغرب
7 فبراير 2008 00:57
قد يتساءل كثير من القرّاء عن كيفَ انتشرت اللغة العربيّة في بلاد المغرب فأمسى المغاربة يتحدّثونها كما يتحدّثها العرب الأصليون، وهم المعروفون بالعرب العاربة، والعرب المستعربة؟ يبدو أنّ مصطلح ''المغرب'' بالمفهومين الحضاريّ واللغويّ لم يكن موجوداً في اللّغة العربيّة قبل منتصف القرن الأوّل من الهجرة، أي قبل الشّروع في فتح بلاد المغرب· كما أنّ مصطلح ''المغرب العربيّ'' لم يُستعمل إلاّ في السنوات الثلاثين من القرن الماضي··· وتذكر كلّ الكتابات التّاريخيّة العربيّة القديمة أنّه كان للعرب رحلات جماعيّة، وهجرات اقتصاديّة أو سياسيّة نحو بلاد المغرب· حتّى انّ بعض المؤرّخين، ومنهم المسعوديّ في ''مروج الذهب'' كان يرى أنّ سكّان بلاد المغرب هم من أصول عربيّة هاجروا في ظروف سياسيّة عصيبة· ولعلّ ذلك كان أيّام بختنصّر· في حين يتحدّث ابن خلدون عن هجرة إفريقس بن أبرهة اليمنيّ (الذي سُمّيت باسمه، فيما يبدو، قارّة أفريقيا كلّها، لأنّه هو الذي كان بنى مدينة إفريقية، وصقلّية، فيما يقرّر الأَخباريّون القدماء) نحو بلاد المغرب· ويضاف إلى كلّ ذلك هجرةُ الفينيقيّين، أو اللّبنانيّين القدماء الذين بنَوا عدّة مدن بحريّة في إفريقيا الشّماليّة بحكم أنّهم كانوا بحّارين·· وقيل: إنّهم الجبّارون الذين كانوا يقاتلون داود وطالوت، فيما يذكر ياقوت الحمويّ فنزلوا بلاد المغرب بعد أن أُخرجوا من فلسطين··· وجاء اللّه بالإسلام، وانتشر أوائل المسلمين العرب إلى أن وصلوا جنوبيّ فرنسا غرباً، وبخارى وأذربيجان وبلاد الشّيشان شرقاً، فنشروا معهم الرّسالة المحمّديّة، فكانوا ربّما فتحوا البلد، وعلّموا أهله مبادئ الإسلام، ثم تركوه لهم، ولم يكونوا قطّ يفتحون تلك البلدان بنيّة التّوسّع الاقتصاديّ، أو الإقامة الأبديّة إلاّ في حالات استثنائيّة كانت تعود إلى الحرص على نشر الإسلام، أو إلى العمل على تمكينه من قلوب السّكان، أساساً· وللمرء أن يتساءل: لماذا انتشر الإسلام في الشّرق دون انتشار العربيّة (وذلك على الرّغم من ثبوت تأثير اللّغة العربيّة في كلّ ما يعرف اليوم تحت مصطلح ''اللّغات الشّرقيّة'' كالفارسيّة، والتّركيّة والأرديّة وغيرها: حيث إنّ تأثير العربيّة في الفارسيّة لا تقلّ نسبتُه عن خمسٍ وستّين في المائة)؛ في حين انتشر في الغرب مع انتشار اللّغة العربيّة في الوقت ذاته؛ فأمسى العالم العربيّ مؤلَّفاً من شِقّين اِثنين: المشرقِ والمغرب؟ ونحن نتساءل هنا عن شأن العربيّة قبل أن تهاجر قبائل بني رياح التي استقرّت في البلاد التّونسيّة، وبني سليم وبني هلال اللّتين استقرّتا بالجزائر، في بلاد المغرب: ماذا كان شأنها؟ ولم انتشرت تلك القبائل في الشّمال الغربيّ لمصر، ولم تنتشر في الجنوب مع قدرة العرب على تحمّل الحرارة؟ ألا يكون ذلك إنّما كان لوجود تلك العلاقات العرقيّة القديمة، بين السّكّان الأوائل للمغرب العربيّ من وجهة، والعرب العاربة من وجهة أخرى؟ قد يكون لذلك حديث آخر للتفصيل والتعليل··
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©