الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فراولة في الجنة

فراولة في الجنة
31 يناير 2010 21:04
كانت الطفلة (هبة) تعشق طعم الفراولة إلى حد الهوس، ذاقتها ذات يوم عند أقارب لهم عندما وضعوها إلى جانب فواكه أخرى على المائدة. وقعت في حب الفراولة من أول نظرة، أعجبتها عبقرية البساطة والجمال في هذا الفرح الأحمر اللذيذ. وقبل أن يدعوهم أحد إلى تناول الفاكهة، مدت يدها وأخذت حبتين معاً ودستهما في فمها بسرعة قياسية، مما أحرج أمَّها، لكن ربة المنزل طالبت أمَّها بعدم التدخل، وأحضرت صحناً كاملاً من الفراولة، ووضعته أمام هبة: تناولت هبة الحبات وصارت تأكلها بشراهة، ثم ألغت هذا الفاصل الزمني بين مسك حبة الفراولة وإيصالها إلى الفم، بأن صارت تتناول الفراولة بفمها مباشرة. الأمر أحرج أمَّها، فقرصتها بشكل موجع، لكن هبة لم تشعر بالقرصة حتى أجهزت على الفراولة. نظرت هبة الى الصحن الفارغ بحسرة، بينما النسغ الأحمر للفراولة يسيل من فمها. أرادت قريبتهم إحضار صحن آخر، لكن أم هبة، رفضت وشدت هبة بعنف، وودعت قريبتها. منذ ذلك الحين وهبة لا تحلم سوى بالفراولة، كانت تتخيل الكرة الأرضية على شكل حبة فراولة طازجة وحمراء تماماً، وهي تدعوها لالتهامها. لم تكن تطلب من أمِّها سوى الفراولة، لكن الأم لم تكن تستطيع تلبية رغبات هبة.. فالفراولة غالية جداً بالنسبة لدخل الأسرة، وهناك أطفال أكبر وأصغر من هبة يحتاجون إلى الطعام. شاهدت هبة في الدكان القريب قطع حلوى على شكل فراولة، فأسرعت إلى البيت وطلبت من أمِّها أن تشتري لها، ذهبت الأم إلى الدكان واشترت لها عدة حبات من الحلوى الرخيصة التي على شكل حبات فراولة... لكن هبة لم تشبع. حاولت هبة استغفال البائع وسرقة عدة حبات من الحلوى، لكنها لم تكن ماهرة في هذا المجال، وحركاتها مكشوفة للبائع، الذي أشفق عليها وأعطاها حبة من حلوى الفراولة. كانت الأم منهمكة في درز قطعة قماش على الماكنة الصدئة التي تملكها، وتعمل عليها للمساعدة في إعالة الأسرة. -ماما... ماما!! قالت هبة بدهشة طفولية. - هل يوجد في الجنة فراولة يا ماما؟؟ - طبعا يا هبة يوجد في الجنة كل شيء .. وجميع أنواع الفواكه التي تعرفينها أو لا تعرفينها. - هل يوجد فراولة بكميات كبيرة تكفي الجميع؟ - طبعاً يا ماما ما عليك إلا أن تمدي يدك لتقطفي وتأكلي في أي وقت وأي فصل. - وهل جدتي الآن تأكل الفراولة في الجنة؟! - الله يرحمها جدتك.. طبعاً تأكل الفراولة في أي وقت تشاء . نامت هبة وهي تتخيل وتحلم بالجدة وهي تغرق في طنجرة هائلة من الفراولة، تأكل منها بشراهة تشابه شراهة هبة... صرخت هبة وقامت من النوم منزعجة: - ماما هبة.. «مالك ليش بتصرخي»؟ - ماما.. خايف (التيتا) جدتي.. اتخلّص الفراولة من الجنة. ضحكت الأم بمرارة. -لا تخافي يا ماما.. الفراولة اللي في الجنة ما بتخلص أبداً. أمام هذا الهوس أخذت الأم هبة إلى السوق لتشتري لها الفراولة. رأت العلب المصفوفة فوق بعضها بإتقان، اقتربت منها بخجل ووجل، وسألت البائع: -كم سعر علبة الفراولة الصغيرة هذه؟ -العلبة بدينار. السعر أعلى مما تتحمله الأم... تركت البائع وخرجت، بينما هبة تبكي بحرارة تريد الفراولة: غضبت الأم، ونظرت إلى هبة وقالت لها وهي شبه تصرخ: -بكرة بتشبعي فراولة في الجنة... هون ما بقدر اشتريلك اياها. يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©