الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

روبرت بايب : ربط الإسلام بالعمليات الانتحارية صنيعة سياسية

30 مايو 2006

عرض - غادة سليم :
يحتار الأمريكيون كثيرا في كل مرة يذاع فيها خبر وقوع عملية انتحارية، ويتساءلون : ما الذي يدفع شخصا في ريعان شبابه إلى أن ينهي حياته بهذه الطريقة؟· ويرون أنه مهما كانت القضية عادلة ·· ومهما كان الهدف نبيلا ، فلا يمكن فهم الدواعي التي أدت إلى استبدال غريزة حب الحياة ·· بالرغبة الصادقة في الموت؟· وفي كل مرة يحتار فيها الأمريكيون يجدون التحليلات السطحية تتسابق للوصول إلى عمق قناعاتهم لترسخ العلاقة المفتراة بين الإرهاب والإسلام·
من هنا تكمن أهمية البحث الذي قام به د· روبرت بايب الباحث والأكاديمي بكلية العلوم السياسية بجامعة شيكاغو الأمريكية والمتخصص في شؤون الأمن القومي، والذي وثق بحثه في كتاب بعنوان ' الموت حتى الفوز' · فكان أشبه بمن يغرد خارج السرب من خلال نغمة مختلفة وصورة متكاملة لواقع العمليات الاستشهادية في العالم ، استطاعت فيها الحقائق والأرقام أن تفك الارتباط المشبوه بين الإرهاب الانتحاري والهوية الإسلامية·
بعيدا عن الدين
المنصفون من النقاد وصفوا الكتاب بأنه ريادي في الطرح، وبأن أسلوبه العلمي في جمع البيانات وتحليلها فريد من نوعه وأنه أحد أهم الدراسات السياسية· فلقد استطاع الباحث روبرت بايب من خلال كتابه ' الموت حتى الفوز' أن يلقي الضوء علي الأسباب الرئيسية للإرهاب من خلال دراسة تحليلية جمع خلالها من الأرقام والأحداث ما يمنحه الجرأة الكافية لتقديم رؤية مخالفة لكل الآراء السائدة· ولقد درس بايب على مدى عامين كل حالة إرهاب انتحاري حدثت في العالم· كما تناول أيضا كل حالات الاحتلال السياسي التي لم تسفر عن ظاهرة انتحار· ويؤكد د· بايب أن ربط الإسلام بالعمليات الانتحارية صنيعة سياسية روجت لها شخصيات مغرضة، وأن أبرز الممارسين للإرهاب الانتحاري في العالم هي حركة تحرير نمور تاميل إيلام المتمردة في سريلانكاو وهم جماعة ماركسية معظم أعضائها ينتمون إلى الديانة الهندوسية·· موضحا أن 95% من العمليات الانتحارية في العالم تنظمها جماعات فدائية تتوحد حول هدف استراتيجي علماني واحد، يتمثل غالبا في طرد قوات أجنبية محتلة أو إجبار ديمقراطيات على منحهم الاستقلال فوق أراض يعتبرونها وطنا لهم أو طلب حق تقرير المصير·،أما الدين فغالبا ما يوظف كأداة لاستقطاب الأشخاص والسعي وراء الدعم الخارجي لكنه قلما يشكل السبب الحقيقي للعمليات الانتحارية·
اليأس المتهور
وجاء في قاعدة البيانات التي استعرضها المؤلف في 14 صفحة من الكتاب أن عدد الهجمات الانتحارية التي وقعت في العالم في الفترة من 1980 إلى 2004 بلغ 315هجوماً· من بينها 76 هجوما نفذته نمور التاميل و54 هجوما نفذته حماس و27 نفذتها الجهاد الإسلامي ،أما 158 هجوما الأخرى فاحتكر معظمها جماعات علمانية مثل حزب العمال الكردستاني والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين·
ويستشهد د· بايب على صحة نظريته قائلا: قبل عقدين من الزمان كان كثير من الشباب المسلم على استعداد لحمل السلاح والقتال حتى الموت ضد القوات السوفيتية في جبال أفغانستان، لكن لم يكن لدى أحدهم أي استعداد على الإطلاق للإقدام على عمل انتحاري يودي بحياتهم وحياة من حولهم من المدنيين في محطة قطارات بموسكو على سبيل المثال ،لكن استخدام الهجمات الانتحارية جاء للتعبير عن اليأس المتهور الذي يلجأ إليه من يشعرون بأنهم ضعفاء في وقت يتعين عليهم فيه الوقوف في وجه من يعتبرونه عدوا لهم·
ويقول بايب: دعونا نواجه الأمر بوضوح··لا يمكننا القول أن العمليات الانتحارية مقصورة فقط على المتطرفين أيا كانت معتقداتهم الدينية،ومن الخطأ الربط بين العمليات الانتحارية الإرهابية والإسلام، فلا يمكن اعتبار 315 انتحاريا مسلما نموذجا للقياس على ملايين المسلمين في المنطقة العربية واعتبارهم إرهابيين· ودلل عل ذلك بقوله: فلنأخذ السودان مثالا وهي دولة تعداد سكانها يزيد على 21 مليون وترأسها حكومة إسلامية وعاش فيها بن لادن ثلاث سنوات ومع ذلك لم تسجل فيها هجوم انتحاري واحد، وينطبق الأمر ذاته على إيران التي لم تسجل فيها أو منها حالة واحدة· وقال بايب : أن اختلاف الديانة بين هوية المحتل وشعوب الأرض المحتلة له دور كبير في إفرازهذه الظاهرة·
·· بعيدا عن الشرعية
وقال د· روبرت بايب: أن العديد من علماء المسلمين يقولون أن العمليات الانتحارية محرمة شرعا كما أن الإسلام يعتبر استهداف المدنيين إثماً مبينا· ولكن الذين ينفذون العمليات الانتحارية يستمدون شرعية عملياتهم من علماء آخرين يرغبونهم في الإقدام عليها ويعدونهم بالجنة·
وأضاف: أن العالم الإسلامي شهد في الآونة الأخيرة تحولا ملحوظا على مستوى الشباب تمثل في عدم تأييدهم لاستخدام التفجيرات الانتحارية كأسلوب لتحقيق مكاسب سياسية بعد أن أصبح العراق يدمي يوميا بعمليات انتحارية تجاه أهداف مدنية تفتقر إلى المنطق أو العقل· وانتقد الكتاب الذي تبنت نشره دار راندوم هاوس للنشر أسلوب الإدارة الأمريكية في توجيه دفة الحرب على الإرهاب متسائلا : هل كان غزو العراق تحركا ضد الإرهاب؟ وهل أمريكا أكثر أمانا الآن مما كانت عليه قبل 11 سبتمبر؟ وهل تنظيم القاعدة الآن أكثر قوة عما كان 11 سبتمبر؟
و قدم الكاتب إجابات لتلك التساؤلات داعيا إدارة جورج بوش إلى إعادة النظر في أسباب الإرهاب ومحاولة حلها، كما يتعرض الكاتب أيضا إلى تنظيم القاعدة وعملياتها واحتلت خطابات بن لادن 50 صفحة من الكتاب الذي يتألف من 352 صفحة·
ويؤكد بايب : أن وجود القوات الأمريكية في منطقة الخليج هو المحرك الرئيسي للهجمات الانتحارية، وأن وجود 150 ألف جندي أمريكي في شبه الجزيرة العربية أمر لم يعد من الممكن إخفاؤه عن الأعين أو إبعاده عن ذهن من يرونه عدوانا واستعمارا غربيا على أراضيهم ·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©