السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الضغوط الاقتصادية تدفع شركات أجنبية للخروج من السوق المصرية

الضغوط الاقتصادية تدفع شركات أجنبية للخروج من السوق المصرية
23 يونيو 2013 22:26
محمود عبدالعظيم (القاهرة) ـ دفعت الضغوط الاقتصادية في مصر، عددا من الشركات الاستثمارية الأجنبية للخروج من السوق وتصفية أعمالها. وتقف مجموعة من الأسباب وراء خروج العديد من الشركات الأجنبية من السوق المصرية منها صعوبة تحويل الأرباح الى عملة الدولار والخروج بها في ظل تقلبات حادة تشهدها سوق الصرف المصرية هذه الأيام، مما يرفع مخاطر أسعار تحويل العملة لدى هـذه الشـركـات ويلتهـم جـانـبا من أرباحها الى جانب بعض القيود المفروضة من السلطات النقدية المصرية على انسياب تحويل الأموال الى خارج البلاد بسبب الأزمة في سوق الصرف. كما تشمل الأسباب ارتفاع تكلفة التشغيل بعد تحرير أسعار الطاقة ونقل البضائع والمواد الخام من المصانع الى الموانئ الى جانب انتشار ظاهرة الإضرابات العمالية والاعتصامات المطالبة بمزيد من الأجور وتوزيع نسبة من أرباح الشركات لا تقل عن عشرة في المئة على العمال وفق تعديل قانوني تم إدخاله على قانون العمل بعد انتفاضة 25 يناير 2011. وتضم قائمة الأسباب فقدان بعض المنتجات المصرية أسواقها التصديرية التقليدية بسبب عدم الالتزام بشحن البضائع في مواعيدها المقررة نتيجة إغلاق أو تعليق العمل في بعض موانئ مصر، مما أفقد السوق المصرية بعض مزاياها التنافسية من وجهة نظر الشركات الاستثمارية الأجنبية التي بدأ بعضها تصفية أعماله أو تجميد الأنشطة مؤقتا هروبا من هذه الضغوط. مناخ الأعمال وترى دوائر الأعمال في مصر أن خروج الشركات الأجنبية من السوق في هذه المرحلة مؤقت نتيجة حالة التشويش وعدم اليقين المسيطرة على مناخ الأعمال والاستثمار في البلاد بصفة عامة على خلفية غموض المشهد السياسي وبالتالي فإن هذه الشركات الأجنبية وجدت في تجميد أعمالها بصفة مؤقتة أو سحب بعض الاستثمارات وتوجيهها الى أسواق أخرى ـ في الغالب أسواق افريقية ـ حلا للتعامل مع الموقف الراهن والدليل أن هذه الشركات ضخت استثمارات كبيرة في إنشاء البنية التحتية لمشروعاتها على مدار الأعوام الماضية ولا يمكن أن تضحي بهذه الاستثمارات، خاصة أن العديد من هذه الشركات لديها ارتباطات تمويلية مع عدد من البنوك المحلية والعالمية وحصلت على جانب من هذه التمويلات ولا يمكن أن تقوم بتصفية المشروعات بشكل نهائي. وتشير الدوائر الى أن معظم استثمارات هذه الشركات تتركز في مشروعات طويلة الأجل وفي مجالات البنية التحتية وتقديم الخدمات اللوجستية وغيرها من المشروعات التي تحتاج لاستثمارات كبيرة ولا يمكن ان تضحي الشركات بهذه الاستثمارات الضخمة بما يعني أن ما يجري هو احتجاج مؤقت على تدهور الأوضاع الاقتصادية وعدم قدرة هذه الشركات على تحقيق معدلات مقبولة من الأرباح مثلما كانت تحقق في الماضي. وتكشف الدوائر عن أن الشركات التي قررت الخروج المؤقت أسيوية في معظمها ومعروفة بسرعة انتقالها بين الأسواق المختلفة نظرا لما تتمتع به من مرونة عالية وهياكل إدارية مبسطة تساعدها على الخروج والعودة استنادا الى ظروف كل سوق. ويرى خبراء اقتصاديون أن خروج بعض الشركات الأجنبية من السوق المصرية ـ وإن كان مؤقتا ـ مؤشر سلبي على نظرة المستثمرين الأجانب للسوق ومستقبلها لاسيما وأن معظم هذه الشركات تبني استراتيجياتها الاستثمارية وتتخذ قراراتها بعد دراسات مستفيضة وتستند في ذلك الى تقارير المؤسسات الدولية وفي مقدمتها صندوق النقد والبنك الدوليان ومؤسسة التمويل الدولية ومنظمة الشفافية العالمية وغيرها. ويؤكد الخبراء أن هذه التقارير تكشف عن تدهور المؤشرات الاقتصادية الكلية بالبلاد بما يعني خفض توقعات الأرباح الخاصة بهذه الشركات الأجنبية مع ارتباك المشهد السياسي بصفة عامة. آثار سلبية أكد هاني توفيق رئيس الاتحاد العربي للاستثمار المباشر أن المناخ الاستثماري في مصر يعاني العديد من الآثار السلبية لتأزم الموقف السياسي والاقتصادي وبالتالي أصبح الاقتصاد يدفع فاتورة لا يد له فيها لكن الشركات المحلية لا تملك خيار الخروج لأنه ليس لديها فرصة للخروج وليس لديها أسواق بديلة وبالتالي هي مضطرة للبقاء وتحمل المعاناة. وأضاف “أما الشركات الأجنبية فإن الخيارات أمامها واسعة ومتاحة وليست ملتزمة بالبقاء في السوق وبالتالي اتخذ بعضها القرار بالخروج سواء كان مؤقتا أو نهائيا”. وقال توفيق إن جهود إقناع المستثمرين الأجانب بالبقاء في السوق ليست على أجندة صناع القرار الاقتصادي نتيجة عدم وضع الاقتصاد على أولويات الحكومة رغم أهميته وبالتالي تتخذ هذه الشركات قرارا سريعا بالخروج، لاسيما وان الشركات الأسيوية على وجه الخصوص اعتادت هذا السلوك في العديد من الأسواق العالمية لأنها شركات ذات هياكل إدارية محدودة وقادرة على الحركة السريعة. وأوضح انه من المهم بذل مزيد من الجهد لإقناع الشركات والمستثمرين العرب بالبقاء في السوق المصرية في هذه المرحلة لان الدائرة العربية هي المصدر الأول والأساسي للاستثمار الأجنبي في مصر ومن ثم يجب أن يتوجه اليها الاهتمام الحكومي بعدما فقد المناخ الاستثماري بالبلاد أبرز مزاياه التنافسية حيث كانت الشركات العربية تحقق اعلى عائد على استثماراتها في مصر مقارنة باستثماراتها في بقية أسواق العالم سواء كانت هذه الشركات تعمل في مجالات التطوير العقاري أو الصناعي أو الخدمي أو الفندقي وهذا يفسر الموجة الاستثمارية الكبيرة التي تدفقت من معظم البلدان العربية ـ الخليجية على وجه الخصوص ـ على مصر خلال السنوات القليلة التي سبقت ثورة يناير. وأشار توفيق الى أن خروج المستثمرين الأجانب من البورصة ـ وهو استثمار غير مباشر ـ يلعب دورا في تحفيز شركات الاستثمار المباشر التي تملك مشروعات في مختلف القطاعات على الخروج من السوق، لأن هذه الشركات ترى فيما يحدث في البورصة مؤشرا لمستقبل الاقتصاد الكلي. صندوق النقد من جانبها، أكدت الدكتورة أمنية حلمي المدير التنفيذي للمركز المصري للدراسات الاقتصادية أن عدم توصل مصر الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في الفترة الأخيرة وبعد مرور اكثر من عامين على المفاوضات بين الطرفين أدى الى مخاوف الشركات الأجنبية من مستقبل الأوضاع في السوق المصرية لاسيما في ظل استمرار صدور تقارير سلبية من المؤسسات الدولية بشأن الاقتصاد المصري وكذلك عمليات الخفض المتتالي للتصنيف الائتماني للبلاد وندرة الدولار وارتفاع سعره وهذه العوامل شكلت دوافع لدى الشركات الأجنبية للخروج من السوق. وأضافت أن هذه الأوضاع ربما تضاعف الأزمة الاقتصادية لأن خروج هذه الشركات يعني مزيدا من تحويل الأموال الى خارج البلاد ومزيدا من الضغوط على أسعار الصرف في سوق النقد الأجنبي بالبلاد الأمر الذي يتطلب تحركا سريعا من جانب الحكومة للتعامل مع هذا الموقف. وساهم الصخب السياسي الدائر حول مشروع إقليم قناة السويس في خروج العديد من الشركات الصينية من السوق، لاسيما وان هذه الشركات كانت تراهن على حصة كبيرة ومؤثرة من كعكة المشروعات بعد أن ضخ بعض الشركات الصينية استثمارات ضخمة في المنطقة الصناعية الواقعة في غرب خليج السويس منذ سنوات عدة وكانت تأمل استغلال هذا التواجد وهذه الاستثمارات في الحصول على عقود مشروعات كبرى بالمنطقة. وتتوزع جنسيات الشركات على الصين والهند بدرجة كبيرة تليها شركات أخرى آسيوية وأوروبية. وتقود الشركات الصينية هذا التوجه لاسيما في ظل الضعف النسبي لحجم الاستثمارات الصينية مقارنة بالاستثمارات الأجنبية الأخرى المتواجدة في السوق المصرية حيث تشير الأرقام الى أن حجم هذه الاستثمارات يدور حول 630 مليون دولار.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©