الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لوحات عبد الصمد فضاء روحاني بخطوط من ذهب

لوحات عبد الصمد فضاء روحاني بخطوط من ذهب
9 يوليو 2014 23:45
مجدي عثمان (القاهرة) مرَّ الفنان التشكيلي حمدي عبد الصمد بالبدايات الأولى لتعلم فن الخط العربي، حيث كان يحاكي ويقلد الحروف ويعيد كتابتها، لإثبات مهارته ودقة استخدامه لأداة الكتابة، والمحافظة على النسب الأكاديمية، وذلك في جميع أنواع الخط، ما مكنه من أن يصبح واحداً من الخطاطين المرموقين، وربما زاد من التوفيق لديه دراسته المتخصصة لأسس التصميم ولغة تشكيل الخطوط، ودور كل منها في التصميم، فقد مزج دراسته الفنية مع دراسته التقليدية، وكان قد درس في قسم الزخرفة بكلية الفنون التطبيقية التصوير الجداري، خاصة الأفرسك، إلى جانب التصوير بالألوان الزيتية والمائية والجواش. وعُرف بين زملائه بمستواه المتميز، كما درس تقنية الزجاج المعشق بالرصاص بما فيه من جمال اللون، ونقائه وتباين درجاته، فيزيد لون الرصاص الأسود من شدة تباينها، وهو ما كان له الأثر الواضح على جماليات الحرف لديه، وكان على دراية كاملة بلغة الخطوط السوداء التي تربط قطع الزجاج وتؤثر بشكل مباشر في قيمته التي يعتمد التشكيل فيها على فهم لغة الخط مع الخطوط الأخرى، ما جعل جماليات الخط عنده لها طابع خاص، كما أنه أحد القلائل من الخطاطين الذين يكتبون باليد اليسرى، وقد سبقه في هذا أستاذ الخط والزخرفة العربية صلاح العقاد، ومنحته وزارة التربية والتعليم في عام 1988 شهادة استحقاق جائزة أوائل الشهادات في دبلوم التخصص في الخط والتذهيب، وذلك بمناسبة عيد العلم، ونظراً لقدرته على محاكاة الحروف وتشكيلها، فقد استعانت به الشركات العالمية في وضع أنواع من الخط لتتناسب مع تطبيقاتها على برامج الحاسوب للنسخ الصحفي. فن الزجاج وأشار عبد الصمد إلى تأثير دراسته أيضاً لفن الزجاج المؤلف بالجص، تلك التقنية التي تعكس أحد الأساليب الشرقية في جماليات العمارة العربية والإسلامية، بما فيها من عناصر ثرية، وقطع زجاجية ملونة شفافة، بالإضافة إلى دراسته لمادة الخطوط في العام الأول من الكلية، وتفوقه فيها، إلى أن التحق في عام 1982 بمدرسة تحسين الخطوط العربية بمدرسة خليل أغا بباب الشعرية، وحصل على دبلوم التخصص في الخط عام 1987، وكان ترتيبه الأول على مستوى الجمهورية. ويتميز الفنان حمدي عبد الصمد بخلفيته الفنية والثقافية والرياضية عن أقرانه من الخطاطين، والتي قلما تجتمع في واحد منهم، فهو رسام ومصور ومزخرف ومعلن وحفار ولاعب جودو رفيع المستوى، حيث حصل على الحزام الأسود من المرتبة الأولى عام 1972، حتى أصبح بعد ممارسته لها على مدى 16 عاماً مدرباً مرموقاً لهذه الرياضة العنيفة، وربما أفادته ممارسة الرياضة في المحافظة على حيوية وقوة عضلاته، ما يمكنه من التحكم في إمساك القلم وضبطه دون أن ترتعش اليد. ويذكر عبد الصمد أنه ولد في حي شبرا بالقاهرة، وأتم تعليمه في مدرسة شبرا الثانوية القريبة من منزله، وكان وقتها له إنتاج متميز في الرسم، والتصوير بالألوان المائية والجواش، فنالت لوحاته إعجاب الأساتذة، وحثه أستاذ التربية الفنية على ضرورة تنمية مواهبه والاستفادة منها باستكمال المرحلة الجامعية في إحدى الكليات الفنية، وبعد حصوله على الثانوية العامة عام 1964، استجاب لنصيحة أستاذه، فالتحق بكلية الفنون التطبيقية. «الكرلمات» ويشتهر عبد الصمد بكتابة «الكرلمات»، حيث تراه يصنع تصميماً للوحة قبل أن يكون تمريناً يظهر فيه براعته على أداء الحرف، فهو يقدم شكلاً جديداً، بوضعه حرفاً قوياً، جريئاً في المساحة ثم يكتب حوله، أو بداخله، ما جعل هذه الكرلمات تختلف عن تلك التي لها شكل معروف عند الخطاطين، كنوع من التمرين أو التدريب أو التذكر بالحرف حتى لا ينسى، وحتى تحفظ اليد تأديته من خلال التمرين تلقائياً، كما أن الكرلمات لها وظيفتان لديه، أولهما المعروفة لدى جموع الخطاطين من أنه يرى أثر فضل الله عليه في أداء تمرين على حفظ قوانين الحرف والتدريب على تأديته، وهي بمثابة تذكرة للحرف وقواعده، حتى لا تنساه، وتكون يده طليقة أثناء عملية الكتابة، ما يجعل يده تستقر على مقياس الحرف، أما الوظيفة الثانية لديه فهو يعتبر الكرلمة بمثابة تمارين بسيطة على بعض الكلمات والحروف وصولاً لإيجاد علاقة جديدة فإذا استحسنتها العين وقبلتها، حفظها، ثم قام بتوظيفها في أعماله بعد ذلك، ولذلك فإن الكرلمة لديه لا تخلو من بعض الكلمات. كتابة المصحف الشريف كتب عبد الصمد المصحف الشريف، وتميزت كتابته بالابتكار في شكل علامات الوقف بين الآيات، بتطوير وتحرير المستطيلات والمربعات وتسلل الأشرطة النجمية أيضاً إلى الفواصل بين السور حتى ملأت الفراغات، وبحث عن أجمل الألوان وأثمنها وأروعها فلم يجد أنفس من الذهب يحلى به ويكتب كلام الله، كما استخدم اللون الأزرق الذي يدل على البعد السماوي الرحب ولون الياقوت الزنجفري، مؤكداً بذلك أن كتاب الله أصبح مصدر وحي وإلهام لكل فنان وهبه الخالق مسحة من الإبداع الذي تجلى مع عظمة الآيات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©