السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أزمة الروهينجا وخطر الربط بالإرهاب

15 أكتوبر 2017 21:43
في الخامس والعشرين من أغسطس، نسَّق تنظيم «جيش إنقاذ الروهينجا آركان» (آرسا)، المعروف رسمياً باسم «حركة اليقين»، هجوماً على قاعدة عسكرية تابعة للجيش البورمي و30 مركز شرطة في ولاية راخين، فقتل أكثر من 71 شخصاً، من بينهم 12 من رجال الأمن. ردُّ جيش ميانمار، الذي وصف «آرسا» بـ«الإرهابيين البنغال المتطرفين»، كان سريعاً وعنيفاً، وفي غضون أسبوعين، فرّ 123 ألفاً من الروهينجا من مناطقهم. فقد قام الجيش الذي وصف رده بأنه عمليات تطهير، بإحراق قرى، بل وعمد إلى زرع ألغام أرضية لاستهداف الروهينجا الفارين. لكن رد الجيش غير متناسب لحد كبير مع الفعل؛ ذلك أن «آرسا» تنظيمٌ صغيرٌ ليس له أي علاقات بالتنظيمات الإرهابية العابر للدول (حتى الآن)، ولديه مهمة محددة جداً هي وقف قمع المسلمين الروهينجا. وبسبب أعمال هذا التنظيم الصغير، هناك حالياً نصف مليون لاجئ في بنغلاديش، فروا من ديارهم بحثاً عن الأمن والحماية والطعام، وهم يعيشون في ما يشبه المخيمات، معرّضين لعوامل الطبيعة والأمراض. وإذا كانت الأمم المتحدة قد وصفت قمع الروهينجا وفرارهم مؤخراً، باعتباره «مثالاً كلاسيكياً للتطهير العرقي»، فإن لميانمار تاريخاً طويلاً من التمييز ضدهم. فالصدام بين البوذيين والمسلمين الذين يتحدثون البنغالية في إقليم راخين التابع لميانمار، يعود إلى ثمانينيات القرن الماضي عندما عمد الجيش البورمي فجأة إلى تجريدهم من الجنسية البورمية. ولئن كان الروهينجا يقولون إنهم سكان المنطقة، فإن حكومة ميانمار كانت دائماً تنظر إليهم كمهاجرين غير شرعيين قادمين من بنغلاديش المجاورة. بيد أن رفض ميانمار الاعتراف بالروهينجا كأقلية عرقية لها الحق في الجنسية، وما يستتبع ذلك من حقوق لا يقتصر على التسمية فقط، بل يرتبط أيضاً بالأرض والسيادة. فوفق قانون الجنسية لعام 1982، إذا قبلت الحكومةُ الروهينجا باعتبارهم عرقاً بورمياً شرعياً، فإنهم سيحصلون على حكم ذاتي في راخين، التي يشكّلون فيها الأغلبية. لكن ميانمار، البلد ذي الغالبية البوذية، يخشى ثلاثة تطورات ممكنة: 1 - تحالف بين الروهينجا والبنغاليين، وكلاهما مسلمون. 2 - دعوات للانفصال قد تعقب تحالفاً بين الجانبين. 3 - ترسخ تنظيم «آرسا» في راخين. والحقيقة أن مخاوف ميانمار قد تكون مبالغاً فيها، لكنها ليست في غير محلها. فباعتبارها دولة ضعيفة وخارجة من الحكم الكولونيالي، فإنها تعاني مجموعة من المشاكل؛ مثل اختلال التوازنات المدنية العسكرية، والفساد، والفقر، وانعدام الأمن الغذائي. لكن قمع الروهينجا يمثّل استراتيجية قصيرة النظر تهدِّد مصداقية ميانمار وأمن المنطقة، من خلال إشعال انقسامات عرقية ودينية خطيرة. إن الأزمة المتواصلة تُبرز تطورين مهمين سيؤثران سلباً على مصير الروهينجا. أولهما أن تنظيم «آرسا»، الصغير والمعزول، سيتم ربطه بالروهينجا كمجموعة عرقية، ما يزيد من شهرته وربما يزيده جرأة. وإذا كانت لدى «آرسا» علاقات مع بعض الدول الإسلامية، فلا يوجد دليل على أن لديه علاقات بـ«القاعدة» و«داعش»، أو أنه جزء من شبكة إسلامية متطرفة عابرة للبلدان. إنه تنظيم صغير يمكن تسوية تظلمه الرئيس، ألا وهو قمع المسلمين الروهينجا، بسهولة نسبياً عبر إنهاء التمييز المتفشي. ولئن كانت تلبية مطالب «آرسا» المتعلقة بالجنسية والمساواة ستكشف سوء حكامة ميانمار، لاسيما في إقليم راخين، فإنها ستزيل على الأرجح السببَ الرئيسي للعنف في المنطقة. غير أنه إذا استمر الوضع كما هو عليه، فإن «آرسا» قد يكبر ويطوِّر علاقات حقيقية بتنظيمات إرهابية حقيقية، وهذا ادعاء تدفع به ميانمار والهند وبنغلاديش. أما التطور الثاني، والأكثر إثارة للقلق، فهو أن الروهينجا سيصبحون أداةً سياسية إقليمية ستظل تُستخدم لتبرير سلسلة من استراتيجيات محاربة الإرهاب الشرسة وغير الليبرالية، على غرار تلك التي نراها في ميانمار وبنغلاديش والهند. وبينما ينقلب قارب آخر مليء باللاجئين في البحر ويروي الناجون قصص الاعتداءات الجنسية، يبدو أن المعاناة الحالية للروهينجا قد دخلت فصلاً جديداً أكثر إثارة للرعب. صحيح أن الاحتجاجات العالمية قد تحمل حكومة ميانمار على إنهاء العنف وقبول عودة الروهينجا، لكنها لن تنهي ممارسةَ ربطِ مجموعةٍ تعاني القمع بالإرهاب. *زميلة معهد كاتو في واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©