الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

واشنطن وجنوب السودان

3 يناير 2010 23:07
عبدالعظيم محمود حنفي مدير مركز الكنانة للبحوث والدراسات بالقاهرة إن التفاعلات التي تحدث في الساحة الداخلية السودانية، وكان من آخرها الإعلان عن تجمع جوبا الذي يجمع "الحركة الشعبية" وبعض الأحزاب الشمالية المعارضة لحكومة "الإنقاذ" في الخرطوم، وما أعقبها من تعثر العلاقة بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية... لا تنبئ إلا بازدياد احتمالات انفصال الجنوب السوداني. وقد تم ذلك وفق الاتفاقات التي عقدت بين الحكومة السودانية والحركة منذ يوليو 2002، مما يثير تساؤلات حول موقف واشنطن من انفصال الجنوب السوداني. هناك ثلاثة سيناريوهات مطروحة: أولها قيام دولة سودانية اتحادية عربية إفريقية، وهذا هو السيناريو الأسوأ بالنسبة لواشنطن، رغم أنه السيناريو الأفضل للسودان، لأنه يحقق مفهوم المواطنة المتساوية لكل أبناء البلاد، ويحقق إجماعاً وطنيا سودانيا، لكن يصعب تحقيقه نظرا لعدم وجود تنظيم سياسي حديث يرفع أجندة وطنية يمكن أن تلتف حولها كل فئات المجتمع السوداني، خصوصا وأن كل المفاوضات التي دارت وتدور برعاية أميركية لم تناقش من قريب أو بعيد مسألة هوية السودان. السيناريو الثاني: انفصال جنوب السودان، وهذا السيناريو وارد في ظل الظروف الحالية. فنتيجة إدراك الحكومة أن زمام الأمور تفلت من يدها، فقد تبادر للاعتراف بدولة جنوب السودان، حفاظا على ما تبقي تحت يدها من الشمال كي تطبق فيه الشريعة الإسلامية. وتلك رؤية يعتنقها العديد من أنصار التيار الإسلامي الأصولي في السودان، وتدعمها سيطرة الحركة الشعبية على معظم أراضي الجنوب السوداني وامتداد نفوذها إلى شرق وغرب السودان وتمتعها بدعم من دول الجوار الإفريقي، وبمساندة غير محدودة من جانب الولايات المتحدة. وعلى أية حال فإن خيار الانفصال تواجهه مصاعب أهمها أن جنوب السودان لا يتمتع بالجدارة الاجتماعية، ذلك أن طبيعة الصراعات فيه بين قومية الدينكا من جانب وقوميتي النوير والشيلوك من جانب آخر تبدو أعقد بكثير من الصراع بين الشمال والجنوب. كما أن دول الجوار الجغرافي لجنوب السودان قد لا تسلم بانفصاله واستقلاله لا?نها كلها تعاني من ذات المشكلة. ومن شا?ن قيام دولة جنوبية معترف بها، امتداد هذا الوضع، ووفق آلية انتقال العدوى، ا?لى كل دول الجوار، حيث تسعى الجماعات المعارضة هي الا?خرى ا?لى الانفصال. وبهذا فانفصال الجنوب قد يؤدي إلى اندلاع صراع وفوضى في منطقة حوض النيل، وهو وضع لا تفضله الولايات المتحدة، لأسباب أولها أن الإدارة الأميركية تضع السودان ضمن ما أسمته القرن الإفريقي الكبير، وذلك بغرض انتزاعه كلية من الحظيرة العربية. وثانيها أنه ليس من مصلحة الشركات البترولية الأميركية الكبرى تقسيم السودان بالنظر إلى اكتشاف النفط في الشمال بكميات واعدة، وامتداد حقول النفط بين الجنوب والشمال بشكل يؤدي معه الانفصال إلى عرقلة نشاط هذه الشركات. وثالثها أن انفصال الجنوب قد يؤدي إلى زيادة الصراع بين الدولتين الجنوبية والشمالية، ويضع على الأخيرة ضغوطا قد تدفعها للوحدة مع مصر. السيناريو الثالث: قيام دولة سودانية ذات هوية إفريقية، وهو السيناريو المفضل أميركياً، والدليل أن قيادات "الحركة الشعبية" كثيرا ما أعلنت عن هذا البديل تحت مسمى "السودان العلماني الموحد الجديد"، وكثيرا ما أعلنت عن عدائها للعرب في السودان، ووصفتهم "بالجلادة"، وأشارت إلى أن نسبتهم لا تتجاوز 31 في المئة... وبذلك يمكن لدول جوار جنوب السودان أن تقمع أي دعاوى انفصالية فيها، وستستريح من توجهات نظم الحكم المتعاقبة على السودان. وهنا يمكن للمخطط الأميركي أن يلحق الضرر كل الضرر بمصالح مصر الاستراتجية كلية، وعلى رأسها المصالح المائية. لكن بالمقابل يمكن للسودان الإفريقي، بحكم ثروته البترولية، أن يقيم مشروعات زراعية ضخمة بحيث يصبح "سلة الغذاء"، ليس للعالم العربي وإنما للعالم ككل. ينشر بترتيب خاص مع «منبر الحرية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©