الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

‏فضل ?الإحسان ?إلى ?الأقارب?

‏فضل ?الإحسان ?إلى ?الأقارب?
25 يناير 2018 23:31
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، ومن اقتفى أثرهم وسار على دربهم إلى يوم الدين، أما بعد: يقول الله تعالى في كتابه الكريم: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا}(سورة الإسراء الآية 26). جاء في كتاب صفوة التفاسير للصابوني في تفسير الآية السابقة: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ}؛ أي أَعْطِ كلَّ من له قرابة بك حقَّه من البرِّ والإحسان،{وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبيلِ}؛ أي وأعطِ المسكين المحتاج والغريبَ المنقطع في سفره حقَّه أيضاً، {وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا}؛ أي لا تُنفق مالكَ في غير طاعة الله فتكون مبذّراً، والتبذير: الإنفاق في غير حق، قال مجاهد: لو أنفق إنسان ماله كلَّه في الحق لم يَـكُنْ مبذّراً، ولو أنفق مُدًّا في غير حق كان مبذّراً، وقال قتادة: التبذير هي النفقة في معصية الله تعالى وفي غير الحق والفساد](صفوة التفاسير للصابوني 2/158). لقد أمر الله سبحانه وتعالى بإعطاء القريب حقّه، فقال:{وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبيلِ}، فحقهم في البذل والعطاء مُقَدّمٌ على الفقراء والمحتاجين، كما أَمَرَ سبحانه وتعالى بصلة الأرحام فقال سبحانه وتعالى:{وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بهِ أَن يُوصَلَ (سورة الرعد الآية 21)، وحذّر من القطيعة وجعلها من الفساد في الأرض، فقال تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} (سورة محمد الآية 22). فضــل صلــة ذوي القربــى لقد وردت أحاديث عديدة تبيّن فضل صلة ذوي القربى، لما يترتب على ذلك من سعة في الرزق وطول في العمر وسعادة في الدنيا ونعيم في الآخرة، منها: قوله – صلى الله عليه وسلم -:(الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ وَهِيَ عَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ، صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ) (أخرجه الترمذي)، وقوله- صلى الله عليه وسلم - أيضاً: (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) (متفق عليه). من خلال الحديثين السابقين نتعرف على حرصه – صلى الله عليه وسلم – على صلة الأرحام، فقد كان – عليه الصلاة والسلام- يأمر بصلة الأرحام ويُرَغّب فيها في جميع الأحوال، ومن الجدير بالذكر أن صلة الرحم تكون بالمال، وبالعون عند الحاجة، وبدفع الضرر، وبطلاقة الوجه، وبالدعاء، والمعنى الجامع: إيصال ما أمكن من الخير، ودفع ما أمكن من الشرّ بحسب الطاقة. ليس الواصل بالمكافئ أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة – رضي الله عنه – (أَنَّ رَجُلاً قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ،إِنَّ لِي قَرَابَةً، أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقَالَ : «لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ، وَلا يَزَالُ مَعَكَ مِن اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ، مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ ») (أخرجه مسلم). لقد بيّن رسولنا – صلى الله عليه وسلم – في الحديث السابق أن صلة القربى ليست قاصرة على أولئك الذين يصلونك ويزورونك، فهذه تُعَدُّ مكافأةً لهم على زياراتهم، ولكن الصلة الحقيقية الكاملة ينبغي أن تشمل جميع الأقرباء حتى القاطع منهم، للحديث الذي رواه عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – عن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: ( لَيْسَ الْوَاصِلُ بالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا) (أخرجه البخاري). عقوبة قاطع الرحم جاءت النصوص الشرعية محذرة قاطع الرحم بسوء المصير واللعن والعقوبة، كما في قوله تعالى:{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}(سورة محمد الآية 22-23)، وَلِمَا ورد أيضاً من أحاديث شريفة رواها الصحابة الكرام – رضي الله عنهم أجمعين –، منها: قوله – صلى الله عليه وسلم-: (لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ) (أخرجه الشيخان) أي قاطع رحم، وقوله – صلى الله عليه وسلم - أيضا:(إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ، قَامَتِ الرَّحِمُ فَقَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ مِنَ الْقَطِيعَةِ، قَالَ : نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ : بَلَى، قَالَ : فَذَاكِ لَكِ) ( أخرجه مسلم). إن قاطع الرحم يطارده الشؤم حيثما كان، كيف لا وقد عصى الله ورسوله؟!، فهو مُعَذّب من الداخل بتأنيب ضميره، وهو مطاردٌ في كل مكان بنظرات الحقد والاحتقار، هذا في الدنيا، أما في الآخرة، فلا يقبل الله منه صرفاً ولا عَدْلاً، وصدق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذ يقول: (وَالَّذِي بَعَثَنِي بالْحَقِّ‏? ?لا ?يَقْبَلُ? ?اللَّهُ ?صَدَقَةً ?مِنْ ?رَجُلٍ، ?وَلَهُ ?قَرَابَةٌ ?مُحْتَاجُونَ ?إِلَى ?صَدَقَته،? ?وَيَصْرِفُهَا ?إِلَى ?غَيْرِهِمْ? ?وَالَّذِي ?نَفْسِي ?بيَدِهِ ?لا ?يَنْظُرُ ?اللَّهُ? ?إِلَيْهِ ?يَوْمَ ?الْقِيَامَةِ) (أخرجه الطبراني). هذه هي تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، وهذا هو المجتمع الفاضل الذي ينشده الإسلام، مجتمع الحب والودّ والفضل والإحسان، مجتمعٌ متماسك البنيان، مُتَوَحّد الصفوف والأهداف، لذلك يجب علينا أن نتمسك بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف حتى يكتب الله لنا السعادة في الدنيا والآخرة. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. بقلم الشيخ الدكتور/ يوسف جمعة سلامة خطيب المسجد الأقصى المبارك www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©