الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

العنصرية آفة جاهلية حاربها الإسلام

العنصرية آفة جاهلية حاربها الإسلام
26 يناير 2018 04:43
أحمد مراد (القاهرة) شدد علماء الدين على أن الدين الإسلامي الحنيف، حارب العنصرية بشتى أنواعها وأشكالها منذ بعث النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أعلنها القرآن الكريم صريحةً، بأن التفاضل بين البشر لا يكون إلا بميزان التقوى، مشيرين إلى أن الدين الحنيف دعا إلى القضاء على كل الفوارق والطبقات وجعل الناس كلهم سواسية، وأزال وأذاب الفوارق التي تقوم على أساس من الجنس أو العرق أو اللون. فالعنصرية هي التفرقةُ والتمييز في المعاملة بين الناس على أساس من الجنس، أو اللون، أو اللغة، أو الدين، أو حتى المستوى الاجتماعي والطبقي، وأول من نادى بالعنصرية هو إبليس، حيث قال حينما أمره الله تعالى بالسجود لآدم: «أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين»، «ص:76»، ولم يبتعد العرب قبل الإسلام عن هذه النعرة، حيث كانت القبلية سائدة، والتقسيم الطبقي حاضراً، فهذا من السادة، وذاك من العبيد، وعندما جاء الإسلام نبذ هذه العنصرية ونهى عنها. المساواة الكاملة الدكتورة فوزية عبد الستار، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مصر، قالت: «جاء الإسلام بمبدأ المساواة بين الناس جميعاً‏، وكان هذا المبدأ غريباً على مجتمع الجاهلية الذي أشرق فيه نور الإسلام‏، ‏فقد كان يسود هذا المجتمع العصبية القبلية، والتفاخر بالأنساب والألقاب، والتباهي بالمال والغنى، والتمييز بين الأبيض والأسود، وبين الغني والفقير، والسيد والمسود، وكان كثير من الناس ينوؤون بمشاعر المذلة والمهانة تحت وطأة هذه التفرقة الجائرة، فانتصر الإسلام لهؤلاء البؤساء، وقرر المساواة بين الناس جميعاً لا تمييز بينهم إلا في درجة تقوى الله والإيمان به». وأشارت عبد الستار إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع: «يا أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى». ومن تطبيقات الرسول صلى الله عليه وسلم لمبدأ المساواة وإلغاء التمييز بين الناس، أنه عندما ثبت ارتكاب المرأة المخزومية لجريمة السرقة، مما استوجب توقيع الحد عليها، لجأت قريش إلى أسامة بن زيد ليشفع لها عند الرسول عليه الصلاة والسلام، حتى يتجاوز عن إقامة الحد، لما لأسرتها من مكانة ورفعة، فلما طلب أسامة ذلك من رسول الله، قال صلى الله عليه وسلم: «أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة؟ إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها». وأشارت عبد الستار أن الإسلام حرص على القضاء على التفرقة العنصرية التي كانت تسود المجتمع الجاهلي وغيره من الأمم كالفرس والروم، حيث كانوا يحقرون من شأن السود ويزدرونهم، فأعطى الإسلام لكل شخص حقه واعترف بقدره، فكان بلال، العبد الأسود، أول مؤذن في الإسلام، وكان عبادة بن الصامت الصحابي الجليل أسود اللون، وقد أرسله عمرو بن العاص على رأس وفد للتفاوض مع المقوقس عظيم القبط، فاستاء المقوقس من سواد لونه وطلب من الوفد أن يفاوضه غيره، فرفضوا لأن الأمير أمره عليهم وهو أفضلهم رأياً وعلماً، ويروى أن الصحابي الجليل أبا ذر الغفاري تجادل مع أحد العبيد وغضب منه فعيره بأمه، فشكاه إلى النبي فقال صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: «إنك أمرؤ فيك جاهلية، هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم فأطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم». قيم التسامح والرحمة بدوره أوضح الدكتور علي جمعة، مفتي مصر السابق، أن الإسلام الحنيف أسس مبدأ التعايش بين جميع الأطياف والمذاهب المختلفة في إطار من العدل والمساواة والدعوة إلى التعارف والتعاون والبعد عن العنصرية، وعمل على توطيد العلاقات السلمية بين الناس في الداخل والخارج قال سبحانه: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين»، «الممتحنة: 8». وأضاف: «من خلال ذلك يتبين لنا كيف حقق الإسلام قيم التسامح والسلام والرحمة بصورة واضحة في التعايش بين الأديان والمذاهب المختلفة، على أساس من حرية ممارسة الشعائر الدينية والتخلي عن التعصب الديني والتمييز العنصري، بل نراه كيف منح الحرية في الإبداع من خلال دائرة الاجتهاد القائمة إلى يوم الدين». وأشار جمعة إلى أن الإسلام يرسخ حقوق المواطنة في دولته للمسلم وغيره، فالجميع سواء من حيث الحقوق والواجبات، وهو ما أتضح في وثيقة المدينة التي عقدها الرسول صلى الله عليه وسلم بمجرد وصوله إليها، وهي معاهدة تمثل دستورا شاملا يعالج قضايا التكامل الاجتماعي والاقتصادي والعلاقات القانونية داخل الدولة وخارجها، والسيرة النبوية المشرفة تزخر بالأمثلة والروايات التي تؤكد أن الإسلام دين السلام والتعاون، فالدولة الإسلامية في عهد الرسول عملت على مد جسور الحوار البناء والتعايش السلمي بين مواطنيها على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم، وخارجها في علاقاتها مع دول الجوار، وذلك عبر توطيد العلاقات السلمية من خلال المعاهدات التي أبرمها الرسول صلى الله عليه وسلم مع مختلف القبائل والدول المجاورة، دون اعتبار لاختلاف الدين أو العرق أو اللون. التفرقة والتمييز أشار الدكتور خالد بدير بدوي، من علماء وزارة الأوقاف المصرية، أن الإسلام دعا إلى القضاء على كل الفوارق والطبقات وجعل الناس كلهم سواسية، فقد كان البعض من كبار الصحابةِ لا ينتمي إلى العرب أصلا، فهذا سلمان الفارسي، وصهيب الرومي، وبلال الحبشي، فالإيمان أزال وأذاب الفوارق التي تقوم على أساس من الجنس أو العرق أو اللون، وجعل التقوى معياراً للتفاضل بين الناس مهما كان الحسب والنسب، فهذا أبو لهب؟ عم الرسول صلى الله عليه وسلم، أليس شريف وحسيب في قريش، ولكن ماذا نفعه حسبه، إنه لم ينفعه شيء، وإنما أورده النار، «سيصلى نارا ذات لهب»، وهذا سلمان الفارسي، فارسي، لا يمت إلى العرب بصلة، ولكن نفعه إيمانه، وهذا بلال بن رباح عبد حبشي سمع الرسول خشخشة نعله في الجنة. وأشار د. خالد إلى أن ديننا الإسلامي الحنيف حارب العنصرية والطبقية بشتى أنواعها وأشكالها منذ بعث النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أكد القرآن الكريم أن التفاضل بين البشر لا يكون إلا بالتقوى فحسب، قال تعالى: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم»، «الحجرات:13»، وأكد الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا المعنى، فقَال: «ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية»، وهكذا قضى الإسلام على كل صور العنصرية والطبقية والنعرات التي كانت سائدة في المجتمع الجاهلي، وجعل محلها المساواة والمحبة والألفة والمودة والرحمة. وأضاف د. خالد: «للعنصرية والعصبية والقبلية آثار وأضرار جسيمة وعواقب وخيمة على الفرد والمجتمع، فالشخص الذي يتعصب لقبيلة أو حزب أو جماعة أو فئة أو عائلة لا شك أنه يطلق ولاءه ونصرته وهمته وحياته لمن يتعصب له، ثم يطلق عداءه وبغضه وكرهه للطرف الآخر، ولا شك أن ذلك يولد العنف والاقتتال والفوضى».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©