إعداد - عدنان عضيمة:
يحتفل البريطانيون قريباً بإطلاق أول عبوة بلاستيكية 'خضراء' في تاريخهم· و'الاخضرار' هنا لا يعني أبداً الإشارة إلى الخاصة اللونية المؤثرة على عين المشاهد، بل أصبح تعبيراً عن الصداقة مع البيئة· وجاء في موضوع الغلاف لصحيفة الإندبندت البريطانية أن هذه التقنية الجديدة سوف تحدث ثورة حقيقية في صناعة التعليب؛ ويمكنها أن تخفض من مشاكل تلوث البيئة بنواتج حرق النفايات البلاستيكية بشكل مذهل، وأن توفر على المصالح المختصة معالجة جبال من النفايات البلاستيكية كل يوم·
وجاء في التقرير الذي كتبه مارتن هيكمان، المحرر المتخصص في القضايا التي تهم المستهلكين في الإندبندنت، أن الجيل الأول من 'عبوات التحلل الذاتي' ظهر بالفعل في الأسواق البريطانية؛ وهو ينبئ بأن البشر أصبحوا يأملون بحلول عصر الانتهاء من رمي النفايات بالأطنان طالما أن في وسع صانعي مختلف المواد والأشياء حفظها في العبوات الجديدة القابلة للتحلل· ويمكن صنع كافة أنواع العبوات من هذه المادة الجديدة بما فيها قوارير المياه المعدنية وأكياس حفظ الخضار والفواكه ومختلف الأشياء والمواد المنزلية والصناعية· وتتوفر الآن في الأسواق البريطانية عبوات المياه المعدنية المصنوعة من الذرة والتي تتحلل ذاتياً بعد مرور شهر واحد على إنتاجها· وجاء هذا الابتداع كثمرة للنداءات التي وجهتها الجمعيات والمراكز المهتمة بحماية البيئة لوقف التراكم المتزايد لأكوام النفايات البلاستيكية المختلفة التي تتدفق دون انقطاع إلى محطات تجميعها ومعالجتها في ضواحي المدن· ومن المعلوم أن هذه النفايات تتميز بالثبات الكيميائي مما يجعل من العسير معالجتها بغير طريقة الحرق التي تنشر الكثير من الغازات والمواد الملوثة للبيئة·
وتشير إحصائيات رسمية إلى أن البريطانيين يقذفون بمقدار أوزان أجسامهم من النفايات كل سبعة أسابيع· وكان لبعض مراكز البحوث المتخصصة بعلوم المواد التركيبية أن ترى في حل هذه المشكلة فرصة للاستغلال التجاري عن طريق تركيب مواد تصلح للاستخدام كعبوات صالحة لتعليب مختلف المواد ولكنها قابلة للتحلل الذاتي· وأشار ناطق باسم مركز البحوث الذي ابتدع المادة الجديدة إلى أن هذا الاكتشاف يأتي كنتيجة لاهتمام المركز بالهموم التي تشغل بال المستهلكين·
وكانت شركة كوكاكولا سباقة إلى التفكير بتبني حل يفتقر إلى الفعالية الكافية لهذه المشكلة عندما قررت تخفيض أوزان العبوات البلاستيكية التي تستخدمها لحفظ الشراب، ثم أشارت بعد ذلك إلى أنها بصدد إجراء البحوث اللازمة لابتداع مادة قابلة للتحلل الذاتي لصنع القوارير منها· وعمد خبراء شركة 'نستلة' السويسرية إلى ابتداع مادة لتعليب وحفظ الشوكولاتة وحليب الأطفال قابلة للتحلل بمجرد تقابلها مع الماء· ومن جهة أخرى، تمكن خبراء شركة 'ماركس أند سبينسير' من تركيب مادة ورقية مشتقة من نشاء الذرة لتعليب السندويتش وهي أيضاً قابلة للتحلل والذوبان في الماء· وأعلنت شركة 'تيسكو' المتخصصة في بيع مواد البقالة عن أنها ستطرح في نهاية العام الجاري أكياساً لحفظ المواد قابة للتحلل بالماء؛ كما قررت مضاعفة كمية العبوات التي تستخدمها والمصنوعة من مواد أعيد تدويرها· ويتوقع العديد من الخبراء أن تجد المواد البلاستيكية المصنوعة من الذرة رواجاً كبيراً في الدول النامية التي تفتقر إلى المنشآت المعقدة المتخصصة بمعالجة النفايات وتدوير بعض المواد التي تتميز بكثرة استخدامها ومن أهمها الورق والكرتون·
وتأتي هذه الأخبار السارة بعد أن أثبتت بحوث أجراها معهد بحوث الأرض في الولايات المتحدة أن المياه المعدنية المعلبة أكثر ضرراً للبيئة بعشرة آلاف مرة من المياه المستخدمة عبر الخزانات والأنابيب المعدنية· ويعود ذلك لأن صناعة القوارير التي يعبأ بها الماء تترافق مع إنتاج كميات كبيرة من المواد الملوثة للبيئة بالإضافة للغازات والمواد الضارة التي تنتج عن حرق الوقود في العربات والشاحنات التي تنقل هذه العبوات من مكان إنتاجها إلى الأسواق الاستهلاكية·
عدد اليوم
