الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معاناة الموظفين

3 يونيو 2006

جميل هو الاخلاص في العمل، وجميل هو التفاني والاجتهاد في انهاء العمل على أتم وجه، فما أحلى صدق النية وصب الاهتمام وتكريس الطاقات العلمية والعملية في انهاء المعاملات وفي تأدية العمل على أتم وجه، كل هذا يصب بالتأكيد في خدمة الناس وتحقيق مصالحهم وانجاز مهامهم وخدمة من حولنا في مجتمعاتنا· ولكن، من المؤلم والموجع والمحزن أن نجد من يوقف استمرارية هذه الفئة، وكبح الطاقات الهائجة التي لا تسعى إلا لخدمة مصلحة العمل ومصلحة البشر، فقد سمعنا عن العديد من المدراء ورؤساء الأقسام لا يعجبهم العجب، ولا الصيام في رجب، إذ انتشر وتفشى في الآونة الأخيرة مرض يدعى بـ 'التطنيش' و'عدم تقدير علم الموظف'، ومعنى هذا المرض يتلخص في قصة قصيرة، بطلها الموظف المغلوب على أمره والذي لا يرى في صباحه ومسائه سوى مدير شرير ناكر للمعروف جاحد للجهود:
'محمد' موظف نشيط، دخل مؤسسة أعمال انسانية راقية جداً، تسعى إلى خدمة الناس وتتولى إنهاء المعاملات، العمل فيها روتيني جداً، لدرجة أن العامل يضطر بين الاسبوع والاسبوعين إلى أخذ اجازة عرضية حتى يرتاح من ملل العمل،،، المهم 'محمد' مثل ما ذكرت شاب نشيط جداً، لا يحب الروتين ولا يحب العمل العادي، يحب العمل المبدع المتألق، فحصيلته التعليمية كبيرة، وخبرته في الحياة العملية واسعة، وأفكاره الابداعية متألقة كونه من الجيل الجديد، المواكب لركب التطور والتقدم، والبعيد كل البعد عن الوسائل والمواد القديمة·
سعى 'محمد' بكل ما أوتى من قوة إلى تغيير المؤسسة جذرياً، فغيرها وادخل فيها من خبرته، بل واستفاد من خبرة الآخرين في مجال العمل، واستطاع استخراج طاقات ابداعية أخرى كانت مطموسة ومهمشة ووضعت منذ بدأت المؤسسة سير عملها على الرف، وحاول وبقدر الامكان اخراج المؤسسة إلى الوجود، فأصبح يهتم بالإعلام وبالنشاطات المطروحة في الساحة، وشاركت مؤسسته في جميع المجالات، حتى أصبحت من المعها وأحلاها وأكثرها شهرة·
بعد هذا كله ما هو رأي مديره به؟ هل يا ترى كافأه بالكلمة الطيبة، وزاد من رتبته ومنحه علاوة على جهوده وتعبه وسهر لياليه؟ لا والله، بل رأى الجحود والاستنكار، ونكران الجميل لكل ما قدمه هذا الموظف لمؤسسته، بل إن 'لسان' مديره لا يظهر إلا في وقت المشاكل والهموم والزلات البسيطة في العمل، فيكون ما شاء الله أول من يطلق الطلقات والقنابل في وجه هذا الموظف، دون أن يأخذ بالاسباب، وينظر إلى طبيعة المشكلة، ويسمع الاطراف·· ترى ماذا نتوقع من هذا الموظف؟ هل نتوقع منه الصمود والصبر على بلواه؟؟
لنكن واقعيين قليلاً بواقع حال هؤلاء الموظفين، الذين يعانون الويل من هؤلاء المدراء والرؤساء الذين لا يخافون الله، ولا يقدرون الجهود، والمشكلة والمأساة أن العديد من هؤلاء المدراء يظنون التشجيع يكمن فقط في المال، دون أن يعرفوا بأن العامل يريد التشجيع والكلمة الطيبة، فكم من كلمة طيبة حققت الانجازات ووصلت بالعديد من الموظفين والمؤسسات إلى الأعالي، فالكلمة الطيبة أصلها ثابت، وفرعها في السماء، ولكن للأسف أصبحت في هذه الأيام عملة باهظة الثمن، من الصعب اخراجها من جيوب المدراء، كونها غالية وتستنزف منهم الكثير·
نعم نحن قوم مؤمنون ومتيقنون بأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، ولا يضيع تعب الموظف، بل الأجر والجهد محفوظان عند من لا يضيع عنده عمل، ولكن هذا لا يمنعنا كموظفين من المطالبة بحقنا وأبسط هذه الحقوق التشجيع الدائم على انجازاتنا، والحث على تقديم المزيد، والثناء على أعمالنا المتواضعة، فهذا يا عزيزي المدير يساعدك وبشكل كبير في دفع عجلة التقدم في مؤسستك، ويساهم في ادخال الفرحة في قلب موظفك الذي يكرس حياته ليل نهار في خدمتك، بالتأكيد الراتب هو بمثابة التشجيع على جهده، ولكن الكلمة الحلوة والعلاوة والزيادة أيضاً من المشجعات والمحفزات حتى يقدم عمله بشكل أفضل، وحتى يغمر مؤسستك بأفكار واطروحات جديدة، تخدمك أنت أولاً يا مدير، وتخدم مؤسستك وأبناء وطنك في المرتبة الثانية، فلا تنسونا يا مدراء، وضعوا أمام أعينكم أعمال موظفيكم، فالله تعالى سيحاسبكم على رعيتكم، وعلى اهتمامكم وتشجيعكم وعنايتكم بها، وأنتم أهل للخير وقلوبكم كبيرة لتقديم التشجيع لموظفيكم، وأنى لكم ذلك·
ريا المحمودي
رأس الخيمة
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©