الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اقتصاد المعرفة

1 يناير 2017 00:10
يعود مفهوم اقتصاد المعرفة الذي صاغه بيتر دراكر «أبو الإدارة الحديثة» في كتابه عصر الانقطاعات إلى الاقتصادي فريتز ماشلب Fritz Machlup بل يعود به دراكر إلى فكرة الإدارة العلمية التي صاغ مفاهيمها فريدريك تايلور، ويمكن تعريفه بأنه استخدام تقنيات وأدوات وممارسات المعرفة «مثل هندسة المعرفة وإدارة المعرفة» لإنتاج عائد وقيمة تنافسية اقتصادية، حيث ينطوي واقع الاقتصاد العالمي الحالي على العديد من قصص النجاح سواء على مستوى الدول والحكومات التي اتخذت خيار التحول إلى اقتصاد ومجتمع المعرفة خياراً استراتيجياً، وعلى مستوى المؤسسات والأفراد كذلك، ولعل من أبرز الأمثلة على المؤسسات المعرفية شركة أبل «تفاحة المعرفة»، والتي تعد أكبر شركة من حيث القيمة السوقية في التاريخ الصناعي الحديث، حيث تجاوزت قيمة أسهمها 700 مليار دولار خلال عام 2015 في سوق المال الأميركية «وول ستريت»، متخطية بذلك كبرى شركات العالم في مجالات النفط والغاز والسيارات والعقارات، فالثروة المعرفية من اختراعات وحلول مبتكرة أثبتت وبكل جدارة أنها أغلى من الثروات الطبيعية وغيرها. ومن هنا تستشرف المؤسسات والحكومات الضرورة الملحة للتحول من اقتصاد تقليدي يستند إلى وفرة عوامل الإنتاج إلى اقتصاد يستند إلى المعرفة، وأهمية هذا التحول لبناء وتعزيز القدرة التنافسية في ظل ظروف المنافسة والعولمة السائدة التي باتت تستحوذ على اهتمام وتفكير واضعي السياسات الاقتصادية في معظم دول العالم. وفي السياق ذاته يجدر الإشارة إلى ما تلعبه استراتيجيات صناعة المعرفة والتعلم المؤسسي في تعزيز السمعة المؤسسية وزيادة القيمة السوقية للعلامات التجارية والتي من أبرز الأمثلة عليها ارتفاع القيمة السوقية لتفاحة التكنولوجيا أبل إلى 247 مليار دولار في عام 2015 بزيادة قدرها 67% عن عام 2014، وشركة جوجل التي بلغت قيمة علامتها التجارية 173 مليار تليها شركة مايكروسوفت 115 مليار. إن الاستثمار الحقيقي في اقتصاد المعرفة والسعي لبناء مجتمع رقمي هو ضرورة ملحة وليس ترفاً فكرياً. هي مسألة بقاء وهوية ونهضة، وليس جماليات يمكن الاستغناء عنها حيث إن الاقتصادات القائمة على المعرفة والتحول الرقمي باتت تسابق الزمن في سعيها لتحقيق المؤشرات الخاصة بمؤشر الاقتصاد الرقمي والذي يشمل 30 مؤشراً موزعاً على خمسة محاور رئيسة ولعل من أبرز قصص النجاح في هذا المجال هي دولة فنلندا التي لا تمتلك أي موارد طبيعية تذكر من نفط أو غاز طبيعي أو حتى أشعة الشمس التي لا تشرق إلا لشهرين أو ثلاثة خلال العام، ومع ذلك فهي تعتبر من أقوى الاقتصادات المعرفية على مستوى العالم وهي الدولة التي لم تقترض في تاريخها على الإطلاق. على الحكومات الناجحة إحداث تغييرات وتحولات جذرية في نماذج عملها وأسلوب تقديم خدماتها وآليات وممارسات إدارة تجربة متعامليها. حيث يتوجب تسليط الضوء على مواضيع الخدمات الذكية وإدارة البيانات المفتوحة والبيانات الضخمة والوسائل الريادية وغير التقليدية للتمويل الحكومي، بالإضافة إلى دعم هذه التوجهات بأطر قياس تركز في جوهرها على قياس مؤشرات السعادة والابتكار الحكومي والتنافسية وتوطين المعرفة. يوسف قطيط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©