الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

محمد بن راشد : مسيرتنا في التنمية وبناء الإنسـان هدفها الوصول إلى مصاف الـدول المتقدمة

محمد بن راشد : مسيرتنا في التنمية وبناء الإنسـان هدفها الوصول إلى مصاف الـدول المتقدمة
3 يونيو 2006
في حديث شامل لـ الشرق الأوسط والصحـف المحلية:
في أول حديث شامل مع صحيفة 'الشرق الأوسط' اللندنية، تنشره بالتزامن معها الصحف المحلية بالدولة، تناول صاحب السموالشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أولويات المرحلة المقبلة من مسيرة العمل الوطني، بعد مرور ما يقرب من 100 يوم على تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة سموه·· وأوضح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في الحوار، تصميم سموه في المضي قدماً في مسيرة التنمية وبناء الإنسان، للوصول بدولة الإمارات العربية المتحدة إلى مصاف الدول المتقدمة، والوصول بأبناء الإمارات إلى ما يرجونه من عز ورخاء وسعادة·· موضحا أن هذه كانت رؤية الآباء المؤسسين الشيخ زايد والشيخ راشد وإخوانهما حكّام الإمارات، وهي رؤية صاحب السمو الأخ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة 'حفظه الله ورعاه'·
ونفى سموه أن يكون هناك أي تراجع لدور المؤسسات الاتحادية في عملية التنمية الاقتصادية والعمرانية والاجتماعية لصالح الحكومات المحلية، وقال إن هناك تنافساً بين الإمارات، وتنافس الإمارات الأعضاء في دولة الاتحاد حوافز إبداع وابتكار·
وأوضح صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في حواره، أنه مؤمن بأن الحكومة هي التي تقود التنمية، وأنها هي القاطرة التي تسير بالتنمية إلى الأمام، وهي البلدوزر الذي يشق الطريق ويعبّدها·· مشيرا إلى أنه يعتمد على فريق العمل المتكامل، وأن أحد أسباب تخلف الإدارة هو انشغال القيادات بالتفاصيل والهوامش، وانتشار الشللية بدل فرق العمل، وعدم تحمل مسؤولية القرار، فمهمة القائد أن يقود وليس أن يدير الوضع القائم، القيادة هي أن تسير إلى الأمام وأن تغير وتطور وتصحح وتحاسب وتكافىء وتتحمل المسؤولية·
وتناول سموه العوامل التي أدت إلى الخلل في التركيبة السكانية وقال إنها عديدة، وهي عوامل تراكمت على مدار السنوات الخمس والثلاثين الماضية، ولا يوجد حل سريع لها·· قائلا إن المدخل إلى الحل يسير على خطين متوازيين أولهما دخول المزيد من المواطنين إلى سوق العمل، وهذا يتحقق سنة بعد أخرى، وسيدخل سوق العمل خلال السنوات العشر المقبلة حوالي 400 ألف مواطن·· أما الخط الثاني فهو المضي قدماً في عملية إعادة هيكلة الاقتصاد·
وتطرق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد الى البرنامج النووي الايراني معتبرا ان القلق الخليجي من وجود منشآت نووية ايرانية في الشاطيء الشرقي من الخليج قلق مشروع، نظراً لوجود منشآت إيرانية على الشاطىء الشرقي للخليج، أي بالقرب من الدول العربية على الشاطىء الغربي، وأي تسرب إشعاعي لا سمح الله سيؤثر سلبيا على المنطقة، وكارثة مفاعل تشيرنوبل ما تزال حاضرة في الأذهان وآثارها شاهد عيان·
وتناول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الوضع في العراق داعيا للاعتراف بأن العراق متعدد الاعراق والاديان والمذاهب ومشددا على ان الاتفاق بين هذه المكونات هو البديل الوحيد للحيلولة دون دخول العراق في نفق مظلم· وجدد صاحب السموالشيخ محمد موقف الامارات الداعم للفلسطينين وضرورة احترام خياراتهم والتعامل مع ممثليهم الشرعيين ايا كانوا·· وفيما يلي نص الحديث:
* مضى تقريباً مائة يوم على تشكيل حكومتكم، كيف تقيمون إنجازات الحكومة خلال هذه القترة*
** أنا مرتاح جداً لما تم إنجازه· لدينا رؤية شاملة، ولدينا أهداف محددة، ونعرف اتجاهنا، وكل التنظيمات والإجراءات تسير في الاتجاه المحدد لها·
* رؤيتكم بالنسبة لدبي معروفة منذ سنوات، ونجاحاتكم في وضعها موضع التطبيق ماثلة للعيان، فما هي رؤيتكم بالنسبة للاتحاد*
** رؤيتي للاتحاد هي رؤية كل مسؤول ومواطن وهي المضي قدماً في مسيرة التنمية وبناء الإنسان للوصول بدولة الإمارات العربية المتحدة إلى مصاف الدول المتقدمة· والوصول بأبناء الإمارات إلى ما يرجونه من عز ورخاء وسعادة· كانت هذه رؤية الآباء المؤسسين الشيخ زايد والشيخ راشد وإخوانهما حكّام الإمارات، وهي رؤية صاحب السمو الأخ الشيخ خليفة، وقد أكدها في برنامج العمل الوطني الذي طرحه في ديسمبر الماضي واعتمده المجلس الأعلى للاتحاد· المهم في موضوع الرؤية هو تحديد واضح للأهداف وقدرة على الاختيار من بين البدائل المتاحة في سياق استشراف المستقبل· ووضع الخطط والبرامج والمشاريع وآليات العمل الكفيلة بتحقيق الأهداف· وطبعاً الأكثر أهمية هو تنفيذ الخطط والبرامج والمشاريع بأسرع وقت وأعلى درجات الجودة·
* ما هي أولوياتكم في عملية تحقيق هذه الرؤية*
** كل حقول العمل الوطني تتسم بالأهمية نفسها، لكن في عملية التنمية سواء في دولة الإمارات أو غيرها، الحكومة هي التي تقود التنمية· الحكومة هي القاطرة التي تسير بالتنمية إلى الأمام· وإن شئت هي البلدوزر الذي يشق الطريق ويعبّدها· لذلك، تطوير الأداء الحكومي بما يتطلبه من إعادة تنظيم إداري وإصلاح تشريعي وتنمية بشرية، ينال اهتماماً مضاعفاً من الحكومة·
* في مجال تطوير الأداء الحكومي، ما هي الخطوات التي تمت حتى الآن*
** الإجراء الأول كان في تخصيص حقيبة وزارية لتطوير الأداء الحكومي، وإلى أن تنجز الوزارة خطة التطوير قريباً، أنهينا اختناقات بيروقراطية عديدة، مثل حل عشرات اللجان الوزارية التي لم يعد لوجودها ضرورة، توسيع الصلاحيات المالية والإدارية للوزارات، وتغيير منهجية عمل الوزراء وتخفيف أعباء الإدارة الروتينية عنهم ليتفرغوا إلى قيادة العمل في وزاراتهم· أي التخطيط ومتابعة تنفيذ الخطط وتطوير الأداء وتحسين الخدمة· ومن الإجراءات المهمة تشكيل المجلس الوزاري للخدمات من وزراء الوزارات الخدمية، هذا المجلس سيرفع من كفاءة تنفيذ المشاريع الخدمية، وسيوفر إطاراً متكاملاً لتنفيذ أي مشروع·
* يرى بعض المتابعين للتجربة الاتحادية الإماراتية، أن هناك تراجعا في الدور الذي تلعبه المؤسسات الاتحادية في عملية التنمية الاقتصادية والعمرانية والاجتماعية في حين تتزايد مسؤوليات الأجهزة المحلية، كيف ستعمل حكومتكم لتحقيق التكامل بين الدورين المحلي والاتحادي* وهل الجولات الميدانية الأخيرة التي قمتم بها محاولة لإعادة الزخم للدور الاتحادي*
** كلمة تراجع ليست دقيقة· بعض أخواننا الذين يتحدثون عن تراجع ينسون أن دولة الإمارات دولة مركبة وليست دولة بسيطة، أي دولة مكونة من عدة أقاليم وليست من إقليم واحد· وفي الدولة المركبة أي الاتحادية أو الفدرالية تتوزع الاختصاصات بين الجهات الاتحادية والجهات المحلية، لكنه توزع في إطار التكامل· المطلوب هو رعاية هذا التكامل وتطويره وتعميقه، وهذا ملحوظ تماماً في الإمارات، وإن كان البعض يظن غير ذلك، فظنه ليس في محله· أنا أعرف أن البعض يتحدث عن وجود منافسة في الإمارات··· نعم المنافسة موجودة في إطار بعض المشاريع والمبادرات لكنها منافسة داخل إطار الاتحاد، وأنا أعتبرها مفيدة، لأن المنافسة شرط لا غنى عنه للتقدم· إذا لم تعمل في بيئة تنافسية لن تتقدم ولن تبدع وتبتكر، وإذا تقدمت سيكون تقدمك بطيئاً وستجد نفسك متخلفاً عن المتقدمين· نحن في الإمارات نتطلع ونعمل للمنافسة على مستوى عالمي، وننظر إلى المنافسة على المستويين المحلي والإقليمي بأنها حوافز إضافية لامتلاك قدرة المنافسة على المستوى العالمي·
* شكراً لأنكم أوضحتم هذا الأمر، لكن يا صاحب السمو مستويات التنمية بين الإمارات متباينة، ولا شك أنكم لاحظتم ذلك في جولاتكم الميدانية الأخيرة*
** تباين مستويات التنمية أمر طبيعي، وهو في الإمارات تباين طفيف جداً· التباين موجود في الدولة ذات الإقليم الواحد، فما بالك بالدول المركبة من عدة أقاليم· لا أريد إعطائك أمثلة من الدول النامية· خذ الولايات المتحدة مثالاً··· كاليفورنيا ونيويورك وغيرهما أكثر نمواً من نبراسكا وداكوتا وأركنسو وغيرها··· اقتصاد كاليفورنيا وحدها من بين أكبر عشرة اقتصادات في العالم···
لا تستطيع دولة في العالم تحقيق تنمية متساوية أو متماثلة في جميع أرجاء الدولة· جدارة الدولة تكون في تحقيق التنمية المتوازنة كشرط ضروري للاقتراب من التنمية المتساوية· ونحن في الإمارات حققنا التنمية المتوازنة في كافة أرجاء الدولة· بمعنى أن البنى الأساسية في كافة أرجاء الإمارات مكتملة ومتطورة، ومرافق الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية منتشرة، وفرص العمل مفتوحة لكافة أبناء الإمارات، والمشاريع التنموية تعم كل الإمارات· وما هو في أبوظبي أو دبي هو في المحصلة لكل الإمارات، وهذا واقع مُعاش وملموس· ربما تكون قد بنيت سؤالك على بعض ما تقرأه في الصحف· مع تقديري للعاملين في الأجهزة الإعلامية، فإن معظم ما يطرح فيه مغالاة، والصورة التي ينقلونها عن بعض المناطق الريفية وبعض المرافق ليست دقيقة تماماً· نعم هناك بعض أوجه النقص وهناك احتياجات، لكن لا يجوز التعميم، والواقع بأن ما قرأته في الصحف عن النواقص والاحتياجات لم يكن هو ما شاهدته خلال جولاتي الميدانية· وفي كل الأحوال، نريد لكل أبناء الإمارات أن يحصلوا على أرقى الخدمات وأن تتوفر لكل فرد منهم كافة متطلبات الحياة الكريمة، وأن يعيشوا باستقرار وهناء وسعادة·
* أطلق صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في شهر ديسمبر الماضي مبادرة لتطوير التجربة البرلمانية الإماراتية وتعزيز المشاركة في الحياة السياسية، ما هي الخطوات التنفيذية التي ستتخذها حكومتكم في هذا المجال وما هي المدة التي ستستغرقها هذه العملية*
** استحدثنا في التشكيل الحكومي لأول مرة وزارة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي، وهذا يجسد اهتمام الحكومة بالمجلس الوطني وبدوره سابقاً ولاحقاً· أما تطوير التجربة فقد حدده صاحب السمو رئيس الدولة وباركه المجلس الأعلى وجاري وضع الخطوات الإجرائية وسيكون التنفيذ في وقت قريب مناسب·
* يخشى البعض من أن يؤدي تزايد الأعباء التي تتحملونها على المستوى الاتحادي إلى تراجع الدور المشهود لكم على صعيد الطفرة التي تعيشها إمارة دبي· إلى أي مدى يمكن أن يتأثر دوركم في قيادة عملية التنمية بدبي بالمسؤوليات الاتحادية الجديدة*
** اطمئن، لن يتأثر· لدينا رؤية ونعرف أهدافنا ونعرف إلى أين نسير، ولدينا خطط وبرامج عمل زمنية ومؤشرات أداء· ومن بين العناصر الرئيسية في رؤيتنا بناء القيادات وفرق العمل وإعداد قيادات الصفوف التالية للصف الأول·
أنا في دبي أعتمد على فريق عمل أوجهه وأتابعه وأشجعه وأحاسبه على النتائج· وفي الحكومة الاتحادية مجلس الوزراء هو فريق العمل، والوزراء يقودون العمل في وزاراتهم بأنفسهم ويبنون فرق العمل في الوزارات، وسيكون لكل وزارة خطة عمل وبرامج زمنية وأهداف محددة ومعايير للأداء وللإنتاجية·
كنت في الماضي قد أشرت إلى أن إحدى أبرز مشاكل عالمنا العربي ضعف الإدارة، بل تخلف الإدارة، وأحد أسباب تخلف الإدارة انشغال القيادات بالتفاصيل والهوامش، وانتشار الشللية بدل فرق العمل، وعدم تحمل مسؤولية القرار، بل الخوف أو التردد في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب· مهمة القائد أن يقود وليس أن يدير الوضع القائم، القيادة هي أن تسير إلى الأمام وأن تغير وتطور وتصحح وتحاسب وتكافىء وتتحمل المسؤولية·
* شكل خلل التركيبة السكانية هاجسا دائما في الحياة السياسية الإماراتية، كيف ستتعاملون مع هذه المشكلة، وهل صحيح أنكم بصدد طرح حلول غير تقليدية لهذه المشكلة* وما هي ابرز الخطوط العريضة لتلك الحلول*
** العوامل التي أدت إلى الخلل في التركيبة السكانية عديدة، وهي عوامل تراكمت على مدار السنوات الخمس والثلاثين الماضية· ولا يوجد حل سريع· والمدخل إلى الحل يسير على خطين متوازيين أولهما دخول المزيد من المواطنين إلى سوق العمل، وهذا يتحقق سنة بعد أخرى، وسيدخل سوق العمل خلال السنوات العشر المقبلة حوالي 400 ألف مواطن·
أما الخط الثاني فهو المضي قدماً في عملية إعادة هيكلة الاقتصاد· اقتصاد الإمارات يمر في مرحلة الانتقال من الاقتصاد التقليدي المعتمد على العمالة الكثيفة غير الماهرة إلى اقتصاد يعتمد على المعرفة والتكنولوجيا المتقدمة والعمالة الماهرة· نحن مدركون للواقع، وقد بدأنا في توسيع وتعميق جهود إعداد وتدريب أبنائنا وبناتنا الذين سيكونون نخبة تتنافس عليها شركات القطاع الخاص·
أما بشأن ما إذا كنا سنطرح حلولاً غير تقليدية، فليس هناك حلول تقليدية وأخرى غير تقليدية، هناك حلول مناسبة، أما إذا كنت تقصد التوسع في التجنيس، فلدينا في الإمارات قانون للجنسية، وهو الذي يحكم هذا الموضوع·
* الحديث لا ينقطع عن مشاكل التعليم في الإمارات، وقد أسستم في دبي مجلساً للتعليم وكذلك أسست أبوظبي مجلساً للتعليم·· هل يعني ذلك مقدمة لصيغة جديدة لإدارة التعليم في الإمارات*
** نعم لدينا مشكلة وهي أن التعليم ليس متطوراً بالمستوى نفسه الذي بلغته دولة الإمارات، برغم أن ميزانية التعليم هي الأكبر بين ميزانيات الوزارات وتبلغ حوالي 36% من ميزانية الحكومة الاتحادية· ومعدل الإنفاق على الطالب في المدارس الحكومية يماثل معدلات الإنفاق في الدول المتقدمة· وتسجل الإمارات واحداً من أعلى المستويات العالمية في عدد الطلاب إلى عدد العاملين في الهيئات التعليمية والإدارية 12 طالباً لكل معلم وإداري· المشكلة هي في إدارة التعليم، والعمل جارٍ على تطوير الإدارة· أما بالنسبة لمجالس التعليم فهي رافد يغذي عملية التعليم في الدولة وجهود المجالس متممة لجهود الوزارة وليست بديلاً عنها· نعم لدينا صيغة جديدة لإدارة التعليم تتكامل فيها جهود الوزارة مع المجالس·
* ما هي هذه الصيغة*
** ستعرفونها في وقتها، لكنها صيغة تحوّل المدرسة إلى مكان جاذب للطلاب، وتحول المناهج إلى وسائل لتنمية المعارف والتشجيع على البحث والتحليل والتفكير، وتعيد الاعتبار إلى مهنة التعليم ومكانة المعلم واحترامه وهيبته· لقد ولى منذ سنوات عديدة زمن التلقين والحفظ والزجر والنهي· مهمة المدرسة الأولى هي تعليم الطالب كيف يتعلم ويكتسب المعرفة ويفكر ويبحث ويمتلك القدرة على الاختيار من بين البدائل المتاحة والممكنة، ومهمة المدرسة هي تخريج طلاب يؤمنون أن التعليم مستمر ما استمرت الحياة، وأن المعرفة متجددة· الاختراعات المسجلة في العالم خلال السنوات العشـــــرين الماضية توازي كل اختراعات الإنسان منذ كتابة التاريخ· مهمة تطوير التعليم ليســـــــت سهلة، لكننا مصممون على النجاح، وســــنقدم نموذجاً تعليمياً يُحتَذى·
* من بين القضايا المتداولة موضوع تحديث التشريعات والقوانين ما هي خطة الحكومة الإماراتية في هذا المجال وما هي ابرز القوانين التي سيتم تعديلها في هذا الإطار*
** كل قانون يحتاج إلى تعديل سيتم تعديله· القوانين ذات الصلة بالتجارة لا بد وأن تتوافق مع عضوية الدولة في منظمة التجارة العالمية وفي سياق وبرنامج زمني يحافظ على مصالح الوطن والمواطنين· القوانين ذات الصلة بالإجراءات والمرافعات والتقاضي لا بد أن تستوعب كافة المستجدات المحلية والعالمية· هل يمكن لقانون تنظيم المعاملات التجارية مثلاً أن يتجاهل وجود التجارة الإلكترونية والبريد الإلكتروني والتوقيع الإلكتروني*
القوانين المنظمة للأسواق المالية بحاجة إلى تطوير، وكذلك قانون العمل وقانون المطبوعات والنشر·
* تتفاوض دولة الإمارات العربية المتحدة مع الولايات المتحدة لتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة ، هل هناك ثمن سياسي لتلك الاتفاقية في ضوء ما يتردد عن اشتراطات أميركية على صعيد تعديل قوانين العمل وحرية تشكيل التجمعات السياسية*
** دولة الإمارات لن تدفع ثمناً سياسياً لأية اتفاقيات تجارية مع الولايات المتحدة أو غيرها·
* كيف ترون مسيرة العمل الخليجي في المرحلة المقبلة خاصة في ظل تحسن انتقال رؤوس الأموال والاستثمارات بين دول المجلس*
** أنا متفائل بمستقبل التعاون الخليجي· ويزداد تفاؤلي كلما تم توسيع وتعميق التعاون الاقتصادي الخليجي وزادت مشاركات القطاع الخاص في هذا التعاون· وما تراه من زيادة في تنقل الاستثمارات والمستثمرين وزيادة المشاريع المشتركة بين دول مجلس التعاون هو ثمرة من ثمرات مجلس التعاون· نريد تسريع التعاون· ونريد أن نرى سوقاً خليجية مشتركة·
وأن نرى المزيد من المشاريع المشتركة بين شركات القطاع الخاص، ونريد أن يتمدد التعاون الخليجي إلى المستوى العربي، وأن نرى سوقاً عربية مشتركة، ومزيداً من المشـــــاريع المشتركة بين شركات القطاع الخاص العربي·
* القمة العربية الأخيرة لم تكن في مستوى الأحداث الساخنة في العالم العربي من العراق وفلسطين إلى لبنان ودارفور، وبصراحة الناس لم تعد تعّول كثيراً على القمم العربية، فإلى متى سيظل حال القمم هكذا*
** أنا بطبعي متفائل، وقدرنا كعرب أن نعمل معاً ونواجه التحديات معاً، والإمكانيات متوفرة والفرص موجودة· وإذا حيّدنا المشتركات الكثيرة التي تجمع بين العرب، فإن الجغرافيا وحدها تفرض على الدول العربية أعلى درجات التعاون· العالم حين يتعامل معنا يضع هذه المشتركات في قلب سياساته وحساباته وخططه وبغض النظر عن مدى فاعلية هذه المشتركات· علينا وضع هذه الفاعلية في اتجاهات إيجابية وبنّاءة·
أتمنى أن يعقد القادة العرب قمتين سنوياً، تكون واحدة منهما مخصصة لشؤون التنمية والاقتصاد فقط· الشؤون السياسية والقضايا الساخنة مهمة جداً وتحتاج إلى مواقف وسياسات عربية مشتركة وإلى آليات للتنفيذ وللمتابعة، لكن الأهم في رأيي هو التعاون العربي في مجالات الاقتصاد والتنمية· لأن الناجحين تنموياً والأقوياء اقتصادياً، أقوياء سياسياً، والضعفاء في التنمية والاقتصاد مهمّشون سياسياً وثقافياً وحضارياً· تعداد سكان العالم العربي بعد عشر سنوات سيزيد على 400 مليون نسمة· وسيكون على العالم العربي توفير 100 مليون وظيفة، فكيف سيتم مواجهة هذا التحدي الضخم· يفترض أن تتعامل الدول العربية مع التنمية باعتبارها معركة كبرى لا بديل عن خوضها والفوز بها·
* لكن التنمية تحتاج إلى استقرار وإلى إمكانيات*
** باستثناء العراق وفلسطين وإلى درجة أقل كثيراً لبنان والسودان، فمعظم الدول العربية تنعم بدرجة معينة من الاستقرار، ومن كان استقراره قلقاً، عليه أن يبحث عن الأسباب الحقيقية لهذا القلق ويبادر إلى علاجها· أما الإمكانيات فهي متوفرة· أهم عناصر التنمية اليوم هو رأس المال البشري، وفي العالم دول عديدة حققت معجزات تنموية من دون أن تملك موارد طبيعية كافية وبعضها ليس لديه أية موارد طبيعية· من يظن أن الإمكانيات هي المال والثروات الطبيعية فقط لن يستطيع تحقيق الحد الأدنى من التنمية·
* لكن المنطقة العربية مستهدفة من القوى الدولية التي تتدخل بشكل مباشر في الشؤون العربية وتُطلق مشاريع للإصلاح والتغيير وتستخدم القوة العسكرية أحياناً أو تلوّح بها، مما يؤثر سلباً على الاستقرار والتنمية*
** متى كانت المنطقة العربي غير مستهدفة من القوى الدولية*! المنطقة العربية هي موطن الأديان السماوية والحضارات الكبرى، وهي مهمة لموقعها الجغرافي ولثرواتها الطبيعية ولتراثها وخصوصيتها· هذه الوضعية هي سبب إضافي للعمل بإصرار ووعي لإنجاح التنمية وتحقيق التقدم· الإنسان لا يُمتَحَنْ في أوقات اليسر والرخاء بل في أوقات العسر والشدة·
* مع الارتفاع الكبير في أسعار النفط، وتراكم عوائده سنة بعد أخرى، هل يمكن توجيه بعض هذه العوائد للدول العربية*
** المسألة ليست في وجود عوائد كبيرة متراكمة أو عدم وجودها· المسألة في وجود بيئة استثمار مناسبة في الدول العربية· من المؤكد أن المستثمرين العرب يفضلون الاستثمار في البلدان العربية، لكن هل بيئة الاستثمار مناسبة في كل الدول العربية*! حدث تحسٌن في بعض البلدان العربية، لكنه تحسٌن بطيء جداً، وفي تقديري أن حجم الاستثمارات العربية وغير العربية في البلدان العربية يرتبط بدرجة تحسٌن البيئة الاستثمارية، وأعني الاستقرار والتشريعات والإجراءات والشفافية والموارد البشرية الماهرة· كلما زادت درجة التحسٌن، كلما زاد تدفق الاستثمارات·
* أخذت دبي في العامين الماضيين مبادرات استثمارية خارجية سواء في المنطقة العربية أو في دول أجنبية، ما هي الفلسفة الكامنة وراء هذا التوجه* وهل لديكم الضمانات الكافية بأن هذه الاستثمارات في مأمن من الناحية السياسية والتشريعية*
** الاقتصاد العالمي يتجه نحو المزيد من الاندماج، واقتصاد دولة الإمارات من أكثر الاقتصادات الخليجية والعربية مواكبةً لاتجاهات الاقتصاد العالمي، لذلك من الطبيعي أن تكون حركة الاستثمارات بين دولة الإمارات ودول العالم في اتجاهين، أي تستقبل الإمارات الاستثمارات العربية والأجنبية وفي الوقت نفسه تتجه استثمارات حكومية وخاصة إماراتية إلى الأسواق العربية والدولية·
أما بالنسبة لسؤالك عن وجود ضمانات بأن هذه الاستثمارات في مأمن من الناحية السياسية والتشريعية، فالضمانات موجودة في الاستثمارات نفسها، لأنك لا تستثمر في بيئة تنطوي على مخاطر شديدة، وإذا كنت تشير إلى الشق الأميركي في صفقة موانىء دبي والمعارضة التي واجهتها في الكونجرس، فهذه حالة منفردة بذاتها، ولها تكييف خاص تختلط فيه اعتبارات عديدة· والحل الذي اعتمدناه يحفظ حقوق موانىء دبي في عمليات شــركة ' بي· آند· أو ' في الولايات المتحدة·
* يردد بعض من يندهشون لسرعة التطور الذي تعيشه دبي بأن ما يحدث في الإمارة هو(فقاعة) كيف تردون على هؤلاء وكيف تعملون لتلافي أي سلبيات للإيقاع السريع الذي تنفذ فيه المشاريع*
** لو استمعنا إلى حديث ' الفقاعة ' لما كنا عملنا شيئا··· لقد سمعنا كلمة ' فقاعة ' منذ عقود ومع كل مشروع كبير نفذناه، وحين تفقد كلمة ' فقاعة ' مفعولها تسمع عن ' الوايت إيليفانت ' أي 'الفيل الأبيض' وصفاً لبعض المشاريع الكبرى كمشروع الألمنيوم وميناء جبل علي والمركز التجاري الدولي وجزر النخلة وبرج العرب وغير ذلك··· بالمناسبة حديث 'الفقاعة' منتشر في المنطقة ويطال جميع عمليات التنمية الناجحة، ولو سألت الذين يطلقون حديث ' الفقاعة ' عن المعنى الذي يقصدونه، لما وجدت سوى أجوبة 'فقاعة' لا علاقة لها بالاقتصاد ولا بالتنمية ولا بالعلم ولا بالواقع·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©