الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طارق إسماعيل أعماله شغوفة بمملكة الحرف والكلمة

طارق إسماعيل أعماله شغوفة بمملكة الحرف والكلمة
11 يوليو 2014 00:33
مجدي عثمان (القاهرة) بدأ فنان التصوير الفوتوغرافي والخط العربي طارق إسماعيل مشواره التعليمي والفني بالدراسة في كُتّاب الشيخ «الكرماني» القريب من مسجد السيدة زينب، حيث الحي الذي ولد فيه، فحفظ القرآن الكريم وتعلم مبادئ الحساب والخط واللغة العربية، وانتقل إلى كُتّاب «السلطان مصطفى» المواجه للمسجد، وما أن بلغ السادسة والتحق بالمرحلة الابتدائية، نما اهتمامه بالخط العربي، وظهر شغفه بالرسم، وكان لشقيقه الأكبر الذي حصل على الدكتوراه في الزراعة، وهاجر إلى الخارج في عام 1959، أثر كبير في حياته، فقد كان يجيد الرسم والنحت والتصوير الضوئي، وكان بحكم سنه وخبرته له أثر واضح على شقيقه الأصغر، فتعلم منه حب الفنون خاصة الرسم، وكيفية التعامل مع الكاميرا، وأجزائها واختيار أنسب الزوايا للرؤية، والتقنيات الأساسية للتصوير الفوتوغرافي. ويقول طارق، إنه في المرحلة الإعدادية أجاد النقل عن الرسامين، فنقل رسوم شخصيات الفنان الكبير «بيكار» مثل السندباد وعلي بابا، كما قام بنقل بعض الآيات القرآنية لمشاهير الخطاطين أمثال سعد حداد والمكاوي والشحات، ونفذها على خامات مختلفة، كالخشب والجبس وقش القمح مع حرقه وإحداث درجات ظلية به أو تلوينه، وأثناء المرحلة الثانوية مارس الفن التشكيلي، كما احترف التصوير الفوتوغرافي وتعاقد مع بعض الصحف الفنية لشراء أعماله ونشرها، وانضم إلى فريق التمثيل الذي كان يشرف عليه الفنان الكبير «صلاح منصور»، واشترك في مسرحيات عدة من المسرح العالمي ومسرح الحكيم، تم تقديمها على مسرح الجمهورية. تحول ويضيف إنه بعد الانتهاء من المرحلة الثانوية التحق بالعمل في بنك مصر كوالده، وتعرف إلى الخطاط والشاعر البورسعيدي وجدي شبانه في مكتبه بحي السيدة زينب، وكان لذلك اللقاء أثر كبير في تحول حياته الفنية، حيث أحب أن يدرس هذا الفن الراقي من منابعه فالتحق بمدرسة تحسين الخطوط العربية بناء على نصيحة معلمه، واجتاز اختبارات القبول بعد أن دربه على الخطوط الأساسية، إلا أنه توقف عن الدراسة بعد العام الأول بمدرسة خليل أغا بباب الشعرية، إذ ركز نشاطه على التصوير الفوتوغرافي، وكما تعرف في مدينة الفسطاط على رائد فن الخزف في مصر الفنان سعيد الصدر، فقام بتصوير عدد كبير من أعماله، ومارس بعض الأعمال الخزفية. وعاد طارق إسماعيل لدراسة الخط بمدرسة السعيدية لتحسين الخطوط، ودرس خلالها على كبار الخطاطين من أمثال حسين أمين وحمام وعبدالرحمن شعيب وبكري فراج، والدكتور مصطفى عبدالرحيم، حتى حصل على دبلوم الخطوط العربية عام 1990، فنصحه أستاذه حسين أمين بضرورة مواصلة الدراسة المتخصصة بمدرسة خليل أغا، لدراسة دبلوم التخصص في الزخرفة الإسلامية والتذهيب، وعكف على كتابة مجموعة من الأشرطة بالخط الكوفي الفاطمي وكوفي المصاحف، تحت إشراف الخطاط الكبير محمد عبدالقادر، فشغف بهذا النوع من الخط وأنواعه المتعددة وانكب على دراسته، فحصل على الدرجات النهائية في الخط الكوفي بجميع أنواعه. التراكيب وارتبط إسماعيل بأستاذه حسين أمين في مدرسة الخطوط، وقاما بزيارات ميدانية ومعهم الخطاط الشيخ عبد الرحمن شعيب إلى مناطق الآثار الإسلامية كالمدافن بالإمام الشافعي ومدرسة السلطان حسن ومسجد الرفاعي وغيرها من المساجد الأثرية، وكان للشيخ شعيب مقدرة فائقة في معرفة كل خطاط من قدامى أساتذة الخط، ويحدد بدقة خصائص حروف كل منهم كالشيخ عبدالعزيز الرفاعي ومحمد حسني والمكاوي والشيخ الغُر والشيخ على بدوي ومؤنس وجعفر وعبدالله بك الزهدي، وأحمد كامل بقصر الأمير محمد علي بالمنيل. ويوضح طارق أن الشيخ شعيب كان مرجعاً، ومغرماً بأساليب أولئك الأساتذة، فضلاً عن مقدرته الرائعة في تصميم الأشرطة الكتابية بتكوين غير مسبوق بالتراكيب الثلثية بجميع أشكالها، وكان سكنه خلف مسجد السلطان حسن وعقب صلاة الجمعة يقوم معه بجولة لمناقشة الأشرطة الكتابية الموجودة وغيرها من روائع الآثار وأحياناً يجلس الشيخ شعيب ليرتل بعض آيات الذكر الحكيم بصوت جميل فيه خشوع. اختلاف يؤكد الدكتور مصطفى عبدالرحيم، أستاذ الزخرفة بمدرسة تحسين الخطوط، أن خط طارق يختلف عن الخط الكوفي الهندسي المربع في أن جميع أعماله تنقسم إلى كتلتين أساسيتين متماثلتين، ومتطابقتين في الشكل الخارجي فقط، كما أن الخط الكوفي المربع يمكن قراءته من جميع الجهات أو من جهة أو أكثر، فما كان منه، إلا أن طوع لنفسه أحد النظم الأساسية البنائية، وهي أن يقرأ التصميم من اتجاه واحد فقط من اليمين إلى اليسار، وهو اتجاه كتابة الخط العربي، وذلك يتفق مع العُرف للتيسير على المتذوق لقراءته والاستمتاع به، وكذلك عدم أسبقية كلمة أو عبارة على الأخرى، فيتغير المعنى والمضمون تبعاً لذلك وهو بهذا يقتفي أثر مبادئ الخط العربي بأساليبه التي درسها تيسيراً على المتلقي. كما أن أسلوبه الخطي يتصل بفن النحت من حيث العلاقة بين الكتلة والفراغ، وبفن العمارة؛ لإنها علاقة جمالية بين كتل وفراغات تؤدي إلى قيمة وظيفية، بالإضافة إلى أن العلاقات الجمالية تتوالد من خلال علاقة خطوط الحروف المستقيمة الأفقية بالأخرى الرأسية، والزوايا الناشئة بينها، والأشكال الهندسية كالمربع الذي يتولد من تقابل الخطوط مع بعضها، والمستطيل الذي يتكون من وحدتي مربع. أسلوب يرتبط بالتراث يقول الدكتور مصطفى عبد الرحيم، أيضاً إن طارق استطاع التوصل إلى أسلوب خاص يرتبط بالتراث ولا يكرره من خلال إطلاعه على أعمال قدامى الخطاطين والباحثين، أمثال يوسف أحمد في الخط الكوفي، ومع استمراره في التجريب والبحث والمقارنة، فأبدع خط لم يُدرس في المؤسسات التعليمية وهو الخط الكوفي الهندسي المربع، ذي الزوايا القائمة، والذي تستخدم في كتابته أدوات غير قلم البوص، وخرج بصياغة جديدة وشكل مختلف، وهو وإن كان يتشابه من حيث الرؤية العابرة والنظرة السريعة مع الخط الكوفي الهندسي ذي الزوايا القائمة الموجود في التراث، إلا أنه يختلف عنه، حيث حدد لنفسه منذ البداية اختلافا في كثير من الرؤى والقيم الجمالية ووجهات النظر لإضافة الجديد للإرث الحضاري للخط العربي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©