الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«حزب الله» والانخراط في الحرب السورية

24 يونيو 2013 22:09
نيكولاس بلاندفورد لبنان بدا وجه عباس فرحات واضحاً في الملصقة الكبيرة التي علقت خارج منزل أسرته في قرية «عرب سالم» اللبنانية بعدما سقط في المعارك التي خاضها «حزب الله» في القصير السورية، وهو واحد فقط من رجال الحزب الذين قضوا في الصراع الدائر بسوريا منذ أن انخرط الحزب على نحو واضح في المعارك خلال الشهر الماضي بمشاركته المكثفة في استعادة بلدة القصير التي ظلت تحت سيطرة الثوار حتى الخامس من يونيو الماضي عندما تمكنت قوات «حزب الله» من دخول المدينة إثر حصار استمر لسبعة عشر يوماً. واعترف أحد أقرباء عباس الذين رفض ذكر اسمه لتعلميات «حزب الله» بعدم التحدث للإعلام أن ما قام به قريبهم المتوفى ألهم الكثير من الشباب وجعلهم أكثر استعداداً للقتال في سوريا ضد الثوار، قائلاً: «أريد أن أؤكد بأننا فخورون بما فعله عباس، ولو استطعت لذهبت إلى سوريا من الغد». هذه التصريحات تتردد اليوم بين عموم شيعة لبنان، حتى في ظل القتلى الذين يسقطون في صفوف «حزب الله» ورجوع أعداد متزايدة من المقاتلين محمولين على نعوش ليشيعوا في جنازات فخمة، ويرجع التأييد المستمر لمشاركة «حزب الله» في القتال الجاري داخل الأراضي السورية إلى نجاح حسن نصر الله في إقناع الشيعة باعتناق سياسة الحزب الخطيرة التي تقود إلى التدخل المباشر في الحرب الأهلية السورية. هذا الأمر تعبر عنه «راندا سليم»، الباحثة بمعهد «واشنطن للشرق الأدنى»، والمتخصصة في شؤون «حزب الله»، قائلة «يؤشر الوقت والجهد اللذان بذلهما نصر الله في صياغة رواية الحزب حول الأحداث السورية والحرص على إقناع ناخبيه بها دليل على رغبته في إشراك الشيعة وتأمين موافقتهم». لكن قرار الحزب المشاركة في الحرب الأهلية بسوريا المستمرة منذ سنتين يمثل تطوراً دراماتيكياً لمنظمة طالماً عرفت نفسها كداعم للمقاومة ضد إسرائيل، حيث يجد الحزب نفسه اليوم في معركة ضد مسلمين آخرين، وإن كانوا من السُنة الذين يمثلون الجزء الأكبر من المعارضة السورية، ويخشى «حزب الله» وراعيته إيران من اهتزاز موقفهم في المنطقة وخسارتهم للنفوذ إذا سقط نظام الأسد واستُبدل بحكومة يهيمن عليها السُنة واقتراب أكبر نحو الغرب ودول الخليج العربي. ورغم أن الشائعات حول انخراط «حزب الله» في الصراع السوري، بدأت تروج منذ اندلاع الانتفاضة في 11 مارس 2011، فإن مصادر الحزب كانت دائماً ما تكذبها، ففي أكتوبر من السنة ذاتها، نفى الأمين العام للحزب في لقاء تلفزيوني وجود مقاتلين للحزب في سوريا. لكن انطلاقاً من عام 2012، بدأ يتضح للناس أن الحزب يرسل بالفعل مقاتلين إلى سوريا للوقوف إلى جانب النظام، حيث كثرت التقارير الإعلامية في الصحافة اللبنانية التي تتحدث عن جنازات تنظم لقتلى الحزب، هذا الأخير الذي أصر على أن من سقط من عناصره كانوا يقومون «بواجبهم الجهادي» في إحالة إلى المعارك التي سقطوا فيها. ورغم الموقف المؤيد للحزب في أوساط الشيعة، بدأت تعلو بعض الأصوات المتحفظة في صفوف الطائفة، مشككين في مدى أخلاقية دعم نظام مثل الأسد يقمع شعبه ويحرمهم الحرية. وفي الثالث من أكتوبر 2012، أعلن «الجيش السوري الحر» أنه قتل علي ناصف، أحد القادة العسكريين للحزب، بالقرب من مدينة «القصير»، إلا أنه ومع ذلك أصر الحزب على نفي انخراطه في القتال، لتتوالى التقارير المتحدثة عن تواجد عناصر الحزب في الضاحية الجنوبية لدمشق لحراسة مرقد السيدة زينب. وفي غضون ذلك بدأت تتلاشى بوادر التعاطف مع المعارضة السورية والشعب المنتفض في أوساط شيعة لبنان بعد ظهور أدلة على بعض الفظائع التي ارتكبتها الفصائل المقاتلة في سوريا وتصعيد الخطاب ضد الشيعة من جماعات مرتبطة بالقاعدة مثل «جبهة النصرة»، وهو ما سعى «حزب الله» إلى استغلاله، ملوحاً بخطر زعزعة استقرار لبنان من قبل الجماعات «التكفيرية»، في إحالة إلى المتطرفين السُنة الذين يخرجون كل من يعارض تأويلهم الديني من الإسلام. ووصلت الأمور ذروتها بعد اندلاع المعارك في مدينة القصير، حيث شن مقاتلو الحزب حملة واضحة لطرد الثوار من البلدة، ومع نهاية شهر أبريل الماضي كان «نصر الله» قد اقترب من الاعتراف بانخراط حزبه في الصراع عندما قال بأنه فخور «بالشهداء الذين سقطوا خلال الأسابيع القليلة الماضية»، محذراً من أن النظام السوري يملك «أصدقاء حقيقيين» لن يسمحوا لسوريا بالسقوط في أيدي «الأميركيين، أو إسرائيل، أو الجماعات التكفيرية». وفي 19 مايو، قاد «حزب الله» هجوماً كاسحاً على القصير وبعدها بستة أيام اعترف نصر الله أخيراً بما أصبح معروفاً لدى الجميع من مشاركة الحزب في الحرب السورية، مبرراً الأمر بالقول إنه «باتخاذ هذا الموقف ندافع عن لبنان وفلسطين وسوريا». لكن وفي الوقت الذي وافق فيه شيعة لبنان بصفة عامة على مبررات «نصر الله» للتدخل في سوريا، تباينت ردود الفعل في مناطق أخرى من لبنان بين خيبة الأمل والغضب، حيث اندلعـت مواجهات محدودة في عدد من المناطق بين مسلحين سُنة وآخرين شيعـة، كمـا حـض الرئيـس اللبنانـي، ميشيـل سليمـان، الحزب بسحـب قواتـه مـن سوريـا. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان سياينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©