الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ليلة الحنّة ندى الفرح

ليلة الحنّة ندى الفرح
3 يونيو 2006
غادة تميم: بيروت - الاتحاد:
عندما كنا صغاراً كانت تستهوينا أغنية عن الحناء تقول: 'الحنة يا حنة يا حنة يا قطر الندى / يا شباك حبيبي يا عيني جلاب الهوى'، وفي تلك الأيام لم نكن ندري معناها، لكننا عندما كبرنا عرفنا حكاية 'قطر الندى' ابنة السلطان خمارويه بن طولون التي فقد أثناء عرسها كل ما احتوته مخازن التجار من الحناء، بعدما أقبل الناس عليها طيلة أربعين ليلة لتزيين الصبايا العذارى في القاهرة ابتهاجاً وفرحاً·
الحكاية تحولت إلى أغنية ثم أسطورة تذكرنا بحكاية الخمار الأسود المشابهة التي تغنى فيها الشاعر بحسنائه، فساهم في ترويج بضاعة صاحبه من اللون الأسود، ولعل ما تحقق مع الحناء كان الأشمل، لأن الخمار غطاء للرأس أما الحناء فهي لون وزينة ودواء ولوحات فنية تختار الجسد مقراً لها لتجعل من كل عذراء أبهى وأجمل·
نبتة وعلاجات
والحناء، أو الحنة كما يلفظها العامة، هذه النبتة التي تعيش في الأرض الرملية، ذات الرائحة الجميلة، كانت تملأ حدائقنا وبيوتنا أيام كانت المنازل صورة عن حياتنا البسيطة الجميلة قبل أن تتحول مدننا إلى غابات من الاسمنت تشابه بعضها بعضاً، وممتلئة بكل التلوث الذي يخنقنا من عوادم السيارات ودخان المصانع وأثير رذاذ العلب المضغوطة·
وقد استخدمت جداتنا الحناء كصبغة للشعر كونها سريعة الامتصاص والتغيير، كما استعملتها بعض الشعوب لعلاج حروق الشمس، والأمراض الجلدية المستعصية، ولعلاج مرض القراع بعد عجنها بالخل، أو كعصابة للرأس لعلاج الصداع، وكمسحوق لعلاج التشقق بين الأصابع كونها تحتوي على مادة قابضة تساعد على الجفاف·
طقس إماراتي
كانت ليلة الحناء في أعراسنا أساسية لتزيين وتجميل العرائس، صبايا وشباب حيث تتحلق صديقات وقريبات العروس حولها عشية العرس ليحظين بصبغة للشعر وتخضيب للأيدي والأرجل بالمناسبة، كما كان أصدقاء العريس يخضبون يديه بها، في بيروت، وصيدا، وصور، وبعلبك، وطرابلس كما في القرى والأرياف في الجنوب وعكار، ولكن هذه العادة غابت مع الوقت إلى أن استعادت ألقها منذ سنوات بعد إقامة يوم الإمارات العربية المتحدة في قصر الاونيسكو في بيروت الذي ضم بين نشاطاته طقس الحناء حيث قامت بعض الصبايا بالرسم بالحناء على أيدي الزائرات، ومن يومها انطلقت من جديد شرارة التزين بالحناء في ساحتنا، وبدأنا نلحظ وجود رسوم الحناء على أيدي الصبايا في السهرات والأعياد والمناسبات، كما نهجت بعض الدول الخليجية في وفودها الثقافية إلى بيروت منهج الإمارات، فكانت تلك الأيام الثقافية مقصداً للجامعيات وسيدات الأسر الكريمة لتعلّم طريقة الرسم بالحناء·
ليلة الحناء
وليلة الحناء تختلف في عادات وتقاليد الشعوب، ففي مدينة السلط الأردنية تصادف اليوم السادس من العرس، حيث توزع الحناء على الصبايا وأخوات العروس فيما يخضب العريس وأصدقاؤه خناصرهم بالحناء، وفي جبال الأطلس المغربية توضع ضمن هدايا العروس، وتستخدم لتخضيب الشعر في يوغسلافيا، والرأس عند البوذيين الهنود، ولتزيين الراقصات كما في الهند ومصر، كما أنها وسيلة للوشم عند الغجر و'الغوازي' إلى اليوم في لبنان، وأداة للتجمل في اليمن وبغداد، وهي ترتبط في كل حالاتها بمواسم الخطوبة والأعراس·
وقد استعمل العرب الحناء والكتم، فالحناء المطبوخة تعطي اللون الأحمر، فإذا أضيف إليها الكتم وهو الحنة السوداء نحصل على لون بني لصبغ الشعر أو النقش والرسم، أما اللون الأخضر النيئ من الحناء فيتحول إلى لون ذهبي عندما يوضع على الجسد·
وللحناء في الذاكرة الشعبية حضور لافت، حتى إن من لا تتزين بها من النساء لا تأنف من التعبير بواسطتها عن الشماتة بالخصم فتقول: 'إذا حصل لك كذا وكذا سأحنّي يديّ'· أما الشاعر فوصفها بصور شعرية جميلة منها:
نالت على يدها ما لم تنله يدي نقشاً على معصم ارهت به جلدي
كأنه طرق نمل في أناملها أو روضة رصعتها السحب بالبَرد
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©