الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المساعدات الدولية للفلسطينيين بين التدقيق المالي والتنمية

المساعدات الدولية للفلسطينيين بين التدقيق المالي والتنمية
5 يناير 2008 01:31
عندما التقى المانحون في قمة باريس الشهر الماضي، وقرروا منح السلطة الفلسطينية مساعدات تبلغ قيمتها 7,4 مليار دولار- وهو مبلغ أكبر مما كانت تتوقع، على أن يتم تقسيطه خلال السنوات الثلاث المقبلة- أبدت الكثير من الدول استعدادها للمشاركة في الدفع قدماً بعملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، إضافة لإبداء رغبتها في توفير شبكة أمنية أفضل لها، خاصة في توفير الاستقرار الاقتصادي الذي تتطلبه عملية السلام· وعليه فسوف تنصبُّ أنظار الفلسطينيين، وكذلك المراقبون الدوليون على أوجه صرف هذه المساعدات المالية، واضعين في الاعتبار أهمية عدم تكرار ممارسات الفساد، وسوء الإدارة المالية التي اتسم بها أداء السلطة الفلسطينية في هذه الأمور سابقاً· وعلى حد قول أحد كبار المسؤولين الفلسطينيين، فإن هذه المساعدات الأخيرة التي أقرتها قمة باريس -وخلافاً للمساعدات المالية السابقة التي قدمها العالم للسلطة الفلسطينية- جاءت مصحوبة بآليات رقابة مالية دولية، تجعل من الصعوبة بمكان اختلاسها أو التلاعب بها، مع العلم أنها المساعدات المالية الأكبر التي تتلقاها السلطة الفلسطينية منذ إنشائها في عام ·1994 وفوق ذلك، فقد تزايد عدد الاتحادات المهنية الممثلة لمختلف العاملين والموظفين الفلسطينيين، التي تمكنت من تعزيز دورها النقابي في صناعة القرارات الخاصة بحماية حقوق أعضائها· وتبدي جميع هذه الاتحادات عزماً على ضمان تخصيص قدر معقول من هذه المساعدات لموظفي الخدمة المدنية، خاصة أن بعضهم لم يتقاض راتبه لبضعة أشهر ولعدة مرات متكررة خلال السنوات الأخيرة الماضية· ومن ناحيتها قالت ''كايرو عرفات''، المدير العام لإدارة المساعدات والتعاون بوزارة التخطيط الفلسطينية، إنه لم يعد مفيداً التستر بممارسات الفساد، ومضت الآنسة عرفات للقول: ''ففي كل برنامج من البرامج المختلفة، توجد حالات فساد ما· غير أن المختلف اليوم، أن التنافس السياسي قد اشتد أكثر من أي وقت مضى، وأن الجميع تقريباً يتحدث عن الفساد، وأصبح أكثر وعياً به من ذي قبل· ولذلك فإنه ليس مرجحاً أن يصمت الناس عنه هذه المرة· واليوم فلا وجود لأي برنامج غير قابل لإجراءات التدقيق المالي الخارجي والداخلي معاً· بل الصحيح أن هناك بعض البرامج يخضع لإجراءات التدقيق وإعادة التدقيق مراراً، لدرجة أصبحت معها أكثر الجهات استفادة من المساعدات المالية التي يتلقاها الفلسطينيون، هي شركات التدقيق المالي''· يُذكر أن السلطة الفلسطينية تعد أكبر جهات التوظيف، إذ يبلغ عدد الموظفين والعاملين الذين تستأجرهم نحو 165 ألفاً على أقل تقدير· وهناك من المسؤولين من يرى أنه في وسع السلطة القيام بمهامها بثلث العدد المذكور· لكن وفي الجانب الآخر، فقد عانى القطاع الخاص الفلسطيني من تأثر الوظائف فيه إلى حد كبير بالصراعات السياسية، خاصة على إثر فوز ''حماس'' في الانتخابات التشريعية قبل عامين مضيا· وبالنتيجة فقد شحت الوظائف المتوفرة في هذا القطاع· غير أن السلطة الفلسطينية قد تمكنت سلفاً من صرف استحقاقات المتقاعدين عن العمل حتى تتمكن من تصريف مهامها، على رغم صعوبة الأزمة الحالية التي بدأت منذ عام ،2006 وذلك على حد قول ''بسام هدية''، الناطق الرسمي باسم اتحاد موظفي الخدمة المدنية، والملاحظ أن السلطة تسعى لإحالة المزيد من الموظفين إلى التقاعد، إلا أنها تفتقر إلى الأموال اللازمة للإنفاق على مستحقاتهم· وهذه ستكون إحدى قضايا النزاع بين اتحاد موظفي الخدمة المدنية والسلطة الفلسطينية''· كما يلاحظ أن أسعار جميع السلع الغذائية، وكذلك المواصلات العامة، قد ارتفعت خلال الأشهر القليلة الماضية، جراء انخفاض قيمة الدولار الذي تحسب على أساسه أجور العاملين الفلسطينيين، إلى جانب ارتفاع أسعار النفط والوقود· وعلى رغم المآخذ السابقة على الأداء المالي للسلطة الفلسطينية، فإن السيد هدية نفسه اعترف باتساع شعور الكثير من الفلسطينيين، بتحسن روح المسؤولية المالية فيها، لاسيما عقب تولي سلام فياض منصب وزير الاقتصاد في عام ،2003 مع العلم أنه يتولى حالياً منصب رئيس الوزراء· وقد لاحظ الكثيرون منهم كذلك تراجع إساءة التصرف في المال العام منذ تعيين سلام فياض، في مقابل تزايد الرقابة الحكومية وإجراءات التدقيق المالي· وفوق ذلك كله، تتسم إجراءات تحويل المال العام بالتعقيد والشفافية الآن، مما يجعل من الصعب جداً التلاعب فيها، أو العودة إلى ممارسات الفساد السابقة· ومن جانبه قال ''سمير البرغوثي''، وهو اقتصادي يتولى إدارة شركة استثمارية في مدينة رام الله، إنه يتوقع إنفاق 70 في المائة من المساعدات المالية التي تعهدت بها قمة المانحين الأخيرة في باريس، للإنفاق على رواتب الموظفين والعاملين، في حين تخصص منها نسبة الـ30 في المائة المتبقية للإنفاق على مشروعات التنمية والمساعدات الغذائية وغيرها، خاصة لمواطني قطاع غزة· غير أن المشكلة الأكبر في رأيه، تتلخص في تضخم قوائم رواتب السلطة الفلسطينية، خاصة أن هناك الآلاف من المسجلين في قوائم موظفي القطاع العام، لا يؤدون أي عمل أو وظيفة· بل إن بعض المسجلين يقيمون في الأردن ومصر، بينما يعمل بعضهم من منازلهم· وهناك من يعمل منهم في القطاع الخاص، بينما يتلقى راتباً من القطاع الحكومي· ومن رأيه أن الحل يكمن في حفز السلطة الفلسطينية للمزيد من الموظفين على التقاعد، ربما بمنحهم قروضاً مدعومة، تساعدهم على إنشاء استثماراتهم الخاصة· ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
المصدر: رام الله
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©