الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

التعاون الدولي من أجل الاستقرار في دارفور

4 يونيو 2006

بالتوقيع على اتفاق السلام بشأن دارفور بأبوجا في نيجيريا يوم 5 مايو تسنح اخيرا، فرصة حقيقية لأهل دارفور الذين طالت معاناتهم، كي يحدوهم الأمل بأن تنتهي حالة الرعب والحيرة التي عانوا منها على مدى السنوات الثلاث الماضية·
ان اهلنا في دارفور، الذين نجوا من أتون الحرب الدائرة خلال تلك الفترة تمكنوا من ذلك بفضل تضافر جهود كثيرة يأتي على رأسها المعونة الإنسانية الضخمة التي قدمتها العديد من الدول ومنظمات الأمم المتحدة والمنظمات الاقليمية وكذلك المنظمات غير الحكومية، بالاضافة الى الجهد غير العادي الذي اضطلعت به قوات الاتحاد الافريقي المنتشرة في دارفور، مازالوا يعانون من الأعمال الوحشية على أيدي ميليشيات السلب والنهب المنتشرة، فمازال الرجال والنساء والأطفال والمسنون يقعون ضحية الجرائم المختلفة، ومازال السكان يطردون من مساكنهم وتدمر منازلهم وتسرق ممتلكاتهم وسبل كسب رزقهم·
لقد شاركت الجامعة العربية الى جانب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاطراف الدولية والاقليمية الفاعلة في جولات المفاوضات التي رعاها الاتحاد الافريقي بكل حكمة واقتدار، وحتى ننتهز جميعا الفرصة التي يتيحها اتفاق السلام لإنهاء مأساة دارفور، فإن الاطراف والمجتمع الدولي مطالبون بالتصرف بشكل حاسم والعمل بصورة جماعية·
فأولاً، يتعين على قادة حركات التمرد الذين لم يوقعوا بعد على الاتفاق، الذي أيده المجتمع الدولي بأسره، ان يقوموا بذلك، إذ آن الأوان كي ينحوا خلافات الماضي جانبا ويسعوا الى توطيد دعائم السلام والازدهار نحو مستقبل افضل لشعبهم في دارفور والسودان الجديد، ذلك ان الاتفاق الموقع في ابوجا فتح لهم بابا واسعا للعمل السياسي الحقيقي وسد منافذ مواصلة اراقة الدماء التي لن تزيد السودان إلا جروحا·
لكن الأهم من ذلك ضرورة تنفيذ أحكام الاتفاق بفعالية بغية ترجمة الالتزامات المتعهد بها في ابوجا على ارض الواقع، ويتطلب تحقيق ذلك من الناحية العملية التعزيز الفوري لقوة وقوام بعثة الاتحاد الافريقي في السودان المنتشرة حاليا في دارفور، ولاشك ان توسيع هذه البعثة بحيث تصبح بعثة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة تعتمد في نواتها وجوهرها على بعثة الاتحاد الافريقي المنتشرة حاليا في دارفور هو من الأمور المطروحة حاليا من اجل ضمان تنفيذ الاتفاق وتحقيق الاستقرار، ويحتاج الى تشاور مسبق مع حكومة السودان حول ولايتها وشروط عملها·
ومما لاشك فيه فإن الأجواء الايجابية بعد توقيع اتفاق السلام في ابوجا ستساهم في معالجة الأسباب الموضوعية وراء التخوفات والتحفظات على انشاء بعثة أممية ودورها، وكلما اسرعنا بتحقيق ذلك، زادت قدرتنا على حفظ السلام على الأرض في دارفور، واقترب بدء جني اهلنا هناك لثمار السلام، ومكنا الخرطوم من العمل على طمأنة كل طوائف المجتمع السوداني بشأن دور قوات الأمم المتحدة والاستقرار في دارفور، ولاشك ان المشاورات الاخيرة بين السيد الاخضر الابراهيمي وكبار مسؤولي الحكومة السودانية حول الموضوع كانت خطوة هامة في الاتجاه الصحيح، فقد فتحت الطريق امام بدء عمل بعثة التقييم الفنية المشتركة بين الاتحاد الافريقي والأمم المتحدة تنفيذا لقرار مجلس الأمن ،1679 لذا يظل التشاور بين حكومة الوحدة الوطنية السودانية والأمم المتحدة هو وحده السبيل لخلق مناخ الثقة في انه سيتم الحفاظ على سيادة هذا البلد العربي الافريقي الكبير·
واذا مضينا معا في هذا الطريق، فستعمل البعثة المؤيدة من مجلس الأمن وطبقا لنصوص اتفاق السلام، مع حكومة الوحدة الوطنية السودانية ومع أهل دارفور للإسهام في حماية السكان ومساعدة النازحين واللاجئين على العودة الى ديارهم مع خلق المناخ المناسب لهذه العودة، وكذلك اعانتهم على اعادة بناء حياتهم، وستعزز البعثة من احترام حقوق الإنسان وتهيئ بيئة مواتية لتحقيق المصالحة الوطنية، في اطار مؤتمر أهل دارفور الذي ستشارك فيه الجامعة العربية مع الاتحاد الافريقي والأمم المتحدة واطراف دولية فاعلة، وكذلك من خلال الجهود التي ستضطلع بها الدول والصناديق الدولية والعربية والافريقية لتقييم الاحتياجات التنموية وإعادة الإعمار، وستعمل هذه البعثة جنبا الى جنب مع الحكومة ومع وكالات المعونة لكفالة استمرار حصول أهل دارفور على ما يحتاجونه من غذاء ومأوى·
ومن المتصور ان تكون هذه البعثة المعززة متنقلة وقادرة في ذاتها على التعامل مع المخاطر التي تشكلها القوى الساعية الى زعزعة السلام·
ومن الأهمية بمكان ان تحصل بعثة الاتحاد الافريقي في السودان على ما يلزمها من تمويل وموارد للشروع في تنفيذ الاتفاق الى حين الانتهاء من هذا الموضوع، بما في ذلك تقديم الدعم لبعثة الاتحاد الافريقي في السودان في المراحل الحالية تجنبا لعواقب سلبية كثيرة، وهو ما أكد عليه القادة والزعماء العرب في قمتهم المنعقدة في شهر مارس الماضي بالخرطوم، وعلاوة على ذلك، ينبغي للمجتمع الدولي بأسره ان يعتبر النجاح الذي تحقق في ابوجا خطوة اولى وان يقرن القول بالعمل خاصة فيما يتعلق بجهود التنمية وتحقيق الاستقرار والمصالحة الوطنية·
وأحث ابناء العالم العربي والاسلامي خارج السودان على الالتفاف حول اتفاق ابوجا ودعم كافة الجهود لتعزيزه بفعالية حماية لاخوانهم في دارفور، وفي عموم السودان·
اننا نمر بلحظات حرجة في السودان سواء في الجنوب أو في دارفور ومحيطيهما، وقل ان تتاح فرص مماثلة لتحقيق السلام مثل هذه، وعلينا جميعا مسؤولية جسيمة للتحرك بسرعة لكفالة استثمار فرصة تحقيق السلام في السودان الجديد وعدم السماح بفواتها·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©