الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مشردو هايتي... لا أمل في الأفق

مشردو هايتي... لا أمل في الأفق
22 سبتمبر 2010 23:19
إعادة الإعمار الموعودة بالنسبة لهايتي التي شلها الزلزال، تتوقف على الموضوع الشائك جداً والمتعلق بسؤال بسيط هو: أرض من هذه؟ ولنأخذ هذه البقعة الأرضية الواقعة قرب خطوط النقل الرئيسية في المدينة قبالة طريق ديلماس 33 على سبيل المثال. فقبل حدوث الزلزال، قبل ثمانية أشهر، كانت الماعز ترعى هنا وكان المزارعون المستأجرون يزرعون الذرة وقصب السكر في بعض القطع. لكن إحدى عائلات هايتي الغنية تدعي ملكية هذه الأرض التي تناهز مساحتها 29 فداناً وتطالب بها. واليوم، يَعتبر قرابة 25 ألف شخص هذه الأرض أرضهم. من التل في الأعلى، يبدو المخيم كبحر من أقمشة الخيام التي تلفحها أشعة الشمس. وبالاقتراب أكثر، يبدو المكان كحي يوماً بعد يوم: أسطح قصديرية، وهياكل خشبية، وأسيجة، وحدائق... بل يفخر بتوافره على محال بقالة، وصالون تجميل، وحانات، بل وحتى مقهى إنترنت. عندما أتت مجموعة من رجال "الأمن" في الحافلات بمذكرات إخلاء، طردهم سكان المخيم بالعصي والحجارة والمناجل. وكان السكان قد فعلوا الشيء ذاته مع عمال المساعدات الذين كانوا يحاولون تسجيل وجودهم فقط. وفي هذا الإطار، تقول كاتلين كامين: "هذا لا يعني أننا مرتاحون هنا... فعندما كانت تمطر ليلة أمس مثلا، ملأتُ ثلاثة أسطل من الماء من منزلي. لكن لا أحد يخبرنا بالمكان الذي يريدوننا أن نذهب إليه، وأنا لا أريد الذهاب إلى مكان أسوأ حالا". والواقع أنه لا أحد يعرف إلى أين يمكن نقل أكثر من مليون شخص نزحوا من مناطقهم بسبب زلزال الثاني عشر من يناير. الحكومة ومنظمات المساعدات الأجنبية تريد إعادة الكثيرين إلى أحيائهم القديمة أو فضاءات مفتوحة بالقرب منها وبناء بيوت لهم. لكن تلافياً لتأجيج وضع متشنج أصلا، عليهم أن يعرفوا من يملك الأرض التي سيتم البناء عليها. وفي هايتي، يتطلب هذا الأمر دخول مستنقع قديم قدم البلد نفسه تقريباً. وفي هذا السياق، قال الرئيس "رينيه بريفال" في مقابلة معه مؤخراً: "مشكلة سند الملكية تعود إلى 200 سنة في هايتي"، مضيفاً: "إذا وضعتَ سندات الملكية، الواحد بعد الآخر، ستجد أن هايتي أكبر من الولايات المتحدة". والواقع أن هايتي تعادل ولاية ميريلاند الأميركية من حيث المساحة، غير أن أجيالًا من الفساد والحكم الديكتاتوري والانقلابات والمحسوبية أنتجت كماً هائلًا من القضايا التي يطالب فيها أشخاص عديدون بالقطعة نفسها من الأرض. وتعليقاً على هذا الموضوع يقول بريفال: "أحياناً تكون كل وثائقهم صحيحة وسليمة... ومن الصعب معرفة من بدأ الغش أولا". على هذه الخلفية، أخذ الضغط يزداد في المخيمات: فمالكو الأرض التي ظهرت عليها المخيمات يريدون التعويض أو إبعاد المحتلين قبل أن يستوطنوا المكان وتصبح منازلُهم دائمة. وثمة عدد متزايد من التقارير حول حدوث عمليات إخلاء بالقوة. وتدعي عائلة "أكرا" ملكية الأرض التي أقيم عليها المخيم، حيث يقول سباستيان أكرا إن العائلة لم تحاول طرد الناس من هنا، مثلما أن الحكومة لم تتصل به من أجل شراء الأرض لبناء مساكن للمتضررين من الزلزال. لكنه يبدو قلقاً أكثر بشأن أرض تقع على بعد نحو ميل، حيث كانت تعتزم عائلته بناء مصنع. فعندما ضرب الزلزال البلاد، قام نحو 15 ألفاً من السكان المجاورين بنصب خيامهم في الموقع. وتريد عائلة أكرا رحيلهم، إلا أنه لا يوجد أي مخطط حكومي بخصوص المكان الذي يمكن أن ينقلوا إليه. ويقول أكرا: "إن الناس يعتادون على بيئتهم بسرعة كبيرة... إنهم يتكيفون مع المكان. هذه هي هايتي!". ويعتبر أكرا أن الموضوع يكتسي حساسية سياسية كبيرة، ويتوقع ألا يتم التعاطي معه قبل الانتخابات المقررة في الثامن والعشرين من نوفمبر، إذ يقول: "إننا نعرف أنه لن يحدث أي شيء من الآن حتى الانتخابات". وقد بدا بريفال واعياً بذلك أيضاً، وقال في المقابلة التي أجريت معه، إن"معارك حقيقية تندلع أحيانا حول الأرض". وكان بريفال قد وضع هدفاً يقضي بإعادة قرابة 26 ألف شخص في "شان دو مارس"، وهي الساحة التي تقع قبالة القصر الرئاسي، إلى أحيائهم القديمة، وبخاصة "فور ناسونال"، وهو مشروع تجريبي لما سيأتي بعده. لكنه سرعان ما أدرك مدى صعوبة وتعقيد مشكلة الأرض. واللافت أن بريفال كان حائراً ومرتبكاً بسبب المشكلة، لدرجة أن رأيه تغير أثناء إجراء المقابلة، حيث أشار في البداية إلى مخططات جريئة لإنشاء بنايات سكنية من عدة طوابق، قبل أن يعترف بأنه حائر ولا يعرف ما ينبغي فعله بخصوص النازحين قبل تحقق تلك المخططات. وفي مكتب متنقل خلف القصر، تقول المهندسة المدنية التي عينها بريفال لحل مشكلة الأرض، "ماري جورج سالمون"، إن المخطط يتمثل في إزالة الأجزاء الأكثر تضرراً من "فور ناسيونال" وبناء صفوف مرتبة من البيوت خشبية الهياكل. غير أن الطريقة الفوضوية وغير المنظمة التي نما بها الحي وتوسع، بممراته الضيقة والمنازل التي بني بعضها فوق بعض، تعني أن المنطقة تأوي عدداً من الناس يفوق الطاقة الاستيعابية للمنطقة المزمع بناؤها، ولن يكون بمقدور 10 آلاف شخص على الأقل العودة. وقد تم حتى الآن بناء نحو 11900 بيت، من أصل 135 ألفاً. وتقول "ليليان فان"، منسقة السكن والأرض والملكية في مجموعة المنظمات الأجنبية التي تحاول بناء بيوت لضحايا الزلزال، "إنها ستكون عملية طويلة. المخيمات ستظل هناك لفترة طويلة، ونريد من جميع الهايتيين أن يدركوا هذا". جو موزينجو - بورت أو برانس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©