مجدي عثمان (القاهرة)
ظهر إعجاب «عبد اللطيف كلوب» بالخطوط منذ أن كان طالباً في المرحلة الإعدادية، حيث كانت تجذبه الآيات القرآنية المكتوبة في المناسبات الدينية في الصحف اليومية، فكان ينقلها ويكبرها يدوياً، فلم يكن هناك تصوير ورقي ليستنسخها، وكان يكبرها بطريقة تكبير الخرائط المدرسية بعمل مربعات على الورقة الصغيرة وأخرى على الحجم الأكبر من الورق، ولم يستخدم الألوان وقتها وإنما قش القمح.
نفذ كلوب في تلك الفترة حوالي 4 لوحات إلى أن التحق بكلية العلوم قسم الرياضيات بجامعة القاهرة، فاستوقفه وجود عدد من المسابقات الفنية التنافسية بين الطلاب، فتقدم إلى إحدى المسابقات بـ 3 لوحات من خط الخطاط الكبير محمد حسني ومنها اللوحة المشهورة له التي تتكون من 3 دوائر، وقد حصل بها على المركز الأول على مستوى الكلية والجامعة معاً، وفي السنة الثانية حصل على المركز الثاني للجامعات عام 1972.
تعليل
عللت اللجنة عدم حصوله على المركز الأول، بأن لوحاته منقولة وليست من تصميمه، وعن ذلك يقول كلوب: «منذ ذلك الحين عاهدت نفسي على أن أقوم بتصميم لوحاتي بنفسي، وبدأت بلوحة بسيطة بالخط الكوفي «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، وكلها في خطوط متوازية طبقت فيها النظريات الرياضية التي درستها تبعاً لتخصصها، ثم نفذت 12 تصميماً من تلك اللوحة في أشكال هندسية مختلفة بالألوان المائية، حيث لم استخدم في حياتي قلم الباست أو الحبر الأسود، فلم أتعلم الخط ولم ألتحق بمدرسة تحسين الخطوط، ولذلك كان استيعابي للخط الكوفي، الذي أستخدم فيه المسطرة والبرجل، ورسمت الحرف من خلال الحس الرياضي الهندسي».
وقام كلوب بتصميم حوالي 35 لوحة بأشكال هندسية للفظ الجلالة فقط، وفي مقاس محدد، وخلال تلك الفترة قام بزيارة قاعة باب اللوق، وفوجئ بمعرض صيني وكل أعماله لا تتجاوز مساحتها المتر المربع، ومكتوب تحت كل عمل المدة التي استغرقها في التنفيذ والتي لا تقل عن 15 عاماً.
تحول
ويقول كلوب إن تلك الأعمال رغم أنها منذ العام 1975 إلا أنني ما أزال أتذكرها لإبداعها غير المتخيل، فتجد عمل عبارة عن كتلة من الخشب ونحت فيها أكثر من 20 فارساً وقنطرة، وترى حافر الحصان بتفاصيله وشعر الحصان وهو يطير.
وحدث تحول منذ مشاهدته لذلك المعرض، فلم يعد يضايقه طول الوقت الذي تستغرقه اللوحة، وبدأ الإعداد لمعرض عن لفظ الجلالة فقط، واستخدم فيه كل ما يمكن تخيله من الهندسة الفراغية، بتغيير زوايا الإضاءة مع المحافظة على الشكل الأول للكلمة.
وأثناء سفره في عام 1991 لدولة الإمارات اكتشف وجود الكرتون الملون بمكتباتها، والتحق بجمعية الإمارات للفنون التشكيلية إلى أن أقيمت مسابقة في العام 1997 واشترك بلوحة خطية أساسها النجمة الثمانية، واستغرقت 700 ساعة عمل، وحصل على المركز الثالث ونظراً لإعجاب الجمهور بطريقة التنفيذ بدأ في العمل على خامة الكرتون الملون، وبعد عودته من الإمارات في عام 2004 قام بتكسير النجمة الثمانية الموجودة في لوحة الجائزة ليخرج منها الحروف الأبجدية، ولها 104 حروف، وقام بتصميمها على ورق الرسم البياني، إلى أن التقى بصديقه السوري «الشورى» المتخصص في البرمجة والشبكات، فأحضر له برنامجاً استطاع من خلاله أن يرسم الحرف العربي كما يريد، ومكث شهرين حتى انتهى من كتابة الأبجدية العربية والإنجليزية وجعلها أحد «فونطات» جهازه، وبدأ كتابته بالبسملة.
كتابة القرآن
ويوضح كلوب أن الصعوبة التي واجهها بعد ذلك كانت في رغبته كتابة القرآن بهذه الأبجدية الجديدة، حيث إنه يحتاج إلى التشكيل، وعلامات التشكيل على الكمبيوتر 10 فقط، لكن القرآن يحتاج إلى علامات كثيرة بدأ يرصدها بقراءة المصحف عدة مرات.
وبدأ كلوب في كتابة صفحات من المصحف الشريف بعد أن انتهى من إعداد أبجديته الجديدة «فنط النجمة» مثل الفاتحة وقصار السور، وتلقى خطاب شكر من مجمع الملك فهد للمصحف الشريف على مجهوده.
ويضيف كلوب أن خط الثلث من أجمل وأرشق الخطوط ويُقرأ بسهولة، وكتب بعد ذلك جزء عم كاملاً بطريقة مصحف مصر بالرسم العثماني والترقيم والذي يقع في 522 صفحة، والذي يختلف عن مصحف السعودية وسوريا المكون من 604 صفحات، وقال له المتخصصون إن هذا أوضح مصحف يمكن قراءته خاصة بالنسبة للأجانب الذين يتعلمون العربية، وهو أول مصحف يكتب على الكمبيوتر في العالم.
«خشب الأبلكاج»
يوضح كلوب إنه سوف يستخدم خشب الأبلكاج بدلاً من الكرتون في كتابة الخط عند عدم توفره، خاصة أن التجربة الأولى للكتابة بالكرتون سبقتها تجربة بالخشب بعد عودة معرضه من الكويت، وكانت بذلك بداية الحرف المجسم، ثم تطورت الفكرة بعد استخدام الكرتون الملون واختيار لوحات كبار الخطاطين مثل محمد عبد القادر وحداد وحامد الآمدي لتنفيذها مجسمة، على أن تكون فراغاتها متناسقة وليست مكثفة في ناحية ومخلخلة في أخرى.
عدد اليوم
